قارن مسؤول كبير بين برنامج الإصلاح الاقتصادي المنتهي ، والبرنامج القادم من حيث أن الاول كان مالياً بالدرجة الأولى ، أي أنه ركز على عجز الموازنة وارتفاع المديونية ، بينما سوف يركز البرنامح القادم على الجوانب الاقتصادية مثل النمو وسوق العمل والبنية الهيكلية والتشريعات.
أما أن البرنامج السابق كان مالياً بالدرجة الأولى فهذا صحيح ، ولكن التخلي عن إصلاح الجانب المالي في البرنامج الجديد يفترض أنه استكمل عملية الإصلاح ، وأن الوقت جاء للانتقال إلى جوانب أخرى. لكن الحقيقة أن الوضع المالي لم يتحسن في ظل البرنامج السابق ، وأن كثيراً من الأمور سارت بالاتجاه العكسي ، فاستمر عجز الموازنة ، وارتفع الدين العام ليس بالأرقام المطلقة فقط بل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أيضاً.
الجانب المالي سيظل على رأس أجندة الإصلاح الاقتصادي في الأعوام الثلاثة القادمة ، كل ما هنالك أن الأهداف ستكون أكثر صعوبة وجدية ، لأن المطلوب بعد اليوم ليس وقف التصاعد في صافي المديونية ، وهي الآن في حدود 85% من الناتج المحلي الإجمالي ، بل تخفيض المديونية إلى حوالي 75% من الناتج المحلي الإجمالي دون أن يعني ذلك انخفاض المديونية بالأرقام المطلقة.
أما بشأن الموازنة العامة ، فلا بد من تجميع موازنة الدولة لتشمل الحكومة المركزية وجميع الوحدات الحكومية المستقلة لإظهار حقيقة المركز المالي وحجم العجز في القطاع العام.
في 2015 بلغ عجز الموازنة المركزية 930 مليون دينار ، ولكن المديونية ارتفعت بمقدار 3ر2 مليار دينار تمثل العجز الحقيقي للقطاع العام الرسمي.
بعبارة أخرى فإن موازنة الدولة بشكلها الحالي لا تعبر عن المركز المالي الحقيقي ، لأن الفرق بين عجز الموازنة وزيادة المديونية يمثل عجز موازنات الوحدات الحكومية أي حوالي 1370 مليون دينار ، سواء كان معترفاً به أم مخفياً بأساليب المحاسبة الخلاقة.
خلال السنوات الثلاث القادمة سيكون على الحكومة ان تدبر حوالي ثلاثة أرباع مليار دينار إضافية سنوياً عن طريق زيادة الإيرادات وتخفيض النفقات ، الامر الذي يتطلب عدداً من القرارات غير الشعبية والتراجع عن قرارات شعبية.
بالإضافة إلى الموازنة والمديونية هناك متطلبات مالية تنظيمية أخرى لتأمين دراسة جدوى المشاريع قبل البدء بتنفيذها ، وتوحيد موازنات القطاع العام ، وتعديلات في قانون الموازنة وقانون ضريبة الدخل ، وبلورة استراتيجية تسعير الكهرباء والماء وإدارة الدين العام.