حين داهمت السيول البيوت وغابت الجلسة الرقابية

صنارة نيوز - 31/12/2025 - 8:36 am

الصناره نيوز - خاص

 

في خطوة أثارت تساؤلات واسعة، ألغى مجلس النواب الجلسة الرقابية التي كان من المقرر عقدها في آخر أيام عام 2025، دون تقديم مبررات واضحة للرأي العام، ليُسجَّل غيابٌ لافت للمؤسسة التشريعية عن واحد من أكثر الاختبارات قسوة التي واجهتها الدولة خلال العام.

 

المنخفض الجوي الأخير لم يكن مجرد حالة طقس عابرة، بل كشف هشاشة البنية التحتية، وضعف الجاهزية الحكومية، وحجم التقصير المتراكم الذي كان يفترض أن يكون على رأس أولويات المساءلة البرلمانية. غير أن إلغاء الجلسة الرقابية جاء ليضع مجلس النواب في موقع المتفرج، في وقت كانت فيه الشوارع تغرق، والسيول تداهم المنازل والمحلات التجارية، وتهدد سلامة المواطنين في أكثر من محافظة.

 

هذا الغياب البرلماني تزامن مع موجة انتقادات واسعة عبّر عنها الأردنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بمحاسبة المقصرين، وبتحمل الجهات المسؤولة لمسؤولياتها السياسية والإدارية. إلا أن مجلس النواب لم يسجّل أي موقف رقابي واضح، ما أفقده فرصة حقيقية لتسجيل رصيد إيجابي لدى الرأي العام، الذي يراقب عن كثب مخرجات مشروع تحديث المنظومة السياسية، ويقيسها على أرض الواقع لا على الورق.

 

مراقبون حمّلوا وزارة الإدارة المحلية، وعلى رأسها الوزير وليد المصري، جزءًا كبيرًا من المسؤولية، خاصة في ظل قرار حل مجالس البلديات المنتخبة وتعيين لجان مؤقتة، قُدّمت إنجازاتها إعلاميًا على أنها قفزات نوعية، بينما جاءت الوقائع على الأرض لتقول عكس ذلك تمامًا.

 

الأمطار لم تجرف فقط ممتلكات المواطنين، بل جرفت معها ما تبقى من ثقة بوعود متكررة عن “أيام أفضل لم تأتِ بعد”، وعن تحديث منظومة إدارية وسياسية ما تزال عاجزة عن إنتاج كفاءات قادرة على إدارة البلديات، أو الارتقاء إلى مستوى التمثيل الحقيقي في مجلس النواب أو المواقع الوزارية.

 

في لحظات الأزمات، تُقاس جدية المؤسسات بقدرتها على المواجهة لا الانسحاب، وعلى المساءلة لا الصمت. وإلغاء الجلسة الرقابية في ذروة هذا المشهد الصعب، يفتح سؤالًا جوهريًا: كيف يمكن إقناع الأردنيين بجدوى التحديث السياسي، فيما تغيب أدوات الرقابة والمحاسبة عند أول اختبار حقيقي