أموال المانحين ليست مجانية
صنارة نيوز - 2016-02-14 12:51:29يبدو أن الحكومة واعية تماماً للواجبات الثقيلة التي عليها النهوض بها لكي تستحق المعونات المالية السخية التي قررها مؤتمر المانحين بلندن ، فالمال لا يقدم مجاناً ، بل مقابل أعمال ومواقف وسياسات.
رئيس الحكومة حذر جميع الوزراء والدوائر والمؤسسات الرسمية من أي تساهل أو خطأ في التعامل مع مسألة اللجوء السوري على ضوء متطلبات مؤتمر لندن ، لأن أي تقصير سينعكس سلباً على المصلحة الوطنية.
وزارة المالية سوف تتلقى دعماً لسد الفجوة (العجز) في الموازنة ، ولكن ُبنية الموازنة وتطبيقها يجب أن تكون مقنعة وتبرر المساعدات المرصودة لأنها مشروطة ضمناً.
وزارتا العمل والداخلية مطالبتان بأن تضبطا سوق العمل لتأمين حصة مناسبة للاجئين السوريين دون أن يكون ذلك على حساب العامل الأردني. وهذه عبارة واضحة وسهلة ، ولكنها في التطبيق شديدة التعقيد والصعوبة ، لأنها تعني تغييراً في أساليب العمل والسيطرة.
الأردن ليس بحاجة للمزيد من العمالة الوافدة. وبما أن المقصود محاباة اللاجئين السوريين ، فلا بد أن يكون ذلك على حساب وافدين آخرين توضع قيود على حضورهم وتصاريح عملهم وإقامتهم.
من السهولة بمكان مراقبة الوضع عن طريق ضبط العمالة الوافدة في الشركات الصناعية ضمن نسب محددة ، ولكن العمالة من جميع المصادر موجودة في قطاعات أخرى متفرقة يصعب الوصول إليها وحصرها. يكفي القول أن معظم العمالة الوافدة تحصل على تصاريح وإقامة على أنها تعمل في الزراعة مع أنها في الواقع تعمل في عمان بمختلف المهن.
هناك جانب إعلامي هام في التعامل مع مخرجات مؤتمر المانحين بلندن ، ذلك أن المبالغة في تعداد الملايين والمليارات التي سيصبها العالم علينا تؤثر سلباً في الحصول على المعونات المستقرة المقدرة في الموازنة ، على اعتبار أن الأردن لم يعد بحاجة للمزيد ، مع أنه لم يقبض فلساً.
في هذا المجال يحسن التوقف عن استعراض المبالغ الهائلة التي يقال أن المجتمع الدولي تعهد بها ، بحيث يكون الكلام بعد اليوم عما يتحقق منها على أرض الواقع.
مؤتمرات المانحين بشكل عام تتمتع بالسخاء في إقرار المبالغ ولكنها في العادة لا تفي بوعودها ، والمأمول أن يكون مؤتمر لندن مختلفاً ، على الأقل لأن الأموال ليست تبرعاً للأردن بقدر ما هي تشجيع حل مشكلة اللجوء محلياً بدلاً من مواجهة المشكلة في أوروبا وأميركا.