ناتو إسلامي مرتقب… تحالف دفاعي عربي–إسلامي يلوح في الأفق

صنارة نيوز - 19/09/2025 - 11:56 am

الصناره نيوز - خاص

 

توقيع الاتفاقية الدفاعية بين السعودية وباكستان أعاد إلى الواجهة فكرة قيام تكتل دفاعي إسلامي أشبه بما يمكن تسميته "ناتو إسلامي"، يغيّر موازين القوى ويمنح المنطقة مظلة ردع مستقلة. فالالتزام المتبادل باعتبار أي اعتداء خارجي على أحد البلدين اعتداءً على الآخر، يمثل خطوة نوعية نحو مبدأ الأمن الجماعي، ويفتح الباب أمام تحالف أوسع يمكن أن يضم دولًا عربية وإسلامية كبرى.

العدوان الإسرائيلي الأخير على قطر شكّل محطة فارقة في الوعي الاستراتيجي العربي والإسلامي. فقد أظهر أن المنطقة ليست بمنأى عن مخاطر مباشرة تهدد أمنها الوطني، وأن استهداف أي دولة خليجية أو عربية لا يمكن أن يبقى شأنًا محليًا، بل هو رسالة موجهة إلى الإقليم بأكمله. هذا الحدث عزز القناعة بأن أمن الخليج والشرق الأوسط بحاجة إلى منظومة ردع جماعية، لا تعتمد فقط على التفاهمات الثنائية أو الضمانات الخارجية، بل على قوة ذاتية منبثقة من تكتل إسلامي واسع.

في السياق ذاته، لم تعد المظلة الأمريكية تمنح الطمأنينة ذاتها التي عُرفت لعقود. فالمواقف المترددة في مواجهة التهديدات الإيرانية، والانسحابات المفاجئة من ساحات إقليمية، والصمت في لحظات حاسمة كاستهداف قطر، كلها عوامل أثارت شكوكًا حول ثبات الالتزام الأمريكي. هذا الإدراك فتح المجال أمام البحث عن بدائل أكثر استقلالية، وفي مقدمتها بناء تحالف إسلامي قادر على الدفاع عن أعضائه دون انتظار تدخل خارجي.

تحالف بهذا الحجم يحمل مقومات هائلة. القدرات النووية لباكستان، والموارد الاقتصادية والطاقة لدول الخليج، والقوة البشرية والجغرافية لمصر وتركيا والمغرب، تشكّل معًا عناصر توازن جديدة. مظلة كهذه لا تعني بالضرورة الدخول في صدام مباشر مع قوى أخرى، لكنها تفرض واقعًا مختلفًا: أن أي اعتداء على دولة عربية أو إسلامية لن يُقابل برد منفرد، بل برد جماعي يجعل تكلفة العدوان باهظة.

بطبيعة الحال، يظل الطريق أمام "ناتو إسلامي" محفوفًا بالتحديات. فالتباينات السياسية بين الدول الإسلامية، والحساسيات التاريخية، وضغوط القوى الكبرى، كلها قد تعرقل قيام منظومة متكاملة. لكن الاتفاق السعودي–الباكستاني يقدم نموذجًا عمليًا يبرهن أن الإرادة موجودة، وأن البناء التدريجي عبر خطوات ثنائية قابلة للتوسع هو المدخل الأنجع نحو صياغة تحالف أوسع.

اليوم، ومع تزايد التهديدات المباشرة كما برز في العدوان على قطر، تبدو المنطقة أمام خيار استراتيجي مصيري: إما البقاء في دائرة الاعتماد على قوى خارجية قد تعيد ترتيب أولوياتها بعيدًا عن الشرق الأوسط، وإما الانطلاق نحو صياغة مظلة دفاعية إسلامية تعيد رسم موازين القوى على أسس جديدة أكثر استقلالية وتماسكًا. وفي عالم يتجه نحو التكتلات الكبرى، قد يكون هذا الناتو الإسلامي المرتقب هو الورقة التي تمنح العرب والمسلمين القدرة على الانتقال من موقع المستهلك للأمن إلى موقع المنتج له، بما يعيد التوازن إلى هندسة الأمن الدولي في القرن الحادي والعشرين.