السنّة يخيرون العبادي.. تنفيذ الاتفاق السياسي أوالمغادرة

صنارة نيوز - 2015-02-26 08:30:06

يواجه التوافق السياسي الذي تشكلت بموجبه حكومة حيدر العبادي انفراط عقده بعدما اعتبر بعض الاطراف الموقعة عليه ان التحالف الشيعي تراجع عن تنفيذ بنوده لاسيما قوانين البعث والحرس الوطني، والتوازن السياسي الامر الذي عده مراقبون بداية لصراعات قد تعصف بالملية السياسية في وقت يسعى العبادي الى تعبئة الشارع عن معركته ضد داعش.

وفي التفاصيل كشف مصدر في تحالف القوى السنية النقاب عن ان"الاتفاق السياسي" الذي وقعته قيادته لتشكيل الحكومة تبدل بآخر لا نعرفه، واوضح ان "المساءلة والعدالة" تحول من ملف قضائي الى مسودة قانون جديدة "لم يكن مطروحا على بساط البحث قبل تشكيل الحكومة.

ورفض المصدر المساومة على مطالب السنة لاسيما "تخفيف" اجراءات اجتثاث البعث والاصرار على ان تلغى هيئة المساءلة، ويحاسب المجرم في القضاء، مع وضع "قائمة سوداء" شبيهة بقائمة الـ(55) الخاصة برموز النظام السابق، بمشمولين في قانون المساءلة يمكن ان يمنعوا بشكل نهائي من العودة الى الحياة السياسية، "حتى لو بلغ عددهم 55 ألفا".

ويحدد المصدر حلين للخروج من الخلاف حول اجتثاث البعث، اما العودة الى الاتفاق السياسي الذي ابرم في ايلول الماضي من جديد وتنفيذه بلا تسويف، او مغادرة العملية السياسية.

يشار الى ان جناحا داخل التحالف الشيعي دعا لتخفيف اجراءات اجتثاث البعث خاصة بالنسبة لبعثيين "قاتلوا داعش وضحوا في مواجهة الارهاب"، الا انه بالمقابل رفض اعطاء "البعثيين" الحرية المطلقة "بلا ضوابط"، مخافة أن يتمكنوا من احتلال "مواقع رئاسية"، ويصر هؤلاء على ايجاد جهة بديلة لهيئة المساءلة.

ويقول النائب عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي ان كتلته ليس لديها اعتراض على نقاط معينة في قانون "المساءلة والعدالة" الذي عرض بنسختين في البرلمان قبل ان يتم سحبهما في جلسة القراءة الاولى. ويؤكد الكربولي: "نحن نرفض وجود القانون برمته، ونعارضه جملة وتفصيلا".

ويضيف الكربولي وهو نائب عن الانبار: "كان الاتفاق السياسي مع التحالف الوطني، الذي انتج بالنهاية الحكومة الحالية، يتضمن تحويل قضية اجتثاث البعث الى ملف قضائي، ومحاسبة المجرمين الذين اساءوا الى العراقيين وفق القانون وارسالهم الى القضاء". لكنه يقول: "فوجئنا بان الاتفاق تغير، وصار للاجتثاث قانون جديد اقسى من النافذ حاليا".

وحول الاتفاق السياسي ومخاوف الشيعة من حصول بعثيين على مناصب رئاسية فيما لو تحول الامر الى القضاء دون ضوابط اخرى، يعلق الكربولي قائلا: "لم نكن سنقبل بكل حال من الاحوال ان يعود كبار البعثيين الى السلطة او يتقلدوا مناصب رئاسية، واتفقنا مع التحالف الوطني على ان نضع قاعدة معلومات خلال ستة اشهر باسماء بعثيين لن يعودوا الى الحياة السياسية ابدا".

ويعتقد الكربولي ان هذا الاجراء كفيل بازالة مخاوف الاطراف الاخرى من حصول بعثيين كبار على مناصب مهمة، كما يؤكد ان كتلته "لم تمانع ان تكون لهؤلاء الممنوعين قائمة شبيهة بالقائمة الاميركية الـ(55) التي وضعت لرموز النظام السابق، حتى وان تضاعف العدد الى الالاف.

بالمقابل يرفض الكربولي اي اجراءات بديلة لتخفيف اثار اجتثاث البعث، مثل استثناء بعض المنتمين الى ما كان يعرف بـ"فدائيي صدام"، او رفعه عن "الوطنيين" الذين حاربوا تنظيم "داعش"، ويقول: "وهل كانوا ينتظرون ان تبقى اجراءات الاجتثاث حتى على بعض القادة العسكريين الذين ضحوا بانفسهم في المعارك ضد المسلحين؟ مثل قائد شرطة الانبار السابق (البعثي) اللواء احمد صداك الذي قتل في تشرين الثاني الماضي بانفجار عبوة ناسفة شمالي الرمادي".

ويضيف الكربولي: "لن نقبل باية اجراءات اخرى تترافق مع بقاء هيئة المساءلة، نريد العودة الى الاتفاق السياسي الذي تشكلت على اساسه الحكومة، والذي كان من ضمنه تحويل الاجتثاث الى ملف قضائي خلال ستة اشهر، وعدم تغيير الاتفاق مثلما جرى في قانون الحرس الوطني ايضا، والا سنخرج من العملية السياسية".

التحالف الوطني: إجراءات جديدة لإنصاف البعثيين دون السماح لهم بالمواقع الرئاسية.

وسط الخلاف حول آلية التعاطي مع ملف البعث اكد نواب في التحالف الشيعي ان كتلا سياسية سُنية "خربت التفاهمات" بسبب رفع سقف مطالبها، ومحاولتها إلغاء الاجتثاث عن كل "البعثيين"، فيما اكدوا ان احدى نسخ مسودة قانون المساءلة التي وصلت الى البرلمان، تنص على "إحلال" هيئة بديلة لهيئة المساءلة وليس "حلها"، وهو ما يناسب مطالبات القوى الشيعية.

