هدية لموظف الحكومة
صنارة نيوز - 2016-11-27 09:58:30
الدكتور خالد جبر الزبيدي
عندما تنتهي ولاية رئيس الولايات المتحدة أي رئيس ولدى مغادرته للبيت الأبيض يقوم بأخذ الهدايا الشخصية التي أهديت له من أي شخص في العالم ، والتي يقوم بعمل قائمة بهذه الهدايا ، ومن بعدها يقدمها إلى لجنة مختصة لتقييم هذه الهدايا فالتي تزيد عن مائتي دولار يأخذها الرئيس أما التي تزيد عن ذلك فله الخيار أما أن يدفع ثمنها أو أن يتركها.
وحدث مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون أنه وضع جاكيت جلد أهداها له الرئيس الروماني ضمن قائمة الأقل من مائتي دولار إلا أن اللجنة قامت بتخمينها بـ 600 دولار وبما أنه أحب هذه الجاكيت قام بدفع الـ600 دولار.
هذا الإجراء المتبع وكذلك ما حدث مع كلينتون هو أمر نراه جميلاً من حيث المصداقية والشفافية ، ولكن هذه ليس مرسوم جديد علينا ، فهو إجراء قديم ولكن نحن للأسف لا نرى ولا نسمع من ديننا إلا ما نريد من هوامش منقوصة.
حيث بدأ هذا المرسوم والقانون عندما استعمَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من بني أسد يُقال له: ابن اللُّتْبيَّة - فلمَّا قَدِم، قال: هذا لكم، وهذا لي أُهْدِي لي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فحَمِد الله وأثْنَى عليه، ثم قال: ((ما بال العامل نَبعثه فيأتي، فيقول: هذا لك وهذا لي، فهلاَّ جلَس في بيت أبيه وأُمِّه، فيَنظر أيُهْدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأتي بشيء إلاَّ جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته)) .
من هنا يبدأ التراخي الوظيفي حين يصبح مقرون بالرشوة تحت مسمى هدايا ، حيث أصبح هذه المشهد للأسف نراه حتى في أدنى الوظائف وليس مختصراً على الكبيرة منها في السلم الوظيفي، فترى ذاك الموظف يتراخى في الأداء ولا ينشط إلا من خلال الهدية أو التلميح والإيحاء لها ، وبما أن المواطن أو صاحب الحاجة والذي ضرب المثل به " أن صاحب الحاجة أرعن " لا يملك إلا وأن يقوم بدفع تلك الرشوة أو الهدية لإرضاء ذلك الموظف ، والذي لم يكن يرى هذه الموظف هذه الهدية لو لم يكن على رأس عمله .
ولهذا فإن الشغل في الوظائف العامة يعتبر تكليف يترتب عليه واجبات ومسئوليات والتزامات حيث يشغل الموظفون هذه الوظائف بناء على الثقة الممنوحة لهم ولمصلحة الجمهور مقابل أجر وبالتالي عليهم واجب التصرف بمهنية ونزاهة والتعامل مع الجميع ، وعليهم الالتزام بالقيم المهنية والأخلاقية للخدمة العامة.
من هنا تكون التوجيهات والإرشادات لتعديل السلوك هدفها الارتقاء بمستوى الأداء المهني وجودة الخدمات العامة التي تقدم للجمهور وتعزيز ثقة المواطنين في العاملين بالجهات الحكومية.