اصلاحات سوق العمل.. وداعا للعمال الوافدين المخالفين

صنارة نيوز - 2016-11-06 09:58:40
وزير العمل علي الغزاوي من خيار تنظيم سوق العمل الاردني الى محاربة البطالة وتشغيل الاردنيين وتدريبهم وتأهيلهم مهنيا «هو الحل». يمكن اختصار تجربة الوزير الغزاوي الممتدة لبضعة شهور في الحكومة على طريق الوصول لرسم «سياسات عمل» تنفض الغبار عما هو كاتم ومتلبد وملتبس في تدبير شؤون وزارة متعددة الاضلاع، وتعني بكل مفاصل الاقتصاد الاردني وعيش الاردنيين.
صحيح أن عملية اصلاح تراكمية كان الوزير الغزاوي قد بدأها في تنظيم سوق العمل منذ توليه الوزارة، واتسمت بقرارات جريئة بشكل من التصحيح الرديكالي للتشوهات التي تصيب سوق العمل، وكان أولها قرار وقف استقدام العمال الوافدين في 28 -6-2016، وتشكيل لجنة مكونة من الوزارة وجهات أخرى لدراسة « تقييم وتنظيم « سوق العمل، ولا تستهدف قطاع الزراعة ولا غيره.
وبخلاف وزراء عمل سابقين كثر، رسم الوزير الغزاوي «خطوطا حمراء « لتشغيل اردنيين « وحماية امنهم الوظيفي، لربما أن بعض الناس غير مكترثين بهذه المسألة ولا يقابلونها بالتنبه المطلوب، بعدما وصل سوق العمل الى حد متضخم من التشوه والخلل العميقين، وما انتجه اللجوء السوري وتسرب العمالة الوافدة غير القانونية من صدع عميق في بنية سوق العمل، وخلف من ارهاصات كادت أن تحدث كارثة حقيقية في معادلة العمل والعمال.
ومن ابرز توصيات اللجنة السابقة الذكر، الزام جميع وزارات ومؤسسات الدولة بعدم أجراء أي معاملة لأي أجنبي أو عامل وافد إلا بعد تثبيت الرقم الشخصي المصروف للعامل من الاجهزة الامنية على الأنظمة الحاسوبية المعمول بها لدى هذه الجهات.
وأنيطت وزارة العمل بحسب توصيات اللجنة بتكليفها تولي مسؤولية ادارة عملية الربط الالكتروني بين الجهات المعنية بالتعامل مع الاجانب والعمالة الوافدة اعتماداً على الرقم الشخصي، وذلك بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
والزمت توصيات اللجنة الجهات الحكومية والخاصة بعدم تقديم أي خدمة للأجانب الا بعد ابراز الرقم الشخصي وتثبيته على معاملاتها وأنظمتها الحاسوبية متضمنة ما يلي: تحويل الأموال إلى الخارج، وشراء خطوط الهواتف الخلوية، وتقديم الخدمات التعليمية والصحية، والاجراءات القضائية، وأي خدمات أخرى.
وتكلف وفقا لتوصيات اللجنة وزارة الداخلية باصدار وثيقة تعريفية للأجانب غير المقيدين بالحصول على اذن اقامة تحتوي معلومات محددة عنهم، وتكليف وزارة العمل بتعديل التعليمات الناظمة للعمالة الوافدة المعمول بها في الوزارة بشكل يعكس الاجراءات وآليات العمل الجديدة الهادفة إلى تقييم وإعادة تنظيم سوق العمل.
الى جانب ذلك، تكلف وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالزام المدارس والجامعات الرسمية والخاصة والجهات التي تقدم خدمات التعليم والتدريب باستخدام الرقم الشخصي للأجنبي كأساس لقبول الوافد في أي عملية تعليمية أوتدريبية وتزويد الوزارات المعنية بشكل دوري بأسماء الوافدين الملتحقين بالبرامج الدراسية او التدريبية طويلة المدى.
وبما يخص تنظيم عمال القطاع الزراعي، قررت الوزارة السماح لصاحب العمل «المزارع» باستخدام العمال المصرح لهم بالعمل لديه بموجب تصريح عمل ساري المفعول بمهنة عامل زراعي من العمل في المزارع التي تعود ملكيتها له او المستاجرة من قبله، شريطة ان تكون الاراضي مزروعة وبموجب مخاطبات صادرة عن وزارة الزراعة في اي منطقة في المملكة وحسب التعليمات والأسس والقرارات المعمول بها.
كما أولت الوزارة اهتماما لتلبية احتياجات المزارع من العمالة الوافدة، ولذا قررت أيضا السماح بإستقدام العمال الوافدين للعمل في القطاع الزراعي شريطة ان يثبت صاحب المزرعة من خلال مديرية الامن العام/ادارة الاقامة والحدود ان العامل الذي يعمل لديه قد غادر البلاد نهائيا، وان يكون تصريح العامل الذي غادر على اسم صاحب العمل شخصيا، ويمنح عند ذلك تصريح عمل مقابل كل عامل غادر البلاد في الفترة المقررة ولا يجوز استقدام عامل وافد بدلا من عامل تم تسفيره من قبل الاجهزة المعنية.
وسمحت تعليمات الوزارة بانتقال العامل الوافد الذي يعمل في الزراعة من صاحب عمل الى اخر في المنطقة الصادر منها تصريح العمل الساري المفعول بعد موافقة جميع الاطراف شريطة اعلام مديرية العمل صاحبة الاختصاص بموجب نماذج معتمدة من الوزارة.
وكان مجلس الوزراء قرر بتاريخ 17/8/2016، ولغايات التسهيل على المزارعين والقاضي بالموافقة على استيفاء مبلغ «60» دينارا سنويا رسم اصدار تصريح عمل للعامل الزراعي العربي في حال انتقاله من صاحب عمل «مزارع « الى صاحب عمل «مزارع» جديد ووقف العمل بنص المادة 5/ب/2 من نظام رسوم تصاريح عمل العمال غير الاردنيين رقم 67 لسنة 2014 وحتى تاريخ 31/12/2016، حيث كانت الرسوم في المادة الاخيرة «300 « دينار.
وكما فعلت الوزارة تطبيق مبدأ إبراء الذمة من قبل العامل الوافد، ضرورة حصول العامل الوافد على براءة ذمة من صاحب العمل سواء عند الانتهاء من العمل لديه او الانتقال الى صاحب عمل اخر او لدى مغادرته البلاد، ذلك حماية لحقوق صاحب العمل والعامل في نفس الوقت، مع العلم ان هذا الاجراء ليس جديدا ومطبق على العاملين الاردنيين في القطاعين العام والخاص عند الاستقالة او الاستغناء عن خدمات العامل.
وعممت الوزارة على اي عامل فار من المزرعة او الكفيل الذي يعمل عنده من قبل الاجهزة الامنية، وحال القاء القبض عليه داخل البلد او في الحدود تحويله الى مصدر طلبه واتخاذ الاجراءات القانونية والادارية بحقه وتغريمه المبالغ المالية والغرامات المستحقة عليه، واي عامل وافد بالقطاع الزراعي رفض العمل عند كفيله يتم تسفيره واستقدام عامل اخر بدلا منه، واي عامل انتهى عقده لدى كفيله ولا يرغب بالتجديد لدى نفس الكفيل يتم تسفيره ايضا.
وحدت الاجراءات التي اقرتها الوزارة من استغلال العمال الوافدين من قبل اصحاب العمل وبالاخص من لا يحملون تصاريح عمل، وحفظت حقوقهم العمالية، ووضعت سياسة الوزارة يدها على مواطن التشوه والخلل والاستغلال، وقدمت ضمانات قانونية تحمي حقوق المزارع والعامل.
كما أنهت اجراءات الوزارة ما يسمى بـ»العمالة الموسمية « في قطاع الزراعة، والزمت المزارع بالتعاقد مع العامل الوافد لمدة عام كامل، واعطائه كافة حقوقه خلال هذه الفترة والاجر المتفق عليه وعدم السماح للعامل بعد انتهاء الموسم للتسرب للسوق، ومن ثم يأتي المزارع عند بداية الموسم يطلب عمالة وافدة.
اجراءات الوزارة برمتها تهدف قولا وفعلا الى حماية قطاع الزراعة، وليس ثمة استهداف للقطاع كما يتخيل للبعض، أنما تشكل تلك الاجراءات حماية لحق المزارع الحقيقي الممتهن لمهنة الزراعة ولرأس المال الجاد المستثمر في القطاع الزراعي وحماية ايضا للعامل الوافد الملتزم.
بعثت اجراءات الوزارة بهذا الخصوص رسائل تطمين الى الدول التي تصدر عمالة وافدة، ولقيت ترحيبا واسعا من السلطات والمنظمات الحقوقية التي أبدت تفمها لحماية حقوق العامل والحد من مظاهر استغلال العمال الوافدين، من خلال العقود المبرمة مع الكفلاء والالتزام باصدار تصاريح عمل لهم وفقا للقانون، وان التشديد يصب في مصلحة العامل الوافد من اجل حماية حقوقه العمالية والانسانية.
ورصدت الوزارة تجارب ناجحة جدا في العديد من المزارع التي تستخدم عمالة اردنية، بحيث تم توفير بيئة عمل مناسبة واجور معقولة وساعات عمل محددة وحوافز لهم وابدى اصحاب هذه المزارع رضاهم الكامل عن العمالة الاردنية بعد توفير بيئة عمل لهم لائقة، ولم يعد هناك تغول من العمالة الوافدة على اصحاب العمل.
وترفض الوزارة نهائيا تصويب اوضاع العمالة الوافدة غير الملتزمة بالقانون، ويعتبر الوزير الغزاوي تصويب الاوضاع انها تعني معاقبة العامل الملتزم وتكريم العامل المخالف وتصاريح العمل يتم تجديدها حسب الاصول. كما عدلت الوزارة اجراءات حصول العمالة الوافدة في القطاع الزراعي المعمول بها سابقا « على التصاريح حسب مساحة الاراضي» ودفع ثمنها المزارع الحقيقي، حيث يجري الان منح التصاريح على المساحة المزروعة فقط.
مساحة اصلاح سياسات العمل التي يقف الوزير الغزاوي بثبات حكيم ورشيد على تطبيقها تفضي حتما الى بداية الحلول المنطقية والواقعية في تغيير معدل وارقام البطالة وتوفير فرص العمل للاردنيين بشكل احلالي وتدريجي، فكل ما يفعله الوزير من اصلاح واعادة تخطيط لسوق العمل قد نلامس نتائجه بالرقم الصادق والصواب خلال زمن قريب.

 "جفرا "