ويقول محمد كون وهو النائب عن منظمة بدر بان كتلته لاتزال تجد ضرورة في "رفع الاجتثاث" عن الوطنيين والضباط الذين قاتلوا "داعش"، والمجبرين على الانتماء الى حزب الحاكم حينها، على الرغم من التصادم الذي جرى مع القوى السُنية عقب تمرير مسودة قانون "المساءلة" في مجلس الوزراء دون موافقتهم، ثم اجبار مجلس النواب على سحبه من جلسة العرض، والحديث عن وجود نسختين مختلفتين.

ويؤكد النائب عن بدر: "نحن ندعم ايجاد وسائل للانصاف، مثل موافقتنا على ان يحال المنسبون الى ماكان يعرف بـ"فدائيي صدام" من عمال خدمة وحراس واداريين، الى التقاعد، على اعتبار انهم لم يشاركوا في الاعمال الاجرامية، لكننا لا نسمح باعطاء حقوق للضباط في هذا الجهاز". وتابع: "كما نؤيد ورود فقرة في القانون تشير الى ازالة حظر البعث عن الوطنيين الذين شاركوا في قتال (داعش) لكن بشرط –كما جاء في المسودة- ان لايكون متورطا في الدم العراقي، بالاضافة الى تأييدنا بان تكون قرارات هيئة المساءلة (الجديدة التي ستعمل وفق القانون البديل) قابلة للطعن، ويمكن للمتضرر اللجوء الى القضاء وتمييز القرارات.

ويضيف: ان "رفع سقف المطالب من الكتل الاخرى، واصرارهم على حل هيئة المساءلة، بدون وضع جهة بديلة لها، تسبب في تعطيل الاتفاق على القانون". وان "ترك البعثيين بدون جهة تنظيمية تتابعهم وحل الهيئة، فيه جوانب قانونية خطيرة، ستسمح لكل من انتمى للحزب – المحظور

الى ذلك، يقول هلال السهلاني وهو رئيس كتلة ابراهيم الجعفري في مجلس النواب: إن "التحالف الوطني ملتزم بتعديل قانون المساءلة والعدالة، لأنه ضمن بنود الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة".

ويضيف: ان"الخلافات التي اثيرت حول القانون لايمكن القياس عليها، لأن المسودة التي وصلت الى البرلمان لم تكن بشكل رسمي". ويتوقع رئيس كتلة الاصلاح ان "التصحيحات التي جرت على مسودة القانون، والتي ربما وصلت الان الى رئاسة البرلمان، ستفكك الكثير من العقد وتعيد بناء التفاهمات". ويعول السهلاني على مجموعة من النواب من كلتا الكتلتين "السُنية والشيعية"، يقول عنهم بانهم يعملون بشكل عابر للطائفية، بان يصوبوا القانون لمصلحة البلاد وليس لمصلحة اية جهة دون اخرى.

لكن بالمقابل يجد السهلاني: ان "الحديث عن مبدأ (عفا الله عما سلف) في قضية اجتثاث البعث، والعفو عنهم بلا ضوابط امر غير مقبول، بسبب وجود متضررين من الحزب –المحظور- لايمكن ان نبرر لهم سبب العفو الشامل".

وكان القيادي في التيار الصدري وعضو لجنة تعديل "اجتثاث البعث" السابقة أمير الكناني، قال إن قانون المساءلة والعدالة بنسخته الأخيرة "لن يمرر" في الدورة التشريعية الحالية، بسبب مخاوف أحزاب شيعية من خسارة الانتخابات، واتهامها بالتنازل والضعف إذا مررت بنود التصالح مع السُنة.

وذكر الكناني، أن في هيئة المساءلة عشرات الآلاف من الملفات المعطلة للعفو عن "بعثيين"، تنتظر تمشيتها، وقد تلكأت بسبب مزاجية رئيس الهيئة، ويعتقد أن تلك المعاملات لو روجت، فسيحصل عدد كبير من البعثيين على الانصاف، وسيكون إصلاح عمل الهيئة، بديلًا جيدًا عن تعديل "الاجتثاث" الذي سيفشل البرلمان بتمريره خلال الدورة الحالية، كما يعتقد.

وكشف القيادي والعضو السابق في البرلمان عن ازدواجية في مواقف بعض الكتل الشيعية من قضية "البعث"، ويؤكد أن أحزابًا شيعية كانت تهيمن على السلطة تصرح بالعلن خلاف ما تتحدث به في الاجتماعات المغلقة، متحدثًا عن بعض كواليس اللجنة التي حاولت وضع تسوية للأمر بعد انطلاق اعتصامات الأنبار قبل عامين.

وكان 6 وزراء سُنة رفضوا، مطلع شباط الحالي، تمرير تعديلات قانون "الاجتثاث" داخل مجلس الوزراء، بسبب مخاوف من تحوله إلى "مصيدة" لمعاقبة كل شخص معارض للحكومة بتهمة الانتماء الى حزب البعث، فيما كان تحالف القوى- المظلة السياسية للسُنة في العراق- يأمل أن يتم إلغاء قانون "المساءلة" بالكامل ويجري تحويله إلى ملف قضائي، وعدم وضع ملحق في القانون ينص على حظر الحزب "بدون ضوابط واضحة". كما يقول السُنة إن القانون مازال يعاقب "الشخص" المنتمي إلى الحزب وليس "الفكر"، فيما اضطر مجلس النواب، الاثنين من الاسبوع الماضي، الى سحب نسخة القانون من جلسة القراءة الأولى بسبب الخلافات السياسية.