"استعادة تكريت": مواجهات عنيفة ومخاوف من تصفيات "طائفية"

صنارة نيوز - 2015-03-05 08:39:04

 يعيد استعصاء مدينة تكريت على القوات العراقية المهاجمة لتحريرها من تنظيم داعش المتطرف، بعد اربعة ايام من المواجهة القاسية، سيناريو معركة الفلوجة في العام 2004 حين استخدم جيش الاحتلال الاميركي الفوسفور الابيض لدخول المدينة.
الغموض والالتباس يضفيان مسحتهما على معركة انتزاع تكريت وعموم محافظة صلاح الدين من يد تنظيم داعش، الذي تقول القوات العراقية انها تعمل على "محاصرته" داخل المدينة في اليوم الرابع من العملية العسكرية، التي يخشى ان تفضي الى نبش ثارات قديمة وتصفيات على أسس طائفية.
ومع استمرار معارك الكر والفر بين الطرفين على حدود مدينة تكريت، سجلت خسائر متفاوتة للطرفين بالأرواح والمعدّات.
قائد ميداني كبير يقول ان "المعلومات تؤكد أنّ داعش سيقاتل حتى النهاية، ولدى عناصره أحزمة ناسفة لكل مقاتل سيفجر نفسه لمنع أسره، لذا فالمعركة صعبة للغاية، ومثل تلك الحالات مرت بها القوات الأميركية العام 2004 بالفلوجة، واضطرت إلى استخدام مادة الفسفور الأبيض بعد استعصاء دخولها لأكثر من 20 يوماً من المعارك الضارية".
وتؤكد مصادر ميدانية وسياسية متطابقة، أن القوات العراقية تقف على مسافات متباينة من مدينة تكريت أكثرها قرباً المحور الشرقي بواقع (2 كيلومتر) فقط عن أول أحياء تكريت، وأبعدها (12 كيلومتراً) من المحور الغربي، حيث سكتت أصوات الرصاص من البنادق الخفيفة والمتوسطة لتتحدث الصواريخ والمدافع من كلا الخصمين.
وتوضح أن كلا من طرفي الجبهة يمتلك عوامل تفوق على الآخر، إذ يملك تنظيم "داعش"، ما بين 2000 إلى 3000 آلاف مقاتل، من بينهم نحو 100 انتحاري و300 آخرين من كتيبة "أبو دجانة الأنصاري"، وغالبيتهم من بلدان شمال أفريقيا (أي تونس والجزائر والمغرب وليبيا)، فضلاً عن سوريين ويمنيين.
ويتحصن مقاتلو "داعش" خلف تضاريس طبيعية مكنتهم من تخفيف وقع الصواريخ المُوجه عليهم من الطائرات، فضلاً عن المباني الطرفية المحيطة بالمدينة، وكثافة الأشجار من المحورين الشرقي والشمالي، بحسب ما أفاد به مستشار في وزارة الدفاع العراقية يرافق قوات الجيش هناك.
وأوضح المستشار، محمد الجبوري، أن "هذه أعداد داعش المتوقعة في المدينة ولديهم مخزون كبير من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، ويملكون دبابات ودروعاً ومدافع ثقيلة استولوا عليها من الجيش، عند احتلالهم تكريت في حزيران (يونيو) الماضي".
وبين المستشار العسكري، أنّ "عناصر داعش يمتلكون الأفضلية في مسك الأرض وطبيعتها على عكس القوات العراقية المشتركة، حيث تتواجد في مناطق صحراوية مفتوحة، يجعلهم مكشوفين أمام رشقات الصواريخ والقذائف المدفعية التي يطلقها داعش بين ساعة وأخرى".
غير أنّ الجبوري، أكّد في المقابل، أن "القوات العراقية تمتلك الأفضلية في المطاولة واستمرار إمدادات السلاح والمقاتلين والغطاء الجوي، إذ إن القذيفة التي يطلقها داعش لا تعوض بغيرها، على عكسنا نحن تماماً، كما أن عديد مقاتليهم يتناقص وهم يقبعون الآن في فخ الاستنزاف الذي لن يطول كثيراً".
