ربما لن يطول عناق الدب الروسي لـ"الأوبك"

صنارة نيوز - 2016-10-19 07:10:51

احذروا الدب الروسي الودود؛ رغم أن أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم قدمت دعمها الكامل لاتفاق الدول المصدرة للنفط "الأوبك" على خفض الإنتاج، يغلب الظن ألا يتعدى هذا الدعم مجرد إحداث جلبة.
ودون المشاركة الروسية أيضاً، ربما يكون إبرام مثل هذا الاتفاق أمراً صعباً.
لقد ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثقله خلف مسعى الأوبك الرامي إلى تخفيض إنتاج النفط بشكل جماعي من أجل تسريع إعادة التوازن لمستويات العرض والطلب، وقال أثناء زيارته إلى اسطنبول الأسبوع الماضي إن روسيا مستعدة للنظر في خطط تجميد الإنتاج أو حتى تخفيضه.
وفعلياً، ارتفعت أسعار النفط بنسبة تجاوزت الـ14 % عقب إعلان منظمة الأوبك، في اجتماع الجزائر، أنها تنوي تخفيض الإنتاج. ولكن رئيس شركة "روزنفت" النفطية، إيغور سيشن، أجاب بسؤال "لماذا ينبغي علينا أن نقوم بذلك؟"، عندما سئل الأسبوع الماضي عما إذا كانت المنتجة –التي تشكل 40 % من النفط الروسي- سوف تحدد إنتاجها أم لا.
ومن جهته؛ قال ليونيد فيدون الملياردير نائب رئيس شركة "لوك أويل" -ثاني أكبر منتجة للنفط في البلاد، الأسبوع الماضي أيضاً أنه "لا يشك" بأن يكون هناك تجميد أو تخفيض للإنتاج: "أنا على ثقة بأن الجميع سينضمون إلى أي إجراء توافق عليه الحكومة".
وبحلول الأربعاء الماضي، تراجع بوتين –عقب عودته إلى موسكو- عن إحدى النقاط التي أشار إليها موضحاً أن العالم سيستفيد من تجميد الإنتاج عند مستوياته الحالية، في حين "لن تكون هناك فائدة تذكر" للنظر في تخفيض الإنتاج.
ولكي نكون منصفين، دائماً ما تفضل روسيا تجميد الإنتاج على تخفيضه –الأمر غير المستغرب في ضوء أن استثمارات الدولة في الحقول الجديدة أصبحت تأتي أكلها.
وفي هذا السياق؛ سجل الناتج القومي الروسي –في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي- 11,1 مليون برميل يومياً في شهر أيلول (سبتمبر) الراحل من العام، وأمسى أعلى من ذلك بمعدل 100 ألف برميل في اليوم حتى يومنا هذا من الشهر الجاري.
ولكن، ما يزال تحول الأحداث غريباً. وكما بين ليام دينينغ، كاتب عامود مختص بشؤون الطاقة والتعدين والسلع في "بلومبيرغ"، تملك الحكومة حوافز قوية لعكس الإنهيار في أسعار النفط والغاز، الذي عاث فساداً في مواردها المالية وعملتها المحلية "الروبل"، فضلاً عن احتياطاتها من النقد الأجنبي.
ولكن، إذا ما اعتبرنا التاريخ دليلاً واضحاً، ينبغي ألا تتوقع الأوبك الكثير من روسيا. ففي العام 2002، وافقت المجموعة على تخفيض إنتاجها بنحو 1,5 مليون برميل يوماً، شريطة أن تخفض الدول غير الأعضاء في المنظمة إنتاجها بنحو 500 ألف برميل يومياً.  وقد تعهدت روسيا بدعم هذا الاتفاق، كما عرضت أن تخفض صادراتها بنحو 150 ألف برميل –تبعاً لأي أساس؟ لم تحدد الأمر حقيقةً.
وعلى الرغم من تحديد التصدير، ارتفع تصدير روسيا للنفط الخام بنسبة 2 % في النصف الأول من 2002، بينما زاد إنتاجها أيضاً بنسبة 8,4 % على أساس سنوي. 
ربما لم يكن ذلك مستوى الدعم الذي كانت الأوبك تتمناه من روسيا في نهاية المطاف.
أعمدة الأساس للأوبك
يعتمد مقدار التخفيضات اللازمة لتحديد الإنتاج عند 32,5 مليون برميل يومياً، على نقطة الإنطلاق التي تختارها الأوبك في اجتماعها المقبل.
ومن الصعب أن نتوقع أن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة؛ فقد جادلت الشركات الروسية، منذ فترة طويلة، حول استحالة إيقاف الإنتاج في حقول غرب سيبيريا المتجمد في كل وقت، في ضوء أن معظم الآبار هناك تتطلب مواصلة الضخ لاستخراج النفط إلى السطح.
ومن هنا، يزيد إيقاف الإنتاج شتاءً من خطر التجمد، والذي ربما يجعل إعادة الضخ أكثر كلفةً، لاسيما مع انخفاض معدلات التدفق وارتفاع كميات المياه –غير المرغوب فيها، والتي تتدفق إلى السطح- في العديد من حقول الدولة الكبيرة والقديمة.
وبالإضافة إلى ذلك، تُكثف البطلتان الوطنيتان "روزنفت" و"غازبروم"، جنباً إلى جنب مع "لوك أويل" المملوكة للقطاع الخاص، إنتاجها من الحقول الجديدة التي لا شك ستتردد كثيراً قبل التخلي عنها في حال أقر قرار ما بشأن الإنتاج.
وليست هناك أيضاً من شركة مستعدة لوقف الإنتاج عن طيب خاطر، لأنها لا شك أنفقت مبالغ هائلة في عمليات التطوير خلال السنوات الخمس الماضية، الأمر الذي يمثل الواقع الروسي وواقع أي مكان آخر من العالم. 
ومع التكلفة الكبيرة للحفاظ على الإنتاج في حقول غرب سيبيريا التي شاخت إلى حد كبير، تمثل الحقول الجديدة -الواقعة في القطب الشمالي وبحر قزوين- الفرص المستقبلية لشركات النفط الروسية.
ولكن هذه الخطط لن تتحقق بالمجان، بحيث قال فيدون أن الشركات تحتاج سعر 80 دولارا للبرميل على الأقل لتمضي قدماً في خططها طويلة الأجل.
ومن جهة أخرى، أصبحت مشاركة روسيا في توجيه أسواق النفط، بوصفها واحدة من أكبر -وربما الأسرع نمواً- منتجي النفط غير الأعضاء في الأوبك، تقريباً لا بد منها.
فلولا ذلك، سوف تهتز صورة الأوبك في أسواق النفط. ومع ذلك، ما يزال بإمكان المنظمة أن تعيد اتزانها بمفردها، كما فعلت في السنوات الثلاثين الأخيرة.
ولكنها قررت منذ عامين أنها لم تعد بحاجة إلى لعب هذا الدور، والآن ستضعف رسالة وصورة الأوبك أكثر وأكثر دون التدخل الروسي.
وفي نهاية المطاف، سوف تكون الأوبك محظوظةً إذا ما ذهبت المساهمة الروسية إلى ما هو أبعد بكثير من مجرد دعم لفظي. والدعم على أية حال يختلف كثيراً عن المشاركة.
جوليان لي - (بلومبيرغ)