الأردن يواصل صراعه ضد الفساد
صنارة نيوز - 2019-12-09 09:49:56يشارك الأردن العالم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد ويصادف في التاسع من كانون الأول سنويا، وما زالت أجهزة مكافحة الفساد في المملكة تشتبك مع أصحاب التهمة السَّافرة، فيصدر تقرير لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وآخر لديوان المحاسبة، ويرفع مجلس النواب الحصانة عن وزيرين سابقين، ويرفضها عن نائبين آخرين. محكمة أمن الدولة، ما زالت تحاكم المتهمين بقضية "الدخان" التي بدأتها في 12 آذار الماضي، واستمعت حتى جلستها الأخيرة إلى 91 شاهداً من أصل 141 شاهداً، وتحاكم فيها 29 متهماً، منهم 6 فارون من وجه العدالة، وفي القضية 24 شركة متهمة، منها 22 شركة يملكها أو مسجلة باسم أو يمثلها 22 من المتهمين في القضية، وشركتان مسجلتان باسم اثنين من شهود إثبات النيابة العامة، وتحتوي القضية على 136 بينة خطية تثبت 21 تهمة مسندة للمتهمين، منها 8 تهم جنايات و13 جنحة.
ديوان المحاسبة رقيب عتيد على المال العام في تقريره الصادر عن العام 2018 رصد مخالفات واعتداءات على المال العام وانفاق في غير وجه حق وبمبالغ كبيرة سببت ضررا على خزينة البلاد، وسلَّم الجهات المختصة كل الملاحظات لتقوم بتصويبها.
هيئة النزاهة ومكافحة الفساد المشتبك الأول والرئيس مع الفاسدين أصدرت تقريرها عن العام 2018، وسقط في يد محققيها 38 طبيبًا مختصًا بغسيل الكلى في القطاع الخاص وعلى مدار خمس سنوات استغلوا وزارة الصحة وحصلوا على مبالغ وصلت الى 400 ألف دينار رغم وجودهم خارج البلاد، الا أنَّ الدولة استعادت المبلغ بالكامل. تقرير الهيئة رصدته وكالة الأنباء الأردنية "بترا" ووجدت به ما أسفر عنه العام الماضي من مواجهات مع الفساد، كان من بينها استغلال محطة محروقات لجامعة حكومية وأخذ مال وصلت قيمته إلى أكثر من 300 مليون دينار. وحسب التقرير فقد تعاملت الهيئة مع 2797 ملفًا من بينهم 150 ملفًا مدورًا من العام 2017 وحفظت 1421 ملفًا، وبقي 51 منظورًا، وأنجزت 1325 ملفًا، من بينهم 15 ملفًا تمت إحالتهم الى المدعي العام المختص.
وخلال رصد "بترا" للتقرير تبين أنَّ من بين قضايا الفساد التي أحيلت للمدعي العام، وجود موظف في أمانة عمَّان حصل على شهادة ثانوية عامة مزورة لغايات التعيين، ليتم تعيينه بوظيفة فني حاسوب، رغم أنَّ الكتاب الذي ورد للهيئة بيَّن أنَّ الطالب راسب وغير مستكمل لأسس النجاح في امتحان الثانوية العامة وقد استنفذ فرصه بالنجاح كاملة.
لأول مرة حسب التقرير يستعين مكتب الاحتيال الأوروبي أولاف "OLAF" بالهيئة؛ لإجراء تحقيق بإساءة استخدام منحة من الاتحاد الأوروبي لإحدى مؤسسات المجتمع المدني، بهدف مراقبة الانتخابات البرلمانية للعام 2016، بلغت قيمتها 300 ألف يورو، الأمر الذي أثبتته الهيئة وتم تحويل مالك المؤسسة إلى المدعي العام المختص. الفساد متشعب وهنا استطاعت الهيئة خلال العام 2018 من اثبات تجاوزات مالية في إحدى شركات الاستثمار الاسلامية القابضة، تمثلت في إدارة هذه المؤسسة من قبل مدير عام، وتبين للهيئة ان أغلب العاملين في الشركة هم من أقارب وأصدقاء رئيس مجلس الإدارة، محققًا بذلك منافع شخصية له ولأفراد أسرته، حيث تم صرف مكافأة نهاية خدمة للزوجة بقيمة تجاوزت 47 ألف دينار، مما تسبب بخسائر للمساهمين في هذه الشركة، ووجود استثمارات خارج البلاد وصلت إلى شراء قطعة أرض في سوريا بمبلغ تجاوز 6 ملايين دينار عام 2006، دون وجود أثر مالي على المساهمين رغم مرور 13 سنة من شرائها، واستثمار في شركة بدولة الكونغو الأفريقية بمبلغ تجاوز ال 4 ملايين دينار، ولا وجود لأثر مالي على المساهمين منذ العام 2012 وحتى تاريخه، واستثمار في قطعتي أرض بدولة مونتنيغرو عام 2006 بقيمة 5 ملايين يورو وثبت بكل ذلك الفساد لدى الهيئة.
