الشركات الخاسرة، وكشف المستور: شركات تعلن أرباحا ولا توزع قرشا!
صنارة نيوز - 2022-05-04 09:16:25من خلال مسح سريع للشركات المدرجة في السوق المالي الأردني، ملفت للانتباه حقائق جوهرية تستحق الوقوف عندها.. منها أن عشرات الشركات حققت خسائر على مدى أكثر من ١٠سنوات ماضية، ومجموع هذه الخسائر يفوق رأس مال الشركة، ولم توزع هذه الشركات قرشا واحدا على المساهمين منذ تأسيسها. وفي المقابل، تجد عشرات الشركات تعلن في معظم السنوات عن تحقيق أرباح، ولكن لا توزع أرباح على المساهمين، وسعر السهم أقل من ٣٠ قرش. وسعر السهم يعكس مستوى تقييم المستثمرين للشركة وموجوداتها الحقيقية! فأين تذهب الأرباح؟
ومن الطريف أيضا، أنك تجد شركة تعلن عن تحقيق أرباح في معظم السنوات، ولم توزع قرشا واحدا على المساهمين منذ تأسيسها، وسعر سهمها ١٧ قرش، وراتب المدير العام مع المزايا أكثر من ١٧ ألف دينار شهريا!
أرقام وبيانات مالية مدققة، وتقارير سنوية، وإعلانات رسمية، واجتماعات هيئة عامة، وتكاليف تدفعها الشركة بسخاء للإنتاج ونقل ومصاريف إدارية وخدمة ديون؛ والنتيجة: خسائر لها بداية، ولا نرى أن لها نهاية..! أين الخلل؟ أين الجهات الرقابية؟ أين مجالس الإدارة؟ بل.. أين المساهمون؟
والحقيقية الصادمة أن إدارات معظم هذه الشركات لم يجر عليها أي تغيير منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا، فالمدير العام نفسه ومجلس الإدارة نفسه مع تغيرات طفيفة لبعض الأعضاء! وفي كل عام، تقرأ في الصفحات الأولى من التقرير السنوي كلمة الرئيس، التي يشكر فيها إدارة الشركة على إنجازاتها وكفاءتها وحسن أدائها وقدرتها على مواجهة التحديات، وأن الإدارة تعمل على تطوير الشركة وفق خطة استراتيجية وأهداف واضحة. ولكن الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة هي التي تسببت في الخسائر المعلن عنها هذا العام... وفي العام الذي يليه تقوم الشركة بنسخ نفس كلمة الرئيس كما هي (كوبي - بيست).. وهكذا يستمر الحال لأكثر من عشر سنوات!!
هذه الشركات أدنى ما يمكن أن توصف به أنها "شركات فاشلة".
وربما ذاكرة المستثمر ضعيفة، فيجب أن لا ننسى شركات بالعشرات، كانت تتمتع بنفس المواصفات، تعثرت وتبخرت حقوق المساهمين فيها، وتحولت إلى التصفية الاجبارية أو في طريقها إلى التصفية حيث لا وجود لها سوى السهم المتداول في السوق الرابع بقروش معدودة.
وعودة إلى الشركات التي لا زالت قائمة وتعلن عن خسائر على مدى عشر سنوات ماضية أو أكثر ولم توزع أي أرباح على المساهمين؛ هل تنتظر الجهات الرقابية هذه الشركات حتى تتعثر بصورة نهائية ويفقد المستثمرون كل أموالهم؟ ثم تتحول إلى التصفية الإجبارية؟ هذه الحقائق لا تخفى على أحد، بل ولا يستطيع أحد أن يخفيها، لأن البيانات المالية منشورة وفي متناول الجميع، علما بأن البيانات المالية لا تعتمد ولا تنشر إلا بعد أن تكون قد خضعت للعديد من عمليات (التجميل والبوتكس).
فهل الجهات الرقابية تقوم بغض الطرف عن هذه الشركات لعدم رغبة الجهات الرقابية في (كشف المستور)! ففي وثيقة صادرة عن الأمم المتحدة (الأونسيترال) والتي تضمنت مؤشرات الاحتيال التجاري، ورد في البند ٨ صفحة ٦١ (قد ينظر إلى عمل الموظف الكبير او التنفيذي على أنه من التعقيد والأهمية وأنه هو من يحقق الربح للشركة (أو التقليل من الخسارة) – فهذا التصور لا يدع مجالا للشك فيه أو مساءلته أو التدقيق على أعماله، وبذلك يبقى النشاط الاحتيالي الذي يمارسه مستورا).
أما آن للجهات التي تنظم عمل الشركات في الأردن أن تقوم بدورها وفقا لروح القانون، وليس فقط أن تقوم بدور إداري يتمثل في إيداع البيانات المالية في ملف الشركة ونشرها. إن المصلحة العامة والمسؤولية القانونية والأدبية تفرض على المسؤولين في الجهات الرقابية القيام بدورهم من خلال استحداث آليات ولجان رقابية توفر حماية حقيقية للمستثمرين وتصويب أوضاع هذه الشركات – قبل فوات الأوان.