نتنياهو: نريد منطقة منزوعة السلاح من دمشق إلى جبل الشيخ
صنارة نيوز - 02/12/2025 - 4:32 pm
في تصريح عاجل أعاد خلط أوراق المشهد الإقليمي، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن حكومته “تريد إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق حتى جبل الشيخ”، في موقف يفتح الباب أمام أسئلة كبرى حول ظروف التصريح وتوقيته، والرسائل الأمنية والسياسية التي يحملها.
مضمون التصريح… وماذا يعني ميدانيًا؟
يركّز نتنياهو في تصريحه على مطلب إقامة منطقة منزوعة السلاح بين دمشق وجبل الشيخ، وهي منطقة حساسة ترتبط بحدود الجولان المحتل وتمتد إلى عمق السيادة السورية. هذا الطرح يعني عمليًا: تحويل شريط واسع من الأراضي السورية إلى منطقة أمنية يتحكم بها الاحتلال بشكل غير مباشر، وتكريس واقع أمني جديد يمنع الحضور العسكري السوري أو أي حليف له في هذه المنطقة، محاولة تثبيت خطوط تماس جديدة تتجاوز اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.
منطقة الجولان… البعد الجغرافي والأمني
تمتد المنطقة التي يتحدث عنها نتنياهو بين العاصمة السورية دمشق وجبل الشيخ، وهي منطقة تمثل: عمقًا استراتيجيًا للجيش السوري، شبكة طرق عسكرية مهمة تربط الجنوب السوري بالمركز، وحزامًا دفاعيًا لطرفي الجبهة في أي تصعيد واسع.
ومجرّد طرح نزع السلاح فيها يعبّر عن رغبة الاحتلال في إضعاف القدرة العسكرية السورية وتقليص نفوذ حلفائها، خصوصًا مع تعقّد الوضع في الجنوب.
لماذا الآن؟ السياق السياسي والأمني
يأتي تصريح نتنياهو في ظل: تكرار التوغلات الإسرائيلية في القنيطرة ومحيط الجولان، وارتفاع وتيرة الهجمات الجوية الإسرائيلية داخل سوريا بشكل ملحوظ، وتحوّل الجنوب السوري إلى ساحة اختبار للنفوذ الإيراني والروسي.
الضغط الداخلي على نتنياهو
يرتبط الخطاب أيضًا بالساحة الإسرائيلية الداخلية: تصاعد الانتقادات ضد الحكومة في ملف الأمن شمالًا وغزة، ومحاولة نتنياهو تقديم صورة القائد الحازم القادر على فرض شروط جديدة في المنطقة، وتوظيف الملف السوري لإعادة ترتيب أولويات النقاش الإسرائيلي بعيدًا عن الأزمات الداخلية.
قراءة في الدلالات… هدف أمني أم أوراق تفاوضية؟
تحمل دعوة نتنياهو عدة رسائل يمكن قراءتها من زوايا مختلفة:
1. إعادة صياغة قواعد الاشتباك
يسعى الاحتلال إلى: فرض منطقة عازلة واسعة تشبه “حزامًا أمنيًا جديدًا”، ومنع تموضع أي قوة مقاومة أو حليف لسوريا قرب حدود الجولان.
2. محاولة استغلال اللحظة الجيوسياسية
مع انشغال المنطقة بملفات غزة، البحر الأحمر، والضفة: ترى إسرائيل فرصة لفرض واقع جديد في الجنوب السوري دون ردع حقيقي. محاولة استباق أي تطور سياسي دولي يعيد التركيز على الاتفاقات الحدودية القديمة.
3. ورقة تفاوض مستقبلية
قد يستخدم نتنياهو هذا الطرح: كأداة ضغط على دمشق في أي محادثات برعاية دولية مستقبلية. أو كخطوة دعائية تسبق تحركًا عسكريًا محدودًا في الجنوب.
رابعًا: هل المنطقة مقبلة على توتر أكبر؟
التصريح يفتح الباب أمام سيناريوهات تصعيد، أبرزها: تكثيف التوغلات الإسرائيلية داخل العمق السوري بحجة “إبعاد الخطر”، واحتكاكات محتملة بين القوات السورية أو مجموعات حليفة وبين الجيش الإسرائيلي، وتعقيد أكبر لاتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، وربما محاولة لإعادة تفسيره أو تجاوزه.
تصريح نتنياهو ليس مجرد إعلان سياسي عابر، بل إشارة إلى رغبة إسرائيلية في إعادة رسم خط أمني يمتد إلى عمق السيادة السورية، تحت ذريعة حماية الحدود، لكن قراءة أعمق تكشف أن الخطوة تحمل نزعة توسعية أمنية تعكس مأزق الاحتلال في جبهات أخرى، ومحاولة نقل مركز التوتر نحو الجنوب السوري.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يتحول مطلب “نزع السلاح” إلى خطة ميدانية فعلية… أم إلى ورقة ضغط جديدة في لعبة النفوذ الإقليمي؟