28 مستشفى حكوميا ارتكبت فيها مخالفات مالية وقانونية حسب الهيئة، وارتكبت هذه المخالفات من قبل الشركات المتعهدة بتقديم خدمات الطعام والشراب والتنظيف وبعض من مشرفي ومسؤولي اللجان ذات العلاقة في تلك المستشفيات، ولا وجود لتوقيع الدخول والخروج من قبل العمال في هذه المشروعات ورغم ذلك فقد تم صرف رواتب كاملة لهم دون وجه حق، إضافة إلى أن بعض المدراء ورؤساء الأقسام كانوا يقومون بالتوقيع عنهم، والتوقيع عن بعض العمال الوافدين على اعتبار أنهم أردنيون. ورصدت الهيئة خلال العام 2018 أنشطة مشبوهة لعشر جهات ومؤسسات وتم كتابة تقارير وتحويلها للجهات ذات العلاقة في الهيئة للسير بالإجراءات المناسبة لذلك.
وعبر طرق استقبال الشكاوى لدى الهيئة، تحققت الهيئة حسب التقرير من معلومات وردت اليها تفيد بحصول عدد من الطلاب على شهادة ثانوية عامة وبعد سلسلة من التحقيقات تبين أنها مزورة ومنسوبة لوزارة التربية والتعليم، وكشفت عملية تزوير كشوفات علامات لعدد من الطلبة بجامعة رسمية تم فصلهم منها، وتمكنت من ايقاف شركة تمارس اعمال التجارة العامة بالعمل بالحوالات المصرفية دون ترخيص من البنك المركزي الأردني.
ومن بين التظلمات التي وردت للهيئة، قيام مستشفى الملك المؤسس بإبلاغ أحد المواطنين عن انتهاء فترة التحويل الصادر من مستشفى الأميرة بسمة اليه، وتحميل المبلغ للمواطن والذي وصل الى نحو 9 الاف دينار، وبعد سلسلة من التحقيقات تم تحميل المبلغ للمستشفى بسبب عدم ابلاغ المستشفى للمواطن بانتهاء التحويل. وفتحت الهيئة 44 ملفا للتحقيق في أعمال انشائية لدى شركة الفوسفات في الفترة ما بين 2007 – 2012 من قبل شركة مقاولات، وتوصلت الى وجود هدر مالي وصل الى 20 مليون دينار، تم عقد اتفاقية بين شركة الفوسفات وشركة المقاولات لاستعادة كامل المبلغ المهدور. وكشف تقرير الهيئة عن قيام بعض من موظفي مستشفى الملك المؤسس بإعطاء اعفاءات طبية مزورة على أنها صادرة من رئاسة الوزراء بلغت كلفتها العلاجية نحو مليون ونصف دينار. يشار إلى أنَّ الأردن يقع في المرتبة 59 على مؤشر مدركات الفساد للعام 2017 من بين 180 دولة عالمية، وهو على بعد 44 نقطة من أنظف الدول من الفساد وهي كندا، ويبتعد عن الدول الأكثر فسادا وهي الصومال وفي رصيدها تسع نقاط.
وتعتزم منظمة الشفافية الدولية وهي منظمة المجتمع المدني الرائدة في مجال مكافحة الفساد في أنحاء العالم في بيان لها نشرته على صفحتها الرئيسية، إصدار النسخة 24 من مؤشر مدركات الفساد يوم الثلاثاء 29 كانون الثاني 2020، ويُعد مؤشر مدركات الفساد أحد أهم الإصدارات البحثية للمنظمة وهو المؤشر الرائد عالميا والذي يسلط الضوء على الفساد في القطاع العام ويعطي لمحة سنوية عن الدرجة النسبية لانتشار الفساد، ويمنح مؤشر عام 2018 تصنيفا لـ 180 دولة وإقليما بالاستناد إلى 13 تقييما أجراها خبراء وإلى استطلاعات في صفوف المسؤولين في عالم الأعمال. كما أجريت تحليلات إضافية لنتائج سنة 2018 لمعرفة العلاقة بين الفساد والأزمة العالمية التي تمر بها الديمقراطية، وعرّفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه "استغلال السلطة من أجل المكاسب والمنافع الخاصة"، أما البنك الدولي فيعرف الفساد بأنه "إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص"، ووفقاً لتعريف الأمم المتحدة فهو "سوء استعمال السلطة العامة لتحقيق مكسب خاص"، أما "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 فإنها لم تتطرق لتعريف الفساد، لكنها جرمت حالات الفساد التي حددتها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. تقول المنظمة حسب آخر تقاريرها في العام 2017 "انه منذ العام 2012، حسَّنت عدة بلدان بدرجة كبيرة من نتائجها القياسية، بما في ذلك ساحل العاج والسنغال والمملكة المتحدة، في حين تراجعت عدة بلدان منها سوريا واليمن وأستراليا.
وتشير في تحليل تقريرها إلى أن البلدان الأقل حماية للصحافة والمنظمات غير الحكومية تميل إلى أن تكون أسوأ معدلات الفساد، وأنه في كل أسبوع ، يُقتل صحفي واحد على الأقل في بلد شديد الفساد، وأنه من بين جميع الصحفيين الذين قُتلوا في السنوات الست الماضية، قُتل أكثر من 9 من أصل 10 في الدول التي سجلت 45 درجة أو أقل على المؤشر.