ريدجيت وريم.. كيف تجاوزت ملائكة الرحمة الصعاب من أجل غزة؟

صنارة نيوز - 06/04/2025 - 7:22 pm

الصنارة نيوز/ خاص 
في الأول من مايو 2024، وطأت قدما «ريدجيت روتشيوس» أرض رفح الفلسطينية قادمة من ولاية كاليفورنيا الأمريكية كمتطوعة لمساعدة الجرحى الفلسطينيين، وخلال أسبوع واحد نجحت في مساعدة أم نازحة على ولادة طفلين بعد أن أحضرها جارها إلى المستشفى بعد أن قُتلت عائلتها بأكملها في غارات جوية.
رحلة «روتشيوس»، الشابة البالغة من العمر 34 عاما ، كمتطوعة بين جدران مستشفى الهلال الإماراتي للولادة بالتعاون مع الجمعية الخيرية الطبية الكندية، أكسبتها إنسانية مضاعفة مغلفة بالمسؤولية التي مكنتها من خوض تجربة مساعدة سيدة فلسطينية أخرى أثناء مرحلة المخاض لكنها لم تكن تعلم أن طفلها يعاني من عيب خلقي بسبب نقص الفحوصات التشخيصية أو الموجات فوق الصوتية أثناء حملها، وما زاد صعوبة الموقف أن الطفل توفي في اليوم التالي بعد عملية قيصرية طارئة، وكان عليها أن تؤهل الأم نفسيا لتقبل ذلك.
الشابة الثلاثينية المتطوعة تحدث لمجلة «التايم» وهي تحاول السيطرة على دموعها: «ما كان هذا الطفل سيحكم عليه بالإعدام لولا هذه الحرب ».
في الشهور الأولى للحرب، فر ما يقرب من نصف سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إلى مدينة رفح الجنوبية الواقعة على الحدود بين القطاع المحاصر ومصر، وهناك أصبحت المستشفيات الميدانية في القطاع ككل مثل المستشفى الأوروبي أو الواقعة في جنوب القطاع كالمستشفى الميداني الإماراتي أحد المستشفيات القليلة المتبقية التي تقدم الرعاية الطبية لآلاف النساء الحوامل والأمهات الجدد، حيث يُجري حوالي 60 عملية ولادة يوميا، بحسب «التايم».
توقعات صندوق الأمم المتحدة للسكان ذهبت إلى أن 155 ألف امرأة حامل يفترض أن يضعن أطفالهن في غزة خلال النصف الثاني من العام الماضي، مشيرا  إلى أنهن كافحن من أجل البقاء والحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
وإلى جانب هذا الوجه الأمريكي المتطوع، جسدت الطبيبة الإماراتية ريم الزعابي نموذجا عربيا سارع إلى التطوع لعلاج المصابين من النازحين في جنوب القطاع، والتي كتبت عبر حسابها على منصة «إكس» بمجرد اختيارها ضمن 10 متطوعات إماراتيات اخترن للمساعدة في المستشفى الميداني الإماراتي في ديسمبر 2023، فقالت: «الحمد لله إني ضمن المغادرين إلى المستشفي الميداني في غزة... إن شاء الله نقدر نسوي ما علينا من واجب والتخفيف على أخواتنا هناك».
يظهر تقرير حالة التطوع في العالم لعام 2018، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة التطوعي، تجاوب المزيد من البشر مع الأزمات العالمية بالتطوع بأوقاتهم في الأعمال التي تهدف إلى تجاوز تبعاتها، حيث رصد 9 ملايين متطوع في العالم العربي شكلوا حينها 8.2% من إجمالي حجم المتطوعين في العالم، الذين يقدر عددهم بنحو109  ملايين شخص، إلا أن هذا العدد ارتفع في عام 2022 إلى 862.4 مليون متطوع في أنحاء العالم كافة.
ويرصد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر 16 مليون متطوع في جميع أنحاء العالم يمثلون «القلب النابض» له، ويصفهم بأنهم «مصدر قوتنا وما يميزنا. إنهم يساعدون في جعل العالم مكانا أكثر أمانا وسلاما  كل يوم».
