"المسؤولية الطبية" والأجور
صنارة نيوز - 2016-04-23 07:18:32محمد سويدان
حترم الأطباء ومهنتهم الإنسانية ونتمنى دائما لهم التقدم في الحياة المهنية والعامة. ونحترم أيضا الجهود الكبيرة التي يقوم بها الأطباء لتقديم مستوى عال من المعالجة الطبية للمواطنين وغيرهم من طالبي العلاج في الأردن. كما نحترم الدور الكبير الذي يضطلع به الأطباء في خدمة الوطن واقتصاده من خلال السياحة العلاجية التي تدر دخلا على الأردن يقدر بنحو 1.2 مليار دولار سنويا. ونقدر تماما أهمية هذه المهنة للمواطنين وللوطن.
لكن ذلك لا يعني عدم توجيه انتقادات لبعض الممارسات أو التوجهات التي نعتقد أنها خاطئة. ومن المفترض، أن تتسع قلوب الأطباء للنقد أو للملاحظات، وأن يتم التعامل معها، بكل إيجابية بعيدا عن الاتهامية والرفض.
هناك قضايا حساسة لا يحب العديد من الأطباء الحديث عنها، وعلى رأسها قانون المسؤولية الطبية والأجور الطبية. فعند المطالبة بقانون للمسؤولية الطبية، للحد من الأخطاء الطبية والممارسات الخاطئة لبعض الأطباء، ينبري عدد كبير من الأطباء ونقابتهم، للحديث عن سلبيات أي قانون منفصل للمسؤولية الطبية على المهنة والأطباء وعلى المواطنين أيضا. ويصرون على أن الأفضل، أن يكون التشريع المتعلق بالمسؤولية ضمن نصوص قانون النقابة. ومؤخرا، قامت النقابة بتعديل قانونها ليتضمن نصوصا متعلقة بالمسؤولية الطبية. ومع ذلك، فإن ذلك لم يخفف من مستوى المطالبة بضرورة وجود تشريع منفصل حول المسؤولية الطبية، خارج إطار النقابة التي لدى عدد كبير من المواطنين انطباع بأنها لا تتخذ الإجراءات المطلوبة بحق الأطباء المخطئين، وأن هناك تساهلا كبيرا من قبلها تجاه أعضائها، وأن غالبية الشكاوى التي تقدم لها، إما تحفظ، وإما تؤكد براءة الطبيب من المسؤولية، وإذا تمت إدانة أطباء، فبالحد الأدنى من حيث العدد والعقوبة.
ومن القضايا الحساسة التي لا يحب الأطباء أو نقابتهم الخوض فيها، الحديث عن ارتفاع أجور الأطباء. وعند الحديث عن الأجور الطبية، وضرورة أن تكون مناسبة وعادلة وغير مرتفعة، تجد أن أطباء يرفضون هذا الطرح، ويدافعون، بأن أجورهم قليلة ومنخفضة، وأنها لا تتناسب مع الجهد والخدمة التي يقدمونها. وللأسف، هناك شكاوى عديدة متعلقة بارتفاع الأجور الطبية، وعدم قدرة غالبية المواطنين على تحملها. نعم، الجهد الذي يقدمه الأطباء لمعالجة أمراضنا والحفاظ على صحتنا لا يمكن أن يقدر بثمن، ولكن لا بد أن ندفع لهم أجورهم، وفق لائحة الأجور التي تنفرد نقابة الأطباء بإعدادها وإقرارها، وهي بالمناسبة أجور ليست منخفضة أو قليلة، وإنما مرتفعة، وليس بمقدور الكثير من المواطنين دفعها.
لا تنحصر المشكلة فقط بلائحة الأجور، وإنما بمن يتخطاها، ويطلب أسعارا مضاعفة للسعر المنصوص عليه فيها. وهناك أمثلة كثيرة يسردها مواطنون عن أجور طبية اضطروا لدفعها، وهي مرتفعة جدا، مستغلين عدم معرفتهم بلائحة الأجور الطبية، أو من خلال إقناعهم بأن الإجراءات الطبية التي قام بها الطبيب معقدة وكثيرة، وأن الأجر الطبي عادل ومناسب لهذه الإجراءات. نتمنى أن تعيد النقابة النظر في ظل المجلس الجديد الذي تم انتخابه أمس، بموقفها من قانون المسؤولية الطبية، وأن تعمل على تخفيض الأجور الطبية، ومحاسبة كل من يتقاضى أجورا مرتفعة بغير وجه حق.