أبو هديب يفتتح مقره الانتخابي وسط حضور ضخم من مؤازريه -صور وفيديو
صنارة نيوز - 2016-09-16 20:16:50أيها الأخوة والأخوات الأعزاء ، إنه من حسن الطالع أن نلتقي في هذا المساء الطيب ونحن ما زلنا نعيش أجواء عيد الأضحى المبارك ، الذي يحمل من المعاني ما يعمق فهمنا وشعورنا تجاه أمانة المسؤولية ، عندما نجد أنفسنا أمام التضحية في سبيل بلدنا الغالي ، الذي جعله رب العزة مباركا ، ومنذورا على الرباط في سبيله ، بلدا صابرا صبر المؤمن ، مرابطا على الحق ومن أجل الحق ، فكل عام وأنتم جميعا بألف خير .
أوجه تحية تقدير واحترام لكل واحد منكم باسمه على مشاركته لنا هذا الاحتفال بإفتتاح المقر الانتخابي لقائمة الحق ، التي تشكل رمزا لوحدة شعبنا ، وإرادتنا المشتركة لخوض انتخابات البرلمان الثامن عشر التي تتزامن مع تحديات صعبة ومعقدة يعيشها بلدنا ، وتعيشها منطقتنا ، وأمتنا العربية ، وقد احتدت الصراعات ، وتقسمت البلاد ، ونكبت الشعوب ، فلم يعد أمامننا إلا أن نرسخ قواعد بيتنا ، ونقوي حصونه ، ونرتب أركانه ، حتى يظل قادرا على تجاوز الأزمات والتحديات ، ويضمن أمنه واستقراره وتقدمه .
إن مجلس النواب الذي يفترض أنه يمثل إرادة الشعب الأردني هو ركن أساس من أركان الدولة ، ومؤشر على ضعف أو قوة أداء سلطات الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة ، فنحن في الأصل نظام برلماني ملكي وراثي ، يقوم على التحالف القوي بين الشعب وقيادته الهاشمية ، وفق منظومة من القيم والمبادئ والمثل العليا ، المستمدة من العروبة الأصيلة ، والإسلام القويم ، ولذلك فإن من دواعي العزة والكرامة أن الأردنيين وطنيون وقوميون وإنسانيون ، ولا أحد مثلنا في إنتمائه للأمة العربية ، فالقضية الفلسطينية قضيتنا ، ونحن أكثر الناس ارتباطا بالشعوب العربية من حولنا ، نقاسمها لقمة العيش ، ونعيش أوجاعها مثلما نعيش آمالها .
أيها الأخوة والأخوات
إننا ندرك أسباب الخلل التي لمسناها في داء بعض المجالس النيابية السابقة ، وهي أسباب كثيرة من أخطرها سوء الاختيار ، وعزوف الأغلبية عن ممارسة حقها في الانتخاب ، وعدم إدراك المخاطر الناجمة عن تدني مستوى التمثيل من حيث القدرة والأهلية والخبرة ، وغياب التقاليد البرلمانية التي تليق بالمستوى الرفيع الذي حققه الأردنيون من حيث التعليم والوعي والثقافة ، والانجازات الكبيرة رغم شح الموارد وأعباء تكاليف الأمن وصيانة حدودنا واستقلالنا ، وقد صمدنا في وجه العواصف التي دمرت دولا كانت أفضلا حالا منا من حيث تكامل قدراتها وامكاناتها المادية والبشرية .
واليوم نحن أمام إختبار حقيقي في كيفية التعامل مع أولويات المرحلة المقبلة ، وهي تحديات سياسية تفرض علينا حشد كل طاقاتنا لكي يكون قرارنا السياسي قويا ومؤثرا ضمن معادلة منطقة الشرق الأوسط ، ومن أجل أن نتمكن من حشد تلك الطاقات لا بد أن نواصل طريقنا في الاصلاحات السياسية ، التي تمنح دورا فاعلا للأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني على أساس الديمقراطية والعدالة والمساواة .
وكذلك فإن التحديات الاقتصادية والاجتماعية تتعاظم كل يوم ، ولم يعد ممكنا الاستمرار بهذا المستوى العاجز من التفكير ، والقائم في معظمه على مفهوم الجباية عن طريق رفع الضرائب والرسوم والأسعار ، بدل العمل على تعظيم المشروعات الإنتاجية وتنمية الموارد الطبيعية والبشرية ، وأيضا لا يجوز السكوت على تزايد معدلات الفقر والبطالة ، فذلك هو الخطر الحقيقي على الأمن والسلام الاجتماعي .
