اعتذار.. لشركائنا في الوطن
صنارة نيوز - 2015-03-07 11:45:43«..وكان الاسرائيليون يأملون في البداية في تجويع الفلسطينيين، طبقا لما ذكره المسؤولون العسكريون الاسرائيليون. ولكن وجود رجال الدين قضى على هذه الخطة. وتبين للاسرائيليين ان عليهم الاستمرار في امداد رجال الدين بالمواد الغذائية او المخاطرة بتجويع القساوسة والرهبان والراهبات، ايضا. ولذلك اقاموا نظاما سريا لتسليم المواد الغذائية، حيث كانوا يسلمونها عبر مداخل عديدة للمجمع. الا ان رجال الدين، بدورهم، استمروا في مشاركة الطعام مع الفلسطينيين...»
«..وكان هناك حوالي 200 فلسطيني داخل الكنيسة المظلمة التي لا يضيئها الا مجموعة من النوافذ المرتفعة والشموع. وكان العديد من الرجال والأولاد غرباء، وإن كان هناك بعض الاصدقاء هنا وهناك. كما كان هناك عناصر من فصائل معارضة مثل حركتي الجهاد الاسلامي وحماس وكتائب شهداء الاقصى ـ الجناح العسكري لفتح..»
والحديث هنا عن أم الكنائس، كنيسة المهد، مهد السيد المسيح في بيت لحم، والقصة.. حصار كنيسة المهد، وهو حصار فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على المسلحين الفلسطينيين داخل كنيسة المهد في مدينة بيت لحم (منذ 2 أبريل آذار 2002 لغاية 10 مايو أيار 2002 ) فقد لجأ إليها نحو 300 من الفلسطينيين الين طاردتهم قوات القتلة اليهود، الذين اتهموا من قبل بقتل نبي الله عيسى عليه السلام، فوجد اللائذون بمهد المسيح ملجأ من قتلة الأنبياء، وتقاسموا مع القساوسة والرهبان رغيف الخبز، وشربة الماء، وأقاموا الصلوات الخمس جماعة في باحات الكنيسة!
هذه هي علاقة مسلمي ونصارى بلادنا، فهم منا، ونحن منهم، ثقافة وحضارة، وانتماء لهذه الأرض الطيبة، وما فعلته داعش وتفعله بنصارى العراق وسوريا لا يقره عقل ولا دين، ولا منطق، فقد عاشوا محنة غير مسبوقة في هذه البلاد، ولا يمكن لنا أن نصمت عليها!
ونتذكر هنا أيضا، المسحراتي المسيحي ميشيل، الذي ينتظر رمضان بفارغ الصبر لإيقاظ المسلمين في عكا من نومهم لتناول السحور بل إنه دأب على الصوم يومين معهم تضامنا وتأكيدا على اللحمة الوطنية. ميشيل أيوب (38 عاما) يواظب كل ليلة على القيام بدور المسحراتي في بلدته رغم انتمائه للدين النصراني، لأكثر من عقد مضى من السنين، يقول ميشيل، وليت داعش تسمعه، إنه يفعل ذلك احتراما للصوم والصائمين ومساهمة في تعزيز اللحمة الوطنية في مرحلة تكثر فيها الانشقاقات.
أيوب شاب في غاية الرشاقة وصوته حنون جدا يواظب على التجوال بين أحياء بلدته حاملا واحدة من أدواته، الطبلة ليلا، ويعمل من أجل لقمة عيشه في البناء والترميمات نهارا. وتزدان جدران منزله بأعمال فنية من صنع يديه خاصة الأعمال الخشبية وأبرزها للسيدة العذراء مريم. ولا يكتفي بوضع أناشيد دينية رقيقة بل
يضمنها معان تربوية. ومن هذه الأناشيد:
اصحى يا نايم وحد الدايم/ رمضان كريم يا رمضان/ قول نويت ان حييت شهر الصيام/ وبالفجر القيام/ اصحى يا نايم وحد الدايم رمضان كريم/ مسحراتي منقراتي ومنجراتي دواليب زمان
ما تشكو يا ناس من دقة شاكوشي/ يا ناس حبايب يا ناس جيران/ انا قلبي دايب على البيبان
لا ظني سيئ ولا جبان.. وعن ذلك يقول إنه أصلا يرى نفسه حاملا رسالة تربوية اجتماعية مفادها أن المسلمين والمسيحيين أخوة وشعب واحد يقيمون في وطن واحد ويلتقون في التوحيد بالله. وتطرب الآذان لسماعه وهو ينشد أناشيد السحور ويقرع طبلته التراثية التي يحبها ويقول متوددا إنها تحكي معي أسألها فتجيب بصوتها الرنان الحنون، عاهدت ربي على مواصلة مشواري هذا حتى يأخذ بوداعتي .
ميشيل، النصراني، الفلسطيني، ماذا ستفعل به داعش، لو وصلت إلى هناك وأي كارثة ستحل بهذه الأمة، لو قيض لها ان تمتد سيطرتها إلى هذه الديار؟
هل يكفي الاعتذار لنصارى العراق وسوريا، ولكل شركائنا في الوطن والمصير في الشرق؟