الغاء عقوبة الحبس على الشيكات والقضايا التنفيذيه واثرها على حركة تداول السلع والخدمات
صنارة نيوز - 12/12/2025 - 2:38 pm
الغاء عقوبة الحبس على الشيكات والقضايا التنفيذيه واثرها على حركة تداول السلع والخدمات
بعد سريان التعديلات التشريعية الاخيرة في حزيران من العام الحالي 2025 والخاصة بتعديل احكام المواد القانونية الخاصة بالغاء عقوبة الحبس على الشيكات الصادرة بعد 25 حزيران لعام 2025 وتطبيق المحاكم الاردنية للمبدأ القانوني العام في القضايا الجزائية القانون الاصلح للمتهم ، فموجب ذلك تم الغاء عقوبة الحبس على الشيكات بالمجمل ، واصبحت الشيكات عبارة عن سند خطي ويمكن اعتباره سند تنفيذي وفقا لاحكام قانون التنفيذ مما يتيح للمستفيد طرحه امام دوائر التنفيذ لتحصيل قيمته بشكل مباشر دون الحاجة لرفع دعوى امام المحاكم النظامية ، لكن مما زاد الامر تعقيدا ان المشرع الاردني قد قام بالغاء الحبس على مجمل القضايا التنفيذية والتي تشمل جميع الالتزامات التعاقدية وكما هو معروف ان الشيك يصدر استنادا الى عقد صرف مسحوب حسب احكام قانون التجارة الاردني ، مما يجعله مشمولا بالغاء الحبس التنفيذي ايضا ، حيث ان المشرع استثنى عقود العمل والايجار كالتزامات تعاقدية وبقي الحبس التنفيذي عليها ساري المفعول والهدف من ذلك الابقاء على الاستقرار التشريعي في المراكز القانونية لكلا طرفي الالتزام بحيث لو ان المشرع الغى الحبس في القضايا العمالية لتعرضت حقوق العالمين في القطاع الخاص للضياع وعدم امكانية تحصيلها من قبل العامل ، بالاضافة ان المشرع بأبقاءه على الحبس التنفيذي في عقود الايجار قد احسن صنعا فلو تم الغاءها لعكف الكثير من المؤجرين المالكين للعقارات عن تأجير عقاراتهم ، ولاصبح الكثير من الساكنين واصحاب المهن بدون مأوى او مكان لمزاولة اعمالهم من خلاله ، لان المؤجر لن يخاطر في ظل غياب وسيلة حقيقية لتحصيل قيمة الايجار من المستأجر بالتعاقد معه .
ان جميع التعديلات التي قام بها المشرع الاردني جاءت بهدف التخفيف على المواطنيين ولكثرة الطلبات التنفيذية من دوائر التنفيذ والتي في الاونة الاخيرة زادت بشكل كبير لا يمكن السكوت عنه ، ولعدم قدرة مراكز الاصلاح والتأهيل من استيعاب جميع المطلوبين على القضايا التنفيذية ، وهنا نحى المشرع نحو ابقاء العلاقة التعاقدية بين الافراد على مسؤوليتهم الخاصة بحيث اذا تعاقدت اي جهتين من اشخاص القانون الخاص ، فأن تعاقدهم يكون على مسؤوليتهم الشخصية ، بحيث يجب على كل طرف منهم التأكد من ملاءة وقدرة وجدية الطرف الاخر على تنفيذ التزامه في مواجهة الطرف الاخر ، حيث تقع مسؤولية تحري اطراف العلاقة التعاقدية عليهم ، وقد مكن المشرع الاردني المواطنين من ذلك بأصداره قانون المعلومات الائتمانية رقم 15 لسنة 2010 والانظمة الصادرة بمقتضاه والذي بموجبه تنشأ شركات خاصة من نوع ذات المسؤولية المحدودة او المساهمة الخاصة تكون مهمتها امداد الراغبين بمعلومات ائتمانية عن اي طرف تكون هنالك نية للدخول معه في التزام تعاقدي مهما كان نوعه ، حيث توجد حاليا شركة واحدة في الاردن تزاول عملها تحت رقابة البنك المركزي الاردني وهي شركة كريف الاردن .