إن قائمة أو كتلة الحق قد عبرت عن موقفها تجاه هذه التحديات في بيانها الانتخابي الذي هو بين أيديكم ،وهي على وعي بالمسؤوليات الواجبة عليها تحت قبة البرلمان سواء فيما يتعلق بإعادة الهيبة والوقار لمجلس النواب ، أو وضع آلية لإعادة صياغة العلاقة مع السلطتين التنفيذية والقضائية ، أو في مراقبة أداء مؤسسات الدولة ، أو في تحفيز قوى الانتاج والشراكة الحقة بين القطاعين العام والخاص ، والأهم من ذلك كله تحقيق المصالح العليا للدولة الأردنية .
ها نحن نقف أمامكم في هذا اليوم المبارك ، لنعاهدكم على الحق وهو ليس مجرد شعار اختارته قائمتنا ، بل موقف وعقيدة لا نحيد عنها ، والتزام ووعد نقطعه على أنفسنا ، ونهج سنظل عليه من خلال التواصل المستمر مع قواعدنا الانتخابية ، نرجع إليها ونستلطلع رأيها ، ونعود إليها ، فمن واجب النائب أن يظل على صلة دائمة مع الذين انتخبوه ليكون ممثلا عنهم .
مرة أخرى أشكركم جميعا ، وأملي انكم ستمارسون حقكم في الإدلاء بأصواتكم فذلك واجب وطني ، مثلما هو واجب علينا نحن أعضاء كتلة الحق في الاستجابة لاستحقاق دستوري يحمل النواب أمانة المسؤولية أمام الله والناس ، كي يصونوا حقوق الشعب ، وإرادته في تقرير مصيره ، ومشاركته في صنع القرار ، والمحافظة على متكتسابته الوطنية ، وتأمين حياته الكريمة ومستقبل أجياله الواعد بإذن الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي أن أقف هذا المساء بينكم بصفتي رئيس منتدى الخليل للتنمية الشاملة ، ولي في هذا المقام من الأحبة والأصدقاء من الحاضرين ما يحفزني على قول الحق أمام قائمة الحق ، فصديقك من صدقك ، وليس من صدّقك ، خاصة وأن واقع بلدنا الغالي علينا جميعا ، يدعونا إلى الصراحة والوضوح والمكاشفة الأمينة .
لقد اطلعت على بيانكم الانتخابي ، وأشهد أنه نموذج للطرح الموضوعي في كيفية التعامل مع مصالح بلدنا العليا ، وفيه من المحاور ما يوافق متطلبات المرحلة القادمة بكل ما فيها من تحديات داخلية ، وأزمات خارجية تحيط بنا من كل جانب ، كما أنه برنامج وطني متكامل ، ونهج برلماني منظم ، يأخذ في الاعتبار الأولويات الوطنية التي ستسعى قائمة "الحق" إلى تحقيقها .
واسمحوا لي أن أقدم مساهمتي في هذا اللقاء الأخوي على شكل نقاط تقابل النقاط الواردة في بيانكم .
أولا – إن ترتيب بيت السلطة التشريعية يقوم على أسس واضحة المعالم ، وليست المشكلة في بعض الظواهر المقلقة التي رأيناها في أداء المجالس السابقة ، وإنما في غياب المعرفة للتقاليد البرلمانية عند عدد من أعضاء المجلس ، وفي عدم الإلمام بوظائف مجلس النواب ، وفي الطريقة التي تتم بها مناقشة وسن التشريعات والقوانين ، أو في مراقبة أداء السلطة التنفيذية .
ولا بد هنا من التذكير بأن مجلس النواب ليس مجرد سلطة تشريعية ، وإنما هو جزء لا يتجزأ من تعريف النظام النيابي الملكي الوراثي ، أي مشاركة الشعب في اتخاذ القرار ، ولأن القرار يتعلق بمصير الأردن ومستقبله ، يتوجب على السلطة التشريعية أن ترتقي إلى المستوى الذي يليق بالأردن والأردنيين ، وقيادتنا الهاشمية النبيلة ، التي تمثل مشروعية الحقوق الوطنية والقومية والدينية ، وما كانت يوما إلا مع الأردنيين ، وللأردنيين جميعا .
ثانيا – إن قضية فلسطين هي قضيتنا الأولى ، فالشعبان الأردني والفلسطيني توأمان ، يضمهما تاريخ ومصير مشترك ، وأصول متشابكة عبر التاريخ ، ونحن جميعا شعب من أمة مجيدة ، تتعرض حاليا إلى هجمة شرسة على امتداد الوطن العربي الكبير ، وما يجري في العراق وسوريا وفلسطين على وجه الخصوص يصيبنا في صميم القلب ، وأفضل ما يمكننا عمله هو الحفاظ على أمننا واستقرارنا ، وتعزيز قدراتنا على التعامل مع هذا الواقع المرير والمعقد والخطير ، ومن أولى الأولويات وقوفنا متضامين متحدين خلف قائد مسيرتنا جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ، والذي أدار هذه المرحلة الصعبة بحنكة وقدرة وإخلاص القائد الأمين على شعبه وأمته ،وهو الوحيد الذي ظل يؤمن أن مظلمة الشعب الفلسطيني هي السبب في عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط ، ولم يتخل للحظة واحدة عن سعيه في سبيل نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة على أرضه ، وإقامة دولته المستقلة بعصمتها القدس ، ولا عن ولايته الشريفة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة .
ولذلك فإن أحد عناصر قوتنا يكمن في تعزيز قدرات القيادة العليا في التعامل مع تلك القضايا المعقدة في منطقتنا ، ومع التوازنات الإقليمية والدولية وذلك عن طريق صيانة جبهتنا الداخلية ، ووحدتنا الوطنية المتينة .
ثالثا – لقد قطعنا شوطا معقولا على طريق الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ، ولكن التحديات التي نواجهها اليوم ، تستوجب المزيد من الحيوية ، في اتجاه تحقيق التنمية السياسية كأحد مكونات التنمية الشاملة ، ومراجعة موقفنا من الأحزاب السياسية ، ومنظمات المجتمع المدني ، على أساس المصالح العليا للدولة ، والقضاء على كل ما يتعارض معها ، من فساد أو منفعة شخصية ، أو تمييز من أي نوع ، وفي ذلك يكون الاختبار الصعب للنائب كي يظل وفيا لما ائتمنه الناخبون عليه ، مساويا بينهم ، مخلصا لهم ، ولدوره ومسؤولياته ، تجاه بلدنا وشعبنا النبيل .
رابعا – كلنا يدرك خطورة واقعنا الاقتصادي والاجتماعي بسبب فشل العديد من السياسات ، ونتيجة الأوضاع المأساوية من حولنا ، فضلا عن الأزمات المالية والاقتصادية العالمية ، ونحن لا يمكننا أن نواجه كل تلك التحديات من دون إعادة النظر في كيفية إدارتنا للموارد الطبيعية والبشرية ، وللمؤسسات الإنتاجية ، والخدمات والبنية التحتية ، وبقية عناصر الاقتصاد الوطني التي لا تزال تعمل للأسف في غياب مظلة تضم قطاعاتها المختلفة مثل الصناعة والزراعة والسياحة والصحة والتعليم ، وغيرها ، مما يتوجب تغيير طريقتنا في التفكير خارج المحددات التي وضعتنا في مساحة ضيقة ، حان وقت الخروج منها إلى فضاءات جديدة مبدعة ، وإلى اعتماد الحاكمية بما فيها من مساءلة وشفافية ، إلى جانب ردم الهوة بين التشريعات والقوانين وبين ما تقتضيه من مشورة وطنية قبل إقرارها ، وما تقتضيه من متابعة أمينة للتأكد من حسن تنفيذها .
خامسا – إننا مطالبون ، أكثر من أي وقت مضى بالوقوف صفا واحدا إلى جانب قواتنا المسلحة الأردنية " الجيش العربي " وأجهزتنا الأمنية ، فالأمن في بلدنا ليس وظيفة أو مهنة ، وإنما هو واجب ، وموقف ، ومبدأ أساس في التعبير عن وطنيتنا الصالحة ، وانتمائنا الصادق .
وفي هذه المسألة بالذات ، أود أن أشير إلى أن دور النائب ليس محصورا تحت قبة البرلمان ، ويتوجب عليه أن يؤكد في جميع اتصالاته بقاعدته الانتخابية على معاني الأمن والاستقرار ، وإشاعة الوعي بطبيعة المرحلة التي تمر بها منطقتنا التي دفعت ثمنا باهظا نتيجة التعصب والإرهاب والقتل وتشويه العقيدة ، والاعتداء على الدين الحنيف والخروج عن تعاليمه السمحة كل ذلك بهدف تحطيم دولنا وتدمير انجازاتنا ، ومصادرة مستقبل أجيالنا .
وأخيرا ، أود أن أخاطب بشكل مباشر أخي الدكتور محمد أبو هديب ، وأعضاء القائمة الكريمة لأقول لهم حافظوا على قائمتكم بغض النظر عن نتائج التصويت التي أتمنى أن تفوزوا بها ، فالمصلحة تستوجب أن يحيط بمن يفوز منكم مجلس دائم ، يتشاور معه ، ويتواصل من خلاله من القطاعات والشرائح الاجتماعية التي تنتمون إليها ، وبذلك يصير للنائب كيان سياسي فكري اجتماعي ، يعزز من قوة حضوره ، وقيمة دوره في مجلس النواب ، ويحقق الصورة والمكانة التي يجب أن يكون عليها .
وفقنا الله جميعا لخير بلدنا الغالي ، وحمى الله بلدنا وقائدنا ، وبارك في شعبنا الطيب الأصيل ، إنه قريب سميع مجيب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته