مستقبل الليره السورية بعد الأسد
صنارة نيوز - 06/02/2025 - 10:46 am
مستقبل الليرة السورية بعد الأسد
عمر سعد سلمان
يشهد سعر صرف الدولار امام الليرة السورية تراجعاً ملحوظاً منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الثاني 2024، وعلى الرغم من توقف الإنتاج والتصدير الذي قلل من الإيرادات الدولارية لسورية، فالدولار يواصل التراجع بنسبة كبيرة منذ اليوم الأول لسقوط نظام الأسد، لكن التفسير المنطقي لهذه الظاهرة لا يتعدى كون العجلة الاقتصادية تعطلت في سورية وتوقف الاستيراد وبالتالي لا يوجد حالياً طلب على الدولار.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها هذه الظاهرة الاقتصادية الشاذة، فقد حصلت سابقاً في السودان عام 2019 بعد سقوط الرئيس عمر البشير وانخفض سعر صرف الدولار امام الجنيه السوداني من 75 جنيه لكل دولار الى 45 جنية سوداني واستمرت هذه الظاهرة عدة أسابيع. ورغم رفع القيود على تداول الدولار في السودان لكن مع عدم زيادة الصادرات والإنتاج عاود الدولار الصعود بعد فترة قصيرة خصوصاً مع تخفيض الرسوم الجمركية وتشجيع التجار على الاستيراد.
ان عدم قيام البنك المركزي السوري بعدم تصريف الدولار بحجة عدم وجود سيولة من العملة المحلية يؤدي الى اللجوء للسوق المحلي لغرض التصريف، مما يؤدي الى ضغوط بيعية للدولار في ذلك السوق وبالتالي تخفيض قيمته بشكل مؤقت وغير حقيقي. وهناك عامل اخر زاد من قوة العملة السورية يتمثل بعدم صرف الرواتب لكثير من الشرائح أبرزها المتقاعدين العسكريين وتدفق الحوالات الخارجية الى البلاد.
واعتقد ان الشهر القادم الذي سيكون موسم رمضان سوف يخلق طلباً على الكثير من المواد الاستهلاكية مما يجعل ارتفاع الدولار في سورية امراً لا مفر منه. والحالة السودانية التي تشبه الحالة السورية في بعض الظروف تدعو للمقارنة، حيث ان سعر الصرف امام الجنيه السوداني عاود الارتفاع ووصل بعد عامين الى 500 جنيه لكل دولار. وان تجميد بعض العقوبات الامريكية على سورية لمدة 6 أشهر دفع بالإدارة السورية الجديدة الى استيراد حوامل الطاقة الكهربائية وهذا قد يؤدي الى الضغط على سعر صرف الدولار بالتزامن مع سماح الإدارة السورية باستيراد المشتقات النفطية التي سوف تزيد الضغط الاقتصادي مع عدم وجود أي نية للدول على مساعدة سورية مع تخفيف هذه العقوبات.
الإدارة السورية الجديدة أعلنت عزمها على رفع رواتب القطاع العام 400% مما يدفع كلفة الرواتب شهرياً باتجاه 300 مليون دولار شهرياً بعد ان كانت لا تتجاوز 80 مليون دولار قبل سقوط نظام الأسد، كما قامت ايضاً بتخفيض الجمارك وألغت بدلات الخدمة العسكرية وخفضت رسوم اصدار جوازات السفر وبالتالي خفضت إيرادات الخزينة العامة مما يعني تفاقم العجز الذي كان 21% عام 2024، والذي يتوقع وصوله الى 52% نهاية 2025 مع زيادة مصروفات الحكومة وتقليل إيراداتها.
لا يوجد حل سحري للازمة المالية في سورية، فكل الخيارات العلاجية قاسية ومؤلمة والسؤال هنا ما هي المنهجية التي سيتم اعتمادها في المرحلة القادمة لمعالجة تركة ثقيلة من الازمات الاقتصادية.
فهناك قرار اتخذته الإدارة السورية بعد أيام من سقوط نظام الأسد وهو رفع الدعم عن الخبز الذي يعتبر من أكثر الملفات حساسية والذي سبق ان سبب مشاكل سياسية في مصر عام 1977 وفي السودان عام 2018 وهذا يزيد المخاوف من حدوث ازمة مجاعة في سورية لا سامح الله. كما ان القطاع الزراعي السوري مهدد ايضاً بالتراجع بعد الغاء الدعم على مادة المازوت مما يجعل الفلاح السوري امام تكاليف جديدة.