الأردن ـ مصر وفرنسا: ما هي الأوضاع الخطيرة التي تطلبت قمة ثلاثية؟

صنارة نيوز - 07/04/2025 - 8:23 am

بسام البدارين ، القدس العربي) 

البحث عن “أي حل ممكن” عند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هو الدافع الرئيسي أمام اللقاء الثلاثي الذي تستضيفه العاصمة المصرية، الإثنين، على أمل “تحريك” مياه ركدت تماماً عند العدوان والقصف العشوائي واستمرار حرب الإبادة في قطاع غزة. 

عملياً، لا يوجد ما يشير إلى “خارطة طريق” فرنسية محتملة لمغادرة مأزق العدوان على أهل غزة، ولا يوجد أي مؤشر أردني أو مصري يفيد بأن لدى أوروبا كلها تصوراً أو سيناريو يتجاوز الاستمرار في تمرير عبارة “وقف الحرب” والدعوة لمزيد من الإغاثات الإنسانية.

لكن باريس وصفت مبكراً في اجتماعات بالقصر الملكي الأردني، أنها “صديق مهتم”، ويمكن تأسيس شراكة معه لوقف الحالة التي تسيطر على إيقاع الحرب في غزة والضفة الغربية، فيما تزيد ثقة الجانبين، المصري والأردني، بأن بعض الدول العربية الشقيقة لا تتحرك كما ينبغي أو بالحماسة اللازمة للعبور بقرار القمة العربية الأخيرة الذي تمأسس وبني على ما سمي بـ “الرؤية المصرية”.

واضح لغرفة القرار الأردنية أن بعض الدول العربية قد تتجه نحو مساحات معاكسة للرؤية المصرية التي تبنتها قمة القاهرة العربية الأخيرة، والأوضح أن هذا الحراك يضعف الموقف العربي ويقلل من “شأن” التصور المصري، وهو ما تحدث عنه بوجود “القدس العربي” وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر، وهو يعبر عن أسفه في ندوة خاصة مؤخراً؛ لأنه لا يوجد أمام المجتمع الدولي والولايات المتحدة ما يوحي بأن العرب موحدون خلف قرارات قمتهم بخصوص العدوان على غزة.

تلك لم تعد معلومة، بل تحولت إلى قناعة مؤخراً في ظل التداول بين الأردن ومصر، الأمر الذي يشرح مبررات التحاق الأردن بالاجتماعات والمبادرات التي يحاول عبرها الرئيس الفرنسي مروراً بالبوابة المصرية، حيث يزور القاهرة ويلتقي العاهل الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، ثم يزور منطقة العريش بالقرب من حدود غزة، في مبادرة للضغط من أجل تجاوز الحصار العسكري الإنساني.

ليس سراً أن اللقاء الثلاثي الفرنسي المصري الأردني يعقد فيما العالم انشغل بالحرب التجارية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب.

وفيما موقف “وثيقة الجامعة العربية” في أضعف هامش للمناورة، والأهم فيما تستضيف القاهرة اجتماعات تشاورية “فلسطينية”، عنوان البحث الأساسي فيها “مغادرة حركة حماس” للمشهد فصائلياً، والعمل تحت يافطة مرجعية منظمة التحرير في جزئية كانت مطروحة عملياً ضمن ورقة “الرؤية المصرية”.

الأصل أن وثيقة الرؤية المصرية وقمة القاهرة تتضمن بنداً في مرحلة مستقبلة بعد 3 سنوات يتحدث عن “توحيد بعد تجديد الشرعية والمرجعية الفلسطينية”.

لكن الحوارات الفتحاوية المصرية الأمنية التي تجري من يومين بدأت تناقش القفز في ذلك المحور كبداية لتأسيس مشهد فلسطيني مصري عربي توافقي، يعاد فيه توزيع المهام والأوليات في الاقتراح العربي.

الانطباع أن ذلك لا يحصل بدون “تنسيق مسبق” مع الأمريكيين، وأن الرئيس الفرنسي يتحرك وحضر للقاهر على هذا الأساس، لكن دون ضمانات بأن يجد اليمين الإسرائيلي نفسه في حالة مرنة قابلة للتنازل ما دام قد حصل على الأضواء الخضراء من الرئيس ترامب، لا بل يبرر عملياته العسكرية في ظل تحقيق الرؤية الترامبية لمستقبل غزة كهدف.

