ما هو وجه الشبه بين القلاية , وحياتي ؟
حين ابتكر العقل الأردني (القلاية ), ابتكرها على أساس واحد أنها وجبة لذيذة وغير مكلفة, وتستطيع أن تضيف إليها ما تشاء... تستطيع مثلا أن تطبخها مع البصل وبدون بصل, مع الثوم وبدون ثوم... تستطيع أن تضيف إليها اللحمة وتستطيع أن تأكلها بدون لحمة, تستطيع أن تجعلها حارة.. وأحيانا عادية.
وهي من الممكن أن تطبخ على الغاز, ومن الممكن أن تطبخ على حطب... ومن الممكن أن تؤكل مع الخبز العادي, ومن الممكن مع الطابون, ومن الممكن أن تضيف إليها كل أنواع اللحمة بما فيها المفروم ...
أنا اشعر أن حياتي (قلاية), فهي مزيج متناقض من الخضروات واللحمة ..ولكنها وجبة... أنا أيضا في الحارة التي أسكنها, يستطيع أن يستأجر شقيق سوري, ويستطيع أن يشتري العراقي, ومن الممكن أن يأتي ليبي بغرض العلاج ويسكن في الشقة السفلى , المهم أن المكون عروبي ولذيذ.... وأنا لا أعترض .
في المدرسة مثلا ..وحين أحضر أولادي, أكتشف أن إبني يقول لي:- (شو بنا) وأنا أقبل , فميزة القلاية تعدد مكوناتها... وميزتي, في أنني أقبل بتعدد المكونات ولا خيار لي...
والقلاية تؤكل على كل الوجوه , سواء كانت نصف مستوية, أو محترقة فطعمها لذيذ ..وأنا منذ أعوام وقلبي محترق, والكل يتلذذ ..بطعم قلبي حين يحترق ..ولا أجد من يطفئ لهيب القلب...
حياتي صدقا تشبه القلاية... فهي تؤكل (غماس)... واشعر أحيانا حين أستلم راتبي وأنظر لحجم الاقتطاعات:- قسط الشقة, الضمان, ضريبة دخل...ضريبة تلفزيون ضريبة (مادري شو) ..أن جهدي يغمس تغميسا, وما تبقى لي هو القليل القليل الذي يكفي لسد الرمق.... هل شاهدتم مواطنا يتم (تغميسه) فقط هنا (نغمس).
في القلاية عليك بفرم البندورة , حتى تطبخ على نار هادئة , وتصل لحالة الإستواء وأنا أحس أن أحلامي وكل أمنياتي تفرم وتطبخ , على نار هادئة... أحس بشيء ينتج بالخفاء أحس بهرس وفرم مكونات كثيرة... أحس أن القادم طعمه مر.. وأقبل.
ميزة القلاية, أن الكل يتشارك بها , هي الوحيدة التي لا تطبخ لشخص واحد.. بل للكل ...وأنا موزع بين الكل , بين اللجوء والحرب ,وكل مخرجات الربيع العربي.. بين التعب والشقاء, والوضع الإقتصادي الشاق... موزع بين كل هذه الأشياء ولا أعرف هل ما تبقى من جلد على عظمي يكفي ؟
أنا حياتي تشبه القلاية.... صدقوني أني الرجل القلاية .