الإخوان و"حافة الهاوية"!
صنارة نيوز - 2015-03-02 09:18:00بقلم محمد ابو رمانتشهد أروقة جماعة الإخوان المسلمين مخاضاً كبيراً، وسجالات عميقة ومبادرات داخلية تتدحرج بعد أن بلغت الأزمة ذروتها، ووصلت إلى "حافّة الهاوية"، مع إقدام المراقب العام الأسبق للجماعة عبدالمجيد ذنيبات، ومعه عدد من القيادات المعتبرة، على لقاء رئيس الوزراء وطلب ترخيص جديد باسم جماعة الإخوان المسلمين؛ ما اعتبرته القيادة الحالية انقلاباً على الجماعة بالتنسيق مع الدولة، فقامت بفصل أبرز الشخصيات في هذه الخطوة.
هناك سباق مع الوقت، من قبل نخبة قيادية تاريخية ومجموعات شبابية في "الإخوان"، في محاولة لاجتراح تغيير جوهري في المعادلة الإخوانية قبل قيام الحكومة بالرد على مبادرة الذنيبات وأصدقائه. وأحد أهم مفاتيح الخروج من الأزمة الراهنة، الذي يتم العمل عليه قبل أن تصبح الحلول أكثر صعوبة، يتمثل في إعادة تشكيل المكتب التنفيذي للجماعة، وتسليم قيادة مؤقتة زمام الأمور، تمتلك سمعة تاريخية ووطنية، ولها خطوط مفتوحة مع الدولة والجماعة والقوى السياسية.
ثمّة اتفاق بين أعضاء الجماعة على أنّ الشخصية المطروحة والمرشحّ الأبرز لهذا الدور التاريخي، هو الدكتور عبداللطيف عربيات، أحد رموز الجماعة، ورئيس مجلس النواب سابقاً. وتكون معه مجموعة أخرى من الشخصيات التاريخية العريقة، مثل الدكتور إسحاق الفرحان، وعبدالحميد القضاة، وحمزة منصور، وسالم الفلاحات، وجميل أبو بكر، وغيرهم. ويكون لهذه القيادة الجديدة الصلاحيات الواسعة العريضة للتفاوض مع الحكومة حول مسألة الترخيص وموضوع النظام الداخلي، وحسم العلاقة بين الدعوي والسياسي، وغيرها من قضايا إشكالية تحتاج إلى مراجعة عميقة من قبل الجماعة.
في حال تمّ إقرار مثل هذا المخرج، فستكون القيادة الجديدة مكلّفة بالاتصال مباشرة بالحكومة والجهات المعنية، والتفاوض معها حول مسألة الترخيص والمستقبل السياسي للجماعة، وعلاقتها بالدولة وبالتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.
في حين تدور أحاديث غير مؤكدة عن وجود دراسات ومداولات لدى الحكومة حول الترخيص الجديد وقانونيته، ووضع الجماعة. إذ إنّ هناك سيناريوهين يتم تداولهما في أوساط الجماعة للقرار الحكومي المرتقب، خلال الأسبوع الحالي؛ الأول، إعطاء ترخيص للجماعة الجديدة باسم الإخوان المسلمين، وإحلالها محل الجماعة الرئيسة. والثاني، الاكتفاء بالترخيص فقط، ما يعني، على الأقل مرحلياً، وجود جماعتين تمثّلان الإخوان المسلمين.
مثل هذه الخطوة من قبل "مطبخ القرار" ستكون حسّاسة وخطرة، ومن الضروري أن تدخل فيها حسابات كبيرة ومتعددة، بما في ذلك الإجابة عن الأسئلة الرئيسة، ولاسيما: أين سيقف الجسم الرئيس لجماعة الإخوان المسلمين، أو الأغلبية العظمى من أبناء الجماعة؟ أعتقد أن الجواب واضح ومعروف لدى الدولة. ومن ثم، يترتب على ذلك سؤال بالدرجة نفسها من الأهمية: إذا ما حدث سيناريو "الإحلال"، فأين سيتجه الشباب الإخواني، بخاصة أنّ أغلبيتهم أردنيون من أصول فلسطينية (مع الاعتذار لاستخدام هذا التصنيف لضرورة التحليل السياسي)، يرون في "الإخوان" إطاراً سياسياً لهم، ويشكل "الإخوان"، في الحدّ الأدنى، جسراً سياسياً يربطهم بالنظام السياسي.
ما يطرحه أصحاب المبادرة الجديدة هو سؤال كبير ومفصلي: فيما إذا تمّ إقناع جماعة الإخوان بها، وقامت القيادة الجديدة بأخذ زمام الأمور، هل سيوقف ذلك قرار الدولة حول الكيان الجديد أم لا؟!
الموضوع يتجاوز قصة النظام الأساسي لدى الجماعة، وعلاقتها بمكتب الإرشاد؛ فالجميع يعرف أنّ المكتب لا يمارس دوراً فوقياً إجبارياً، بقدر ما أنّ الموضوع هو إعادة ترتيب البيت داخل الجماعة من جهة، وترسيم قواعد علاقتها بالدولة من جهة أخرى، في ظل ظروف داخلية وإقليمية على درجة كبيرة من الخطورة.
أحد القيادات الإسلامية ينقل -حرفياً- عن مكتب الإرشاد مؤخراً، تأكيده لهم بأنّ "المحافظة على النظام الأردني مصلحة إخوانية".