لم يعرف بعد ما الذي يمكن أن يقدمه الرئيس الفرنسي ماكرون لكل من الأردن ومصر، ولا توجد قرائن على أن التحريك الثلاثي يمكنه أن يقود إلى ممر محدد قابل للتطبيق والتجهيز مجدداً لمغادرة المأزق الحالي، وإن كانت الأغلبية من ساسة عمان الذين استمعت لهم “القدس العربي” الأسبوع الماضي ترجح بأن حجم الانزعاج المصري الأردني من غياب “تأثير حقيقي” على طاقم الرئيس الأمريكي هو الذي يقود عاصمتي البلدين للتعلق بأي بادرة تحريكية يقترحها الرئيس الفرنسي.

يعني ذلك، عملياً، أن الرئيس ماكرون يستعرض أو يحاول في ظل قناعة طرفين أساسيين في معسكر السلام العربي، هما مصر والأردن، بأن “تفاعل” اليمين الإسرائيلي مع الأمريكي بدأ يحرج النظام الرسمي العربي، ويخلط كل الأوراق في الإقليم، لا بل يؤدي إلى “عودة نشطة” للحراكات الشعبية في الأردن و”تململ” بدأت الدوائر الأمنية المصرية تخشاه للشارع المصري، حيث الإعلام اليميني الإسرائيلي في حالة “ضخ جائر” تحريضاً على مصر وجيشها، وعودة غير ميمونة للتحدث عن “خطة ترامب للتهجير”.

العاصمتان، عمان والقاهرة، يتمسكان ببعض الثوابت في زوايا ضيقة للغاية.

ووجود “صديق أوروبي” يظهر اهتماماً هو منطقة تسلل منها بوضوح مؤخراً الرئيس الفرنسي على قاعدة أن التحرك خير من الجمود، كما يقدر السياسي الأردني مروان الفاعوري، الذي ينصح الدول العربية بالتوقف عن توقع الحصول على مكاسب أو وقف العدوان الوحشي من مشاورات مع أطراف معادية وغربية أصلاً تدعم الكيان الإسرائيلي، بل العودة فوراً لجذر الصراع ودعم المقاومة لتحسين المواقع التفاوضية.

ما يقترحه فاعوري وآخرون كثر في عمان والقاهرة، لا يبدو ضمن حسابات السعي نحو مغادرة الوضع المتأزم في العاصمتين… لذلك، فإن التعاطي مع حراكات ماكرون أو غيره هو “المتاح” أو “الممكن الوحيد” خصوصاً في ظل تقدير أردني عميق يقدر بأن تمكين الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة يعني الانتقال وبسرعة للأخطر والأعقد، وهو الوضع المتدهور في الضفة الغربية.

وعليه، قال التصريح الأردني الرسمي الذي تحدث عن مشاركة الملك في لقاء الإثنين الثلاثي بناء على دعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن القمة الثلاثية ستعقد بسبب ما وصف بـ”التطورات الخطيرة” في قطاع غزة.

الملاحظة الأهم هنا عبارة “التطورات الخطيرة” التي تؤشر ضمناً على أن مساحات التكتيك الأردنية المصرية تبدو خالية أو غير فاعلة عند الأمريكيين الحلفاء، وبالتالي خطورة الأوضاع ميدانياً؛ بمعنى خطوة الخطة العسكرية الإسرائيلية الجديدة تقتضي البحث عن “أصدقاء” أوروبيين عبر الرئيس ماكرون.

الاستنتاج الأهم هو ما ذكره مسؤول أردني رفيع المستوى أمام “القدس العربي” عندما عبر عن خشية بلاده من أن “الرئيس ترامب” يبدو أنه “لم يشتر بعد” الخطة العربية و “لا يمانع” مناقشة خطته التهجيرية مع الإسرائيليين أو اعتماد صيغة “يهودا والسامرة”، ما يبرر عبارة “الأوضاع الخطيرة”.(بسام البدارين ، القدس العربي)