خبراء : تخفيض الدين وزيادة الإنفاق لا يتفقان

صنارة نيوز - 2016-12-12 22:26:33

عمان- يبدو خبراء غير متفائلين إزاء التناقضات التي حملها خطاب الموازنة العامة إذ يتم الحديث عن تخفيض الدين العام في 2017 بينما من المخطط أن يرتفع الإنفاق الحكومي الجاري والرأسمالي وسط تفاؤل مفرط بالإيرادات المتوقعة.
ويؤكد خبراء لـ"الغد" أن الحكومة لم تقدم حلولا حقيقية لتخفيض الدين قابلة للتنفيذ؛ ودعوها لعدم التفاؤل الكبير في تحقيق إيرادات من جيب المواطن والوصول إلى نسب نمو عالية في ظل التراجع الاقتصادي بشكل عام.
وقالوا إن "خطابات الموازنة العامة متشابهة منذ سنوات ومبنية على تراكمات خاطئة يجب أن تعاد هيكلتها بشكل كامل".
وكان وزير المالية عمر ملحس قال في خطاب الموازنة الذي ألقاه في مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي "نظرا لارتفاع الدين العام إلى مستويات قياسية وانعكاساتها السلبية على الاستقرار المالي، فسيشكل التعامل مع الدين العام أحد اهم المحاور الأساسية التي ستوليها الحكومة اهتماماً خاصاً في برنامج الإصلاح المالي والهيكلي من خلال تبني سياسات مالية تضبط الإنفاق الحكومي وتعزز الإيرادات وتقلص العجز بما يفضي إلى تخفيض نسبة إجمالي الدين العام سنوياً لتصل إلى حدود 77 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021".
وأضاف ملحس في الخطاب أنه "بذلك سيبلغ إجمالي الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 95.1 % في عام 2017، ولينخفض إلى 91.5 % و86.7 % لعامي 2018 و2019 على التوالي".
الخبير المالي مفلح عقل تساءل عن كيفية الحديث عن خطة للحكومة في تخفيض الدين العام في الوقت الذي رفعت فيه الحكومة إنفاقها الجاري خلال العام 2017 بنحو 6.1 % أي حوالي 450 مليونا.
ولفت عقل إلى أن هناك تناقضا في الخطاب الحكومي حول الموازنة وتحديدا في الحديث عن تخفيض نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي وهم يتوقعون أن يبلغ %95.1  في 2017 أي أنه في ازدياد وليس نقصان.
وتساءل عقل حول تصريح الحكومة عن رصد مخصصات لتغطية فوائد الدين الداخلي والخارجي، مستغربا من أي ستأتي هذه المخصصات.
وقال "تاريخيا تنبؤات الحكومة في موازنتها لا تنجح ودائما هناك زيادة في الدين وليس نقصان."
وأكد عقل أن المعضلة هي زيادة الإنفاق، داعيا إلى معالجة جذرية للموازنة تبدأ من الصفر وليس البناء على تراكمات أساسها خاطئ.
إلى ذلك؛ قال وزير المالية إن "الحكومة قامت خلال هذا العام باتخاذ بعض الاجراءات لضبط الإنفاق العام وأبرزها تخفيض النفقات الجارية للوزارات والدوائر والوحدات الحكومية بما نسبته 10 % من نفقاتها التشغيلية إضافة إلى خفض النفقات الرأسمالية بنحو 5 % للوزارات والدوائر والوحدات الحكومية".
يشار إلى أن إجمالي الدين العام بلغ في نهاية شهر تشرين الأول(أكتوبر) 2016 نحو 26 مليار دينار أو ما نسبته 94 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 93.4 % في نهاية العام 2015. علماً بأن مديونية شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه قد بلغت نحو 6.6 مليار دينار. 
بدوره قال الخبير المالي محمد البشير إن خطاب الموازنة للعام 2017 لم يختلف عن ما سبقه من خطابات من وزارات سابقة من ناحية الإيغال بالتفاؤل والقدرة على معالجة معضلة الدين العام والعجز.
وبين البشير أنه في حال كانت تفكر الحكومة في الضغط على ميزانية الأسر لمعالجة مشكلة الدين فإن تلك الخطوات خطيرة جدا.
ولفت إلى إن جملة النقاط التي أثارها الوزير كانت سلبية ولا تبشر بإمكانية الحل، لافتا إلى أن الخطاب لم يقدم حلولا حقيقية ومنطقية بالإمكان تنفيذها.
وبين البشير أن جميع القراءات تشير إلى أن الدين سوف يزداد إلى جانب العجز وليس العكس كما تتوقع الحكومة.
وأكد أن الحكومة تلجأ للدين لتغطية نفقاتها وليس من أجل تحفيز النمو الاقتصادي والقيام بمشاريع ذات قيمة مضافة تقلل نسب الفقر والبطالة.
ولفت إلى أن السياسات المالية هي نفسها منذ نحو 20 عاما وهي من راكمت كل هذا العجز والدين.
يشار إلى أن أحد الحلول التي اقترحها الحكومة في الموازنة هي الاستمرار في إصدار الصكوك الإسلامية لتنويع مصادر التمويل وتوسيع قاعدة المستثمرين في أدوات الدين الحكومي وبما يتسق مع الإطار العام لإدارة الدين العام.
وقال وزير المالية إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي يعاني من الانعكاسات السلبية للصراعات والتوترات والظروف الإقليمية غير المواتية السائدة في المنطقة والتي تعيق تحقيق الأهداف والنتائج التي نصبو اليها على صعيد الاقتصاد الوطني.
وتمثلت أبرز هذه الانعكاسات بارتفاع الدين العام الى مستويات قياسية لا يمكن القبول باستمرارها بحيث أصبح يستنزف جانباً هاماً من الموارد المالية المحدودة المتاحة.
إلى ذلك؛ أبدى الخبير الاقتصادي د.محمد العبادي مخاوفه من ارتفاع مديونية المملكة والكلف المترتبة عليها والتي تتحملها الخزينة، مقابل خطط حكومية متفائلة جدا في تخفيض الدين.
وحذر العبادي من عدم وجود خطة تعالج هذا التفاقم في الدين على المملكة وخاصة أنه يستنزف الخزينة ويضعف قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.
ولفت إلى أن الحكومة تلجأ لحل مشكلة بمشكلة أخرى، فليس من المنطق تخفيض الدين برفع الإنفاق والضرائب وعدم تحفيز النمو.
وأكد العبادي أن ضبط الإنفاق العام هو جزء من حل مشكلة العجز في الموازنة وليس اللجوء للدين.