من يدفع الثمن ومن يحصد الأرباح؟..الرابحون الخفيون في حرب أمريكا التجارية

صنارة نيوز - 06/04/2025 - 10:08 pm

من يدفع الثمن ومن يحصد الأرباح؟..الرابحون الخفيون في حرب أمريكا التجارية

في مشهد اقتصادي يعج بالتوترات والرسوم الجمركية والتصريحات المتبادلة، يبرز سؤال يتجاوز الشعارات والخطب السياسية: من يربح فعليًا من الحرب التجارية التي تخوضها الولايات المتحدة ضد خصومها الكبار؟ وبينما تتأرجح الأسواق وتُعاد صياغة التحالفات، تصعد دول وشركات من الظل إلى الواجهة، محققة مكاسب غير متوقعة رغم أنها محفوفة بالمخاطر والتقلبات.

فيتنام كانت واحدة من أبرز الرابحين. مع احتدام النزاع بين واشنطن وبكين، اتجهت عشرات الشركات الأمريكية إلى فيتنام لنقل مصانعها وتجنب الكلفة العالية للتعريفات الجمركية. هذا التحول أدى إلى زيادة ملحوظة في صادرات فيتنام إلى السوق الأمريكية، والتي بلغت في عام 2024 نحو 136.6 مليار دولار، بنسبة نمو 19.3٪ عن العام السابق. المكاسب تركزت في قطاعات الإلكترونيات والملابس والأحذية. لكن الفورة لم تدم طويلًا، إذ فرضت الولايات المتحدة في 2025 رسومًا جديدة بنسبة 46٪ على عدد من الواردات الفيتنامية، ما دفع هانوي للتحرك دبلوماسيًا لاحتواء التداعيات.

في الجهة المقابلة، تحركت المكسيك بهدوء وثقة. بفضل قربها الجغرافي واتفاقية التجارة الحرة USMCA، أصبحت خيارًا مفضلًا للشركات الأمريكية الباحثة عن استقرار جغرافي وتجاري. ارتفعت صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة إلى 505.9 مليار دولار في 2024، بزيادة 6.4٪. النمو شمل صناعات السيارات والإلكترونيات والمعدات الطبية. لكن المكسيك لم تسلم من الارتدادات، إذ أثرت الرسوم الأمريكية على السيارات بنسبة 25٪ على الشركات اليابانية الكبرى العاملة فيها، ما دفعها لإعادة تقييم وجودها الصناعي هناك.

داخل الولايات المتحدة نفسها، ظهرت مكاسب محددة في بعض القطاعات. صناعة الصلب استعادت بعض زخمها بعد فرض رسوم بنسبة 25٪ على الواردات، ما أعاد الحياة إلى مصانع كانت على وشك الإغلاق. شركات الشحن والنقل المحلي، مثل Kirby Corp، استفادت من انخفاض الاعتماد على الشحنات الخارجية، ووسعت نشاطها داخليًا بشكل ملحوظ.

كما أن شركات اللوجستيات العالمية دخلت في قلب المعادلة، إذ دفع اضطراب سلاسل التوريد العالمية إلى زيادة الطلب على خدمات الشحن والتخزين والتوزيع، لتصبح هذه الشركات طرفًا رئيسيًا في منظومة التجارة الجديدة.
 إن الحرب التجارية ليست خسارة للجميع كما يُروّج لها، بل هي ساحة يتغير فيها توزيع النفوذ الاقتصادي. هناك من يخسر بالفعل، لكن هناك من يربح بهدوء. ومع كل جولة من التصعيد، تعاد صياغة الخريطة الاقتصادية العالمية، حيث يفوز من يتحرك بذكاء، لا بالضرورة من يصرخ أعلى.