بعد انقطاع دام عامين…الجسر الجوي البولندي إلى العقبة.. انطلاقة تبشر بموسم سياحي شتوي واعد

صنارة نيوز - 05/11/2025 - 8:55 am

تشهد العقبة مزيدا من التعافي على خريطة السياحة الإقليمية بعد انقطاع دام نحو عامين إثر الأوضاع في المنطقة والإقليم، وذلك مع تشغيل رحلة عارضة بولندية أسبوعية مباشرة إلى مطار الملك الحسين الدولي، في خطوة تبشر بموسم شتوي واعد للمدينة التي تشكل مثلثا ذهبيا يجمع بين البحر الأحمر والبترا ووادي رم.
وتعد عودة الطيران العارض من المؤشرات السياحية الإستراتيجية المهمة لمدينة العقبة، وتعبر عن عودة الطلب الخارجي المنظم على الوجهة، وعن ثقة شركات السياحة العالمية ببيئتها واستقرارها، إلى جانب تأثير عودة الطيران العارض على الأرقام التشغيلية للمطار، وامتداد ذلك ليشمل سلسلة مرتبطة بالسياحة الداخلية، والوظائف الفندقية، وقطاع الخدمات اللوجستية، وصورة الأردن السياحية في أسواق أوروبا الوسطى وجميع دول العالم.
وقال خبراء سياحيون ومراقبون وعاملون في القطاع إن عودة الطيران العارض إلى مطار الملك الحسين الدولي في العقبة بعد انقطاع دام أكثر من نحو عامين تعني الكثير، من أبرزها استئناف تدفق المجموعات السياحية الأجنبية التي تأتي من خلال شركات تنظيم رحلات وليس السفر الفردي، وغالبا ما يكون عبر برامج مسبقة الدفع تشمل الإقامة والنقل والأنشطة، مشيرين في الوقت ذاته، إلى أن هذا النوع من الطيران يشكل شريان الحياة للمواسم السياحية في العقبة الساحلية، لأنه يضمن أعدادا منتظمة من الزوار أسبوعيا، ما يساعد الفنادق والمطاعم وشركات النقل على التخطيط المسبق وتشغيل كوادرها بكفاءة.
وبين الخبير الاقتصادي السياحي أيمن جبر أن الطيران وعودته إلى العقبة والمملكة بشكل عام يعد رافدا مباشرا للاقتصاد المحلي، إذ إن كل رحلة تحمل نحو 150 إلى 200 سائح ينفقون على الإقامة، والأنشطة البحرية، والتسوق، وزيارة البترا ووادي رم وربما مناطق أخرى بالمملكة، وهذا يخلق حركة اقتصادية متكاملة تشمل سلاسل النقل والتوريد، مشيرا إلى أن ذلك ينعكس على استدامة فرص العمل في القطاع الفندقي والخدمي خلال الموسم الشتوي الذي عادة ما يشهد تباطؤا.
وتوضح بيانات منظمي الرحلات، إلى أن الرحلة الأولى وصلت أمس، وستتكرر أسبوعيا ضمن برنامج يمتد حتى 20 نيسان (أبريل) 2026، بمتوسط نحو 190 سائحا على كل رحلة، يقضون عادة أسبوعا في العقبة، قبل أن يتضمن البرنامج زيارة إلى البترا ووادي رم والبحر الميت ضمن ما يعرف بالمثلث السياحي الذهبي.
تنويع الأسواق التقليدية الأوروبية
وبحسب الخبير السياحي يوسف هلالات، فإن "هذه الرحلة تمثل نافذة مهمة لإعادة ربط السياح البولنديين بالعقبة"، مشيرا إلى أن "بولندا جاءت في السنوات الأخيرة ضمن أسواق ناشئة للأردن، لا سيما لغايات السفر الثقافي والطبيعة والغطس، ومع استقرار الحركة الجوية، فإن استهداف المسافر البولندي يعكس إستراتيجية تنويع الأسواق التقليدية الأوروبية وربط العقبة بقاعدة سياحية جديدة تحظى بوعي متزايد عن منتج السياحة الأردني".
وأضاف "هذا الأمر مهم لأن الاعتماد على أسواق محددة يجعل الوجهة أكثر عرضة للتقلبات الجيوسياسية والاقتصادية، أما تنويع الأسواق فيزيد من مرونة قطاع السياحة وقدرته على مواجهة الصدمات".
وقال العامل في القطاع السياحي عبد الله الصالح، إن الآثار الاقتصادية المباشرة والمتوسطة المدى لهذه العودة واضحة، لا سيما زيادة نسبة إشغال الفنادق والمنتجعات في العقبة خلال الشتاء، وهو موسم عادة أكثر هدوءا مقارنة بالصيف، ما يعني تمديد موسم التشغيل للعاملين والقطاع الفندقي وخيارات التشغيل الجزئي في الخدمات، بالإضافة إلى انتعاش دور شركات النقل البري والمرشدين وبرامج الرحلات الداخلية التي تعتمد على برامج أسبوعية تشمل البترا ووادي رم، إلى جانب الأثر الإيجابي على سلسلة التوريد المحلية من مطاعم ومتاجر تذكارات وأنشطة بحرية وغوص ومقدمي الخدمات الترفيهية.
