زياد الرواشدة ..رحلة عطاء

صنارة نيوز - 2017-05-30 20:32:02

تطلع الملك الراحل الحسين بن طلال لإطلاق جامعة واعدة وطموحة تستطيع أن تقدم لا للأردن وحده ولكن الأمة العربية ككل، ومن بين الأجيال الأولى من خريجي الجامعة، وأول رعيل من طلبة كلية الاقتصاد، كان زياد الرواشدة الذي يمثل تجسيداً حياً لرؤية الحسين واستطاع أن يمثل طليعة المصرفيين الأردنيين الذين أسهموا بفعالية ومصداقية في تأسيس القطاع المصرفي العربي والنهوض به، وللرواشدة مسيرة يشهد لها الخبراء في مجال المصارف تزيد عن كونها إنجازاً شخصياً لتتحول إلى جزء جوهري من بناء سمعة لأجيال من المصرفيين الأردنيين.

كان الرواشدة بعد تخرجه من الجامعة على وشك العمل بالبنك العربي، ولكن حاسته السليمة وجدت أن شخصيته المبادرة تتطلب تحدياً أكثر من العمل في بنك كبير ومستقر، وانتقل في مرحلة مبكرة لبنك الأردن ليخوض تجربة تطويره ليصبح ضمن البنوك القيادية على مستوى الأردن ككل، وأعطته هذه التجربة دفعة كبيرة بوصفه متمرساً في التعامل مع التحديات المصرفية وأعباء العمل خاصة في الأسواق الصاعدة لينطلق في تجربة طويلة في الخليج العربي ليعمل في بنك ابو ظبي الوطني شاغلا مناصب متعددة منها مدير ادارة الائتمان بالادارة العامة ومديرا اقليميا، وكانت السمعة التي حصل عليها في مجال العمل المصرفي دافعاً للأمير محمد بن فيصل للتواصل معه للالتحاق ببنك فيصل الإسلامي الذي أسس مجموعة دار المال الاسلامي الذي يعتبر مدرسة عريقة في الصيرفة الإسلامية، وشغل فيه منصب نائبا للرئيس ومديرا عاما لمكاتب سمو الامير فيصل ال سعود ، كما شغل منصب العضو المنتدب للبنك العربي الاسلامي –البحرين وكان عضوا منتدبا للشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي البحرين (بنك الاستثمار) وسيرته كانت حافلة ايضا بالعديد من المناصب منها رئيس تنفيذي لبنك فيصل الخاص ورئيس زاك للاستشارات المالية في جنيف ورئيس شركة لايمبور للاستشارات في كندا.

وشغل الرواشدة العديد من رئاسة وعضوية مجالس ادارة شركات وبنوك منها بنك فيصل الخاص وبنك فيصل الاسلامي المصري وبنك فيصل الاسلامي باكستان وبنك اثمار البحرين، وبنك البحرين والكويت، وشركة سولادتري للتأمين، وبوسطن كابيتال، واوفر لاند كابيتال وفيصل فايننس والشركة المصرية للاستثمارات، والشركة المصرية للتصنيع وشركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية.

مرة أخرى كان الرواشدة يقبل التحدي من جديد، تحركه رغبته في توسعة وتعميق نطاق خبرته العملية وتجربته المهنية، وكذلك رؤيته المبكرة للصيرفة الإسلامية بوصفها أحد الأدوات الضرورية لتحقيق التنمية الاقتصادية ولا سيما وأنها تتعامل مع المخاطر بأسلوب مسؤول ومتوازن، وتواصلت تجربته مع بنك فيصل في مجموعة من البلدان لتضعه في النهاية نائباً لرئيس البنك قبل انتقاله إلى سويسرا ليعمل على تطوير منهجيات الصيرفة الإسلامية ويضعها بمحاذاة الوسائل الحديثة، وفي بيئة تتسم بالمنافسة الشديدة والتقاليد الراسخة في جنيف أحد عواصم المال في العالم كان الرواشدة يواصل تميزه ليتولى وبناء على ثقة كبار المساهمين والمستثمرين لإدارة مجموعة من الشركات الكبرى التي تدير استثمارات كبيرة وعابرة للحدود.

رحلة طويلة تواصلت لعقود خارج الأردن إلا أنها لم تدفعه للانفصال عن المشهد الأردني الذي كان حريصاً على متابعته بصورة دائمة، ولذلك فإن اطلالاته على الوضع المصرفي في الأردن يدلل على الفهم الكامل لمجموعة من المشكلات التي تعتري القطاع، ومن أهمها عدم القدرة على تطوير الخدمات وأدوات العمل لتتناسب مع الحاجات المتزايدة للمواطنين والمستثمرين في الأردن، وخاصة أن البنوك تستوفي هوامش مرتفعة كفروقات بين ما تدفعه من فوائد على أموال المودعين وما تطلبه في المقابل من فوائد على القروض الممنوحة، بالإضافة إلى التركيز على الضمانات وتجنب المخاطرة حتى المدروس منها، بينما الأولى تطوير أدوات قياس الجدارة الائتمانية وتطوير الخدمات المالية المتخصصة والتي تستهدف لخدمة قطاعات معينة مثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تطوير أدوات البنوك الاستثمارية.

يرى الرواشدة أن البنك المركزي الأردني يعتبر بين الأنضج على مستوى المنطقة العربية، إلا أن التحديات على مستوى الحوكمة والفصل بين الملكية والإدارة والخروج من منطق العمل العائلي كلها أمور تحتاج إلى نظرة معمقة من أجل تعزيز الممارسات المهنية في القطاع، وهو الأمر الذي سيمكن الأجيال الجديدة من الشباب الأردني من الحصول على فرص متميزة وقيادية على مستوى الأردن وخارجه، ولكنه أكد بصورة دائمة على أهمية أن تصقل التجربة العملية مع التحصيل المتواصل للمعرفة سواء من خلال الدراسات المهنية أو الأكاديمية مستذكراً سعيه لاستكمال دراسته العليا في مجالات تستطيع أن ترفد مسيرته المهنية.

الرواشدة يرى أن التعليم أولوية ضرورية بالنسبة للأردن ولكنه من المتحمسين للتعليم المقترن بالتدريب وبالمهن التنافسية التي يمكن للأردنيين من خلالها الحصول على فرص العمل في المنطقة وعلى المستوى الدولي، وخاصة أن عصر العولمة لم يعد يعترف بالحدود وأن الخبرة والكفاءة في حد ذاتها لا يمكن أن تخضع لحماية أي دولة.

بدون أية طموحات أو تطلعات لدور سياسي أو مهني داخل الأردن نظراً لارتباطاته الكثيرة في الخارج والتزامه بمجموعة من الملفات فإن الرواشدة يعمل على المساهمة في تطوير الشباب الأردني من خلال المساعدات التعليمية لأنه يؤمن بأن الفرص الحقيقية لا يمكن أن توجد خارج الاستثمار في الإنسان، وأن الفرص مهما بدت صعبة أو بعيدة نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية إلا أن الإنسان يمكنه أن يسعى وأن يثبت نفسه إذا امتلك أدوات العصر وأتقن لغته، وما زال الرواشدة إلى اليوم يسعى إلى العمل على تطوير معارفه والاطلاع على أحدث التحولات والمستجدات في القطاع المصرفي ومجمل القطاعات الاقتصادية.