لماذا لم تسقط الحكومة؟!
صنارة نيوز - 2015-03-02 09:17:09بقلم سميح المعايطة: مع كل موسم ثقة بحكومة او مناقشة قانون الموازنة العامة او حتى (هجمة نيابية مرتدة) لحجب الثقة عن الحكومة او وزير حيث تكون النهاية مرور الحكومة والموازنة وعدم وصول مسار مذكرات الحجب الى نهايات سعيدة تحصل المجالس النيابية على حظها من النقد من الناس والاعلام وبخاصة في ظل اتجاه الخطابات يسارا والتصويت يمينا.
والحقيقة ان الامر ليس خاصا بهذا المجلس بل كل المجالس منذ عام 1989، بما فيها المجلس الحادي عشر الذي يحظى بسمعه ايجابية لدى الناس، والذي جاء في مرحلة خاصة، فذلك المجلس منح الثقة لحكومة مضر بدران والموازنة، وحتى الاخوان المسلمين فقد شاركوا في تلك الحكومة في تعديل عليها ومنحوا الثقة في أول مرحلة ضمن صفقة مع الحكومة انذاك، وحتى استقالة طاهر المصري بعد مذكرة كانت تنوي حجب الثقة فقد كانت اجراء مسبقا ولها حكاية تتجاوز اسوار المجلس.
الحكومات لا تسقط في مجالس النواب، وقوانين الموازنة لا تسقط ايضا، والاسباب لا علاقة لها بالخطابات التي يقولها النواب مجلسا بعد آخر، بل لاسباب سياسية، وايضا لقناعات داخل كل النواب وفي كل المجالس.
وبشكل أكثر وضوحا فان تركيبة مجالس النواب ليست قائمة على موالاة ومعارضة للحكومة، وحتى عندما تكون هناك مجموعات من النواب لهم انتماءات حزبية معارضة من اسلاميين ويساريين وقوميين فان هذه المجموعات تعمل وفق توازنات في علاقتها مع الدولة، أي معادلة تتجاوز حدود المجلس، وحتى عندما يذهبون للتصويت ضد حكومة او قانون فان هذا يسبقه حسابات تجعلهم على قناعة بأن التصويت لا يؤدي الى سقوط حكومة او موازنة، او قانون هام، أي يتحركون ضمن هامش يمكنهم من التعبير عن انفسهم لكن دون اخلال بمعادلة الدولة ولهذا لم تسقط حكومة او موازنة داخل جلسات المجلس وبالتصويت فاذا كان هذا حال المجالس التي ضمت معارضة حزبية فكيف عندما تكون المجالس تضم نوابا يعملون وفق معادلة الدولة، أي لا يحملون مواقف مناقضة للمواقف الكبرى التي تحملها الدولة، ولا يعملون لارباك الدولة لا باسقاط حكومة او حتى حجب ثقة عن وزير أي اجبار صاحب القرار على تبني قرارات لا يريدها.
في كل المجالس هنالك نواب لهم تقييمات خاصة بالحكومة او رئيسها لاسباب سياسية او فنية او شخصية، وايضا هنالك مصلحة للنواب في الحديث بمنطق الناس، فالنائب ليس وزيرا بل له مصلحة مباشرة ان يبقى يتحدث بلغة الشارع، لكن النواب او اغلبيتهم لا يريدون أن يمارسوا ادوارا او يتخذوا مواقف مناقضة لمسار الدولة، ولهذا تكون الحركة ضمن هامش النقد والمناكفة والمشاغبة، واحيانا تصل الى الحديث عن اشخاص رؤساء الحكومات لكن هذا الهامش يختفي عند التصويت لأن ممارسة الهامش الموجود عند الحديث عند التصويت يخل بالمعادلة.
وهناك عامل آخر هو قناعة الجميع عند التصويت على أي حكومة بأن سقوط الحكومة بقرار نيابي فقط يضر بمصلحة الدولة ويربكها، وهذا لا يكون فقط عند الموالين بل حتى عند المعارضين من كل مستويات المعارضة، وحتى عندما تكون الدولة قلقة من المزاج النيابي وتمارس تواصلا مع النواب لضمان عدم حدوث مفاجآت فانه حتى النواب الذين لا يتم التوصل معهم ينسجمون مع التوجه العام دون الذهاب لمغامرات، والبعض يؤجل موقفه المعارض حتى يطمئن ان الحكومة نالت الثقة حتى لا يكون تصويته يحمله مسؤولية تعثر الحكومة او الموازنة.
معادلة مجالس النواب سواء كان فيها معارضة ام لا هي ذاتها، فالجميع حريصون على المعادلة العامة للدولة حتى اولئك الذين لا خطوط اتصال بينهم وبين الجهات الرسمية، مع ان الجميع له خطوط وربما لدى البعض أكثر من خط مثلما يحمل البعض أكثر من خط هاتفي على جهاز اتصال واحد.