مخاطر تواجه المتطوعين
قبل يومين، عرضت جويس مسويا مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جانبا  مما يتعرض له عمال الإغاثة والمتطوعين حول العالم، وفي غزة على وجه التحديد، ودعت إلى وضع حد للهجمات على عمال الإغاثة ومحاسبة مرتكبيها، محذرة من أن العاملين في المجال الإنساني يقتلون بأعداد غير مسبوقة.
وفي إحاطتها أمام اجتماع لمجلس الأمن بشأن حماية العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، قالت مسويا إن «عام 2024 كان أسوأ عام على الإطلاق، حيث قُتل 377 عامل إغاثة في 20 دولة»، مشيرة إلى أن عددًا أكبر بكثير تعرض للإصابة والخطف والاعتداء والاحتجاز التعسفي.
ووصفت قطاع غزة بأنه «أخطر مكان على الإطلاق للعاملين في المجال الإنساني»، مضيفة أنه قُتِل أكثر من 408 من عمال الإغاثة في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. وأعادت التذكير بحادثين وقعا مؤخرا  بما فيهما ما حدث قبل أيام قليلة، وتحديدًا في 30 مارس الماضي، عندما انتشلت فرق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني جثث 15 عامل طوارئ وإغاثة من مقبرة جماعية في رفح، وذلك أثناء محاولتهم إنقاذ الأرواح.
أرقام صادمة
تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» إن نحو 1.9 مليون فلسطيني، بينهم عشرات آلاف الأطفال، نزحوا قسريًا بشكل متكرر منذ بدء الحرب في قطاع غزة، مشيرة إلى موجة نزوح جديدة شملت أكثر من 142 ألف شخص، خلال الفترة ما بين 18 و23 مارس الماضي فقط.
وتتزايد أهمية وصعوبة الفرق والمجموعات العربية والأجنبية في غزة مع شكاوى متصاعدة من الأمم المتحدة لعدم دخول أي مساعدات إلى القطاع منذ أوائل مارس الماضي، وهي أطول فترة تعليق للمساعدات الإنسانية منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، إذ لم يتبق سوى ما يكفي من الطعام لبضعة أيام فقط.
وبحسب التقرير الأممي فإن النساء في غزة يواجهن تهديدا خطيرا  على حياتهن وصحتهن وكرامتهن، إذ يعيش السكان المنهكون دون أي فرصة للراحة من الحرب والدمار. 
وتتعرض النساء الحوامل للخطر بشكل خاص – حيث تواجه  50 في المائة منهن حملا عالي الخطورة - فيما ينتشر سوء التغذية بين النساء والأطفال.
ويؤكد المفوض العام لوكالة الأونروا أن التقارير تفيد بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 100 طفل يوميا  في غزة منذ استئناف القصف الأخير، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، مشيرا  إلى الإبلاغ عن مقتل 15 ألف طفل  منذ بداية الحرب قبل عام ونصف.
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) تحدث بدوره عن أن أوامر النزوح أجبرت آلاف النزوح على المغادرة، علاوة على أن جميع المخابز التي يدعمها اضطرت إلى الإغلاق الأسبوع الماضي، بينما باتت عمليات توزيع الطرود الغذائية ستنتهي قريبًا.
وضخت دول عربية وأوروبية من بينها مصر والإمارات والأردن والسعودية وفرنسا عشرات الآلاف من الأطنان المحملة بالمساعدات الإنسانية المتضمنة مواد غذائية وخيم إيواء واحتياجات ضرورية أخرى، شقت طريقها عبر الجو إلى مصر ومنها إلى معبر رفح البري وأخرى أبحرت إلى ميناء العريش، حيث أفرغت حمولتها هناك ومنها إلى قطاع غزة.
وأصبحت المستشفيات الميدانية في قطاع غزة بديلا لا غنى عنه بعد خروج أكثر من 80% من المنظومة الصحية جراء الضربات الإسرائيلية، بحسب  المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الذي حذر من أن معظم المستشفيات ستخرج عن الخدمة خلال أيام.