وعلى صعيد خسائر الطرفين، قال ضابط بالجيش العراقي، إن "56 شخصاً من قوات الأمن والمليشيات قتلوا خلال المعارك الدائرة منذ يومين في محيط تكريت، وهناك 119 جريحاً غالبيتهم من أفراد المليشيات، ونتوقع أن يكون عدد قتلى داعش بين 30 إلى 40 عنصراً بسبب القصف على مواقع داخلية في المدينة".
وبدأ الاثنين نحو 30 ألف عنصر، من الجيش والشرطة وفصائل شيعية مسلحة وابناء بعض العشائر السنية، عملية عسكرية الاثنين لاستعادة تكريت (160 كلم شمال بغداد) ومناطق محيطة بها، في أكبر هجوم ضد التنظيم المتطرف منذ سيطرته على مساحات واسعة في حزيران/يونيو.
ويثير حجم العملية ومشاركة فصائل شيعية فيها، مخاوف على حياة المدنيين الذين لا يزالون في هذه المناطق ذات الغالبية السنية، واحتمال حصول عمليات انتقامية بحقهم لاتهامهم بالتعاون مع التنظيم.
وتهاجم القوات تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، وناحية العلم (شمالها) وقضاء الدور (جنوبها)، الواقعة جميعها تحت سيطرة التنظيم، من ثلاثة محاور: جنوبا (مدينة سامراء)، وشمالا (جامعة تكريت وقاعدة سبايكر)، وشرقا من محافظة ديالى.
وقال الفريق الركن عبد الامير الزيدي، قائد عمليات دجلة ومقرها ديالى، :"الهدف من عملياتنا هو منع داعش من تنفيذ الهجمات وقطع طرق الامداد والتواصل ونقل عناصره ومحاصرة المدن بشكل تام وخانق كي يتم الانقضاض عليهم".
واشار الى ان القوات المهاجمة "تمكنت من تدمير خط الصد الاول لداعش، وهو نقطة انطلاق لهجماتهم على مناطق ديالى (...) ما ادى الى فرار عصابات داعش وانسحابهم الى داخل المدن".
واوضح ضابط برتبة لواء في الجيش ان "العمليات مستمرة حسب الخطة التي تم الاعداد لها مسبقا، فقطع الامداد وتطويق المدن من مقومات النصر لتلافي وقوع خسائر ومنع التنظيم من شن هجمات جديدة".
اضاف ان القوات "تتقدم تدريجا وببطء بسبب تفجيرات القنابل على جانب الطرق ونيران القناصة، لكن نحقق الاهداف وفق الخطة".
وكانت مصادر عسكرية افادت امس ان تقدم العملية يعيقه لجوء التنظيم المتطرف الى تكتيك العبوات الناسفة واعمال القنص.
ويرجح خبراء ان تؤدي هذه التكتيكات الى إطالة أمد المعركة.
وقُتل ضابط في الحرس الثوري الإيراني، وقائد عسكري في مليشيات "الحشد الشعبي"، في اشتباكات عنيفة بين القوات الأمنية العراقية، تساندها مليشيات عراقية ايرانية ولبنانية من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى، خلال اشتباكات عنيفة دارت امس، في قرية البو عجيل، قرب تكريت.
وبخصوص معركة الموصل المقبلة، تسرع بغداد استعداداتها لتحرير المدينة من سيطرة «داعش»، ولهذا الغرض بدأ وزير الدفاع التركي عصمت يلماز زيارة إلى البلاد لمناقشة المساعدة التي عرضتها بلاده لدعم هذه الاستعدادات تسليحا وتدريبا واستخباريا. 
الوزير التركي، أكد في مؤتمر صحفي أن اجتماعاته في بغداد وأربيل ستبحث التعاون المشترك في الحرب على الارهاب والاستعدادات لطرد «داعش» من الموصل، مؤكدا دعم بلاده لقوات «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم الارهابي الأخطر في العالم.