دعم المحروقات من جديد
صنارة نيوز - 04/01/2025 - 6:00 pm / الكاتب - عبد المنعم عاكف الزعبي
بقلم/ عبد المنعم عاكف الزعبي
الحكومة عادت وتدرجت بفرض الضريبة الجديدة لسيارات الكهرباء على ثلاث سنوات، وهذا أمر جيد.
الحكومة أيضا اقتصرت رفع ترخيص المركبات على الجديدة منها، وهذا إجراء إيجابي يحافظ على الاستقرار، ويصب في صالح مالكي السيارات الحاليين.
ما هو غير مريح في جملة القرارات الأخيرة وجود حوافز ضمنية كبيرة لمركبات البنزين، وخصوصا ذات السعات المرتفعة.
فالضرائب الإجمالية على مركبات البنزين انخفضت من 86% إلى 70%، بواقع 16%.
ورسوم الترخيص باتت تستهدف قيمة المركبة وليس سعتها، مما يشجع اقتناء سيارات البنزين ذات السعات الأعلى استهلاكا للوقود.
بالمحصلة، يظهر الأمر وكأنه دعم غير مباشر للمحروقات من أجل تشجيع استهلاكها ورفد الخزينة بالإيرادات المرتبطة بهذا الاستهلاك.
أو بمعنى آخر، الحد من التحول نحو سيارات الكهرباء بهدف حماية إيرادات الخزينة المتأتية من المحروقات.
بعيدا عن السلبيات البيئية التي يتناولها المختصون، يعاني هذا التوجه الحكومي من عدة مشاكل، أولها تحفيز استهلاك الوقود المكلف على ميزان العملة الأجنبية.
فبدلا من الاعتماد على الغاز الرخيص والطاقة المتجددة المنتجة محليا، كما هو الحال بالنسبة لسيارات الكهرباء، تستهلك سيارات البنزين النفط المستورد مرتفع الكلفة.
وهذا لا يبدو مقبولا اقتصاديا في دولة تعاني من عجز مزمن في ميزانها التجاري وحسابها الجاري للعملة الأجنبية.
تماما كما أنه لم يكن مقبولا دعم المحروقات بحوالي 500 مليون دينار قبل تحرير الأسعار عام 2012.
ألم يعاني الاقتصاد الأردني بمليارات الدولارات نتيجة انقطاع الغاز والاعتماد على الوقود لتوليد الكهرباء؟ وهل يستوي ذلك مع تشجيعنا اليوم لاستخدام الوقود (مركبات البنزين) على حساب الغاز (مركبات الكهرباء)؟
ما يثير المخاوف أيضا أن تنتهي حوافز مركبات البنزين بخسائر إضافية على الخزينة.
فالتحول نحو مركبات الكهرباء يقع ضمن نطاق التقدم التكنولوجي الذي يمكن أن يتخذ منحا تصاعديا جارفا من حيث الوفر الاقتصادي والكلفة الأقل.
وفي هذه الحالة نكون خسرنا إيرادات المحروقات وإيرادات الضريبة على مركبات البنزين والترخيص معا.
في مقابل هذه التحفظات، ربما تكون الحكومة أمام استحقاقات قصيرة الأجل تتطلب منها رفع إيراداتها، ولو كان ذلك على حساب ميزان المدفوعات والسلبيات الأخرى طويلة الأجل.
التماس العذر للحكومة على المدى القصير يتطلب منها استراتيجيا التأسيس لبدائل مستدامة لضرائب المحروقات. وهذه مهمة صعبة وتحتاج إلى وقت، ولكن البدء بها مبكرا خير من التأجيل.
لا ننسى شكر الحكومة على تجويد قرار رفع ضريبة سيارات الكهرباء عبر تعويض المتضررين الفوريين، والتدرج في تطبيق الزيادة في الضريبة.