وأضاف الصالح أن كل رحلة أسبوعية تحمل معها مردودا يتجاوز أجر تذكرة الطيران، إذ تخلق دورانا اقتصاديا محليا يتوزع على سلاسل متعددة من الأعمال الصغيرة إلى المتوسطة.
أما الدليل السياحي معمر الحسنات، فاعتبر، من جهته "أن عودة هذه الرحلات بعد توقف عامين تعني أن سمعة الوجهة السياحية تعافت في الأسواق الأوروبية، وأن الأردن -والعقبة تحديدا- استعاد موقعه على خرائط الشركات السياحية"، مؤكدا "أنها تشكل أداة ترويج مجانية غير مباشرة، لأن الزوار الذين يزورون العقبة ينقلون تجربتهم إلى دوائرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعزز من الصورة الذهنية للوجهة".
وأكد الحسنات "أن الطيران العارض يعد اختبارا عمليا لجاذبية السوق الأردني، فإذا نجحت الرحلات وتم تمديدها فقد تتحول لاحقا إلى رحلات منتظمة، وهو ما يرفع قيمة المطار كمحطة دائمة، إلى جانب أنه يفتح الباب أمام تنويع الأسواق السياحية بدل الاعتماد فقط على أسواق تقليدية، مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، لتشمل أوروبا الشرقية ووسط أوروبا، مثل بولندا والتشيك وهنغاريا".
علامة فارقة في تنشيط السياحة
بدوره، قال مفوض السياحة في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور ثابت النابلسي "إن عودة الرحلات الجوية العارضة من بولندا تمثل علامة فارقة في مسار تنشيط السياحة في العقبة بعد انقطاع دام عامين، وهي تؤكد نجاح الجهود المشتركة بين سلطة العقبة وهيئة تنشيط السياحة والمطارات وشركات الطيران في إعادة الوجهة الأردنية إلى الأسواق الأوروبية".
وأشار إلى أن ما يميز العقبة ويجعلها وجهة جذابة للطيران العارض هو تنوع المنتج السياحي الذي تقدمه المدينة، بدءا من الشواطئ والغطس والغوص في البحر الأحمر، مرورا بالرحلات الصحراوية إلى وادي رم، وصولا إلى المواقع التاريخية القريبة مثل البترا، ما يتيح للسائح تجربة متكاملة في وقت قصير.
كما أكد النابلسي أن هذا التنوع يمكن منظمي الرحلات من تقديم باقات سياحية متكاملة تلبي مختلف اهتمامات الزائرين الأوروبيين، ويعزز من فرص بقاء السياح في المدينة لأيام عدة، ما يزيد من الأثر الاقتصادي على القطاع السياحي والفندقي والخدمي، مبينا أن سلطة العقبة وهيئة تنشيط السياحة تسعيان إلى تثبيت العقبة كوجهة سياحية دائمة على خريطة الرحلات العارضة الأوروبية، مع ضمان جودة الخدمات وتجربة سياحية متكاملة تحقق رضا السائح وتدفعه للترويج للمدينة بشكل طبيعي بين معارفه ومجتمعه السياحي في أوروبا.
ووفق مدير عام شركة خبراء الأردن للسياحة منظمة الرحلات الجوية صالح هلالات، فإن "تدشين هذا الخط الجوي السياحي المهم جاء بدعم من هيئة تنشيط السياحة وبالتعاون مع وزارة السياحة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وشركة رينبو البولندية للسياحة، حيث سيشكل انعطافة إيجابية تبشر بموسم قوي للسياحة الشتوية من جانب، وتوصل رسالة إلى العالم بأن الأردن بلد الأمن والأمان والاستقرار والضيافة والكرم من جانب آخر".
وأضاف هلالات "أن أول رحلة جوية حطت على أرض مطار الملك الحسين أمس، وبواقع رحلة أسبوعيا تمتد لغاية شهر 20 نيسان (أبريل) 2026، حيث سيكون على متن كل رحلة نحو 190 سائحا، سيمضون فترة أسبوع في مدينة العقبة يتخللها برنامج سياحي لزيارة مدينة البترا ومنطقة وادي رم".
وأكد "أن خبراء الأردن للسياحة عملت على التسويق للوطن ولمنطقة المثلث السياحي الذهبي من خلال المشاركة في المعارض وتنفيذ حملات التسويق بالتعاون مع كبرى شركات السياحة العالمية تمهيدا لهذه الخطوة"، مشيرا إلى "أن الأردن يعد من الوجهات السياحية الواعدة في السوق البولندي، وأن هناك رغبة لدى المهتمين بالسياحة بزيارة المملكة".