ان جميع التعديلات التشريعية التي جاء بها المشرع الاردني في جعل الالتزامات التعاقدية على مسؤولية طرفيها صحيحة ومنطقية ، الا ان هذه التعديلات كانت وبشكل ملح يجب ان تستثني المعاملات التجارية ، حيث ان التجارة كمبدأ عام تقوم على السرعة والائتمان ، فالسرعة في عالم التجارة تعني سرعة إتمام الصفقات اي القدرة على التفاوض وإبرام العقود بسرعة والاستجابة الفورية لفرص السوق، وايضا سرعة دوران رأس المال اي تحقيق أعلى عدد ممكن من دورات البيع والشراء في فترة زمنية قصيرة، مما يزيد الربحية الإجمالية ، اما الائتمان فهو الثقة التي يوليها طرف (بائع أو مقرض) لطرف آخر (مشتري أو مدين)، بحيث يسلمه السلعة أو المبلغ النقدي مقابل وعد بالسداد أو الدفع لاحقاً. هذا المفهوم يشمل ايضا الثقة المتبادلة وهي أساس أي علاقة تجارية مستمرة هو الثقة بأن كل طرف سيفي بالتزاماته (البائع سيسلم البضاعة المطابقة للمواصفات، والمشتري سيدفع الثمن) اما البيع الآجل فيمثل اساس الائتمان التجاري من خلال السماح للمشترين بالدفع بعد فترة زمنية محددة (مثل الشراء بالاوراق التجارية أو الدفع بعد مرور فترة زمنية يتم الاتفاق عليها )، مما يتيح لهم فرصة لتوليد إيرادات من البضاعة قبل دفع ثمنها ، اما التمويل المصرفي الذي يمثل في عالمنا الحالي الممول الرئيسي لرأس المال التجاري والذي يتمثل بقدرة التجار على الحصول على قروض وتسهيلات بنكية (ائتمان) لتمويل عملياتهم التجارية وتوسيعها ومن هنا نجد ان الائتمان ضروري لضخ السيولة في الاقتصاد، وتمكين الشركات والتجار الافراد من النمو والتوسع دون الحاجة لدفع كامل التكاليف مقدماً، مما يخفف من الضغط المالي ويزيد حجم التجارة الإجمالي .
كنت اتمنى على اصحاب القرار الذين قاموا على تعديل التشريعات الخاصة بالغاء حبس المدين والغاء عقوبة الحبس عن الشيكات استثناء المعاملات التجارية الصادرة عن التجار بهدف تحقيق الربح فجميع من تنطبق عليه احكام المادة التاسعة من قانون التجارة الاردني والذين هم الافراد الذين تكون مهنتهم القيام بالاعمال التجارية والشركات التي يكون موضوعها تجاريا يا حبذا لو تم استثنائهم والابقاء على عقوبة الحبس على الشيكات الصادرة عنهم والابقاء على الحبس التنفيذي في اخلالهم في تنفيذ التزاماتهم التعاقدية ، حيث ما نشهده اليوم من ركود في السوق الاردني وتوقف بعض التجار عن ممارسة اعمالهم التجارية ، لعدم قدرتهم على الحصول على ائتمان والغاء البيع الاجل من التعامل بين التجار مما اخرج الكثير من الافراد التجار والشركات التجارية من السوق مما اثر بشكل كبير على حجم التداول التجاري وشكل انكماش واضح في قطاع التجارة الذي هو الركيزة الاساسية للاقتصاد الوطني والامن الاقتصادي المجتمعي وهو الرافد الاساسي لسوق العمل بفتح وخلق فرص عمل جديدة التي نحن احوج ما نكون لها اليوم في ازياد عدد السكان بشكل كبيرو وفرة كبيرة بالايادي العاملة التي تعاني من البطالة .
وخلاصة القول ان التشريع او التعديل عليه لا يمكن الحكم على ملائمته للزمان والمكان الذي سرت احكامه فيه ، الا بعد تطبيقه على ارض الواقع ، وهنا نتمنى على المشرع الاردني اعادة النظر بالغاء عقوبة الحبس على الشيكات الصادرة عن التجار والابقاء عليها والابقاء على عقوبة الحبس التنفيذي لجميع المعاملات التجارية في حال عدم الوفاء بها .
تحريرا في الثاني عشر من كانون اول لعام 2025
بقلم المحامي الدكتور منتصر احمد القضاة



