الاستثمار في الأردن.. إلى أين؟

صنارة نيوز - 2016-01-21 12:09:35

حمدي الطباع*

يتصدر ملف الاستثمار في الأردن قضايا الساعة ويكثر الحديث عن جهود جذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية فيما أنجزت الحكومة قانونا جديدا للاستثمار طال انتظاره.
نستطيع القول إن أهم ما ورد فيه هو تفعيل النافذة الاستثمارية لتسهيل اجراءات الاستثمار التي تعد من ابرز العوائق أمام المستثمرين، ومع ذلك مضت مدة غير وجيزة حتى اصدرت  الحكومة وهيئة الاستثمار التعليمات والأنظمة التنفيذية لبنود القانون. وعلى ارض الواقع لم نلمس اي تغيير في اداء النافذة الاستثمارية وبقي الحال على ما هو عليه بسبب تعارض صلاحيات الجهات الرسمية المختلفة ذات العلاقة بالعملية الاستثمارية.
هذا من جانب؛ ومن جانب آخر كانت عدة شركات عالمية تصل قيمتها إلى 65 مليون دينار تعتزم نقل استثماراتها ومغادرة الاردن وهناك حوالي 30 شركة متعثرة في السوق المالي، وتطلعنا التقارير الرسمية أن الاردنييين يحتلون المرتبة الاولى في الاستثمار ببورصة دبي بمبالغ وصلت الى 20.7 مليار درهم عام 2015 وكذلك لهم موقع متقدم بالاستثمار في القطاع العقاري بدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة بشراء عقارات بقيمة 1.36 مليار دولار عام 2015.
كما أن العديد من المصانع الاردنية بصدد الانتقال الى السعودية والإمارات، وهذا الأمر يستحق الوقوف عنده  ودراسة الاسباب. واليوم علمنا باتخاذ الحكومة المصرية إجراءات تتعلق بشروط دخول البضائع ما يهدد صادرات الاردن الى مصر، بالإضافة الى انخفاض الصادرات بسبب الأوضاع الإقليمية وإغلاق الحدود، والمنافسة داخليا وعربيا ودوليا امام الصادرات الوطنية في تزايد، في ظل ارتفاع تكاليف الانتاج المحلي والضرائب الباهظة ما يزيد عليها ارتفاع تكلفة النقل والاعباء التي تثقل كاهل الصناعة المحلية ومنتجي الخدمات على حد سواء، في الوقت الذي تنخفض فيه اسعار النفط العالمية  لمستويات قياسية، في وقت يرزح الاقتصاد تحت وطأة المديونية المتزايدة والعجز المتفاقم وتزايد الضرائب والرسوم، على الرغم من الاتفاق الذي تم مع الحكومة واللجنة المالية في مجلس الاعيان باعادة النظر في قانون ضريبة الدخل وضريبة المبيعات والنسب الضريبية على الشركات.
إن انخفاض أسعار النفط العالمية لا بد ان ينعكس ايجابا على الاقتصاد الوطني، ولكن موازنة العام 2016 التي اقرت مؤخرا بنيت على فرضية سعر معين للنفط  ومنح متوقعة قد نحصل عليها وقد لا تأتي، مما سيؤثر على ايرادات الخزينة، وهذا  يستوجب اعادة النظر بتقدير ايرادات الخزينة للعام 2016 حتى لا تضطر الحكومة لمزيد من الاقتراض لتلبية النفقات العامة للدولة.
وهنا لا بد من التذكير في هذا السياق بهيئات القطاع العام والمؤسسات المستقلة التي لم نرَ اجراءات فعلية لدمجها وتقليص عبء نفقاتها على  خزينة الدولة.
إن جلالة الملك عبدالله الثاني لا يألو جهدا لجذب الاستثمارات الى الاردن كما أن توجيهاته بخصوص بيئة الاستثمار والتسهيل على المستثمرين واضحة.
ان الامن والاستقرار اللذين ينعم بهما الاردن بفضل القيادة الهاشمية الحكيمة وبفضل يقظة  قواتنا المسلحة الباسلة واجهزتنا الامنية التي نعتز بها، من اهم حوافز الاستثمار والظروف المحيطة بالاردن ومدعاة لاستغلال الفرص القائمة في توجيه الاستثمارات الى الاردن.
هل يعكس واقع الحال الامكانيات الكبيرة المتاحة؟
تدعو جمعية رجال الاعمال الاردنيين الحكومة  للاجتماع مع مختلف هيئات القطاع الخاص للتشاور حول موضوع حماية الاستثمارات القائمة والمحافظة عليها وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والاجنبية.
ونأمل ان يعقد هذا اللقاء قريبا حرصا على مصلحة الاقتصاد الوطني.
 ما يقلق هو موقف الحكومة مما يجري، فلم نسمع بسرعة اتخاذ إجراءات للحفاظ على المستثمرين المحليين والأجانب وبحث أسباب خروجهم وحل مشاكلهم قبل أن تصل الأمور إلى حد مغادرة الأردن.

*رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين