ضغوطات اقتصادية تخنق الطبقة الوسطى وتتسبب بتآكلها تدريجيا
صنارة نيوز - 2016-09-29 05:20:47عمان – في ظل غياب كثير من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي كان من المفترض أن تكون بمثابة رافعة للطبقة الوسطى في المجتمع الأردني استمرت هذه الشريحة بالتلاشي عبر سنوات، حتى أن آخر الأرقام الرسمية باتت تشير إلى أن 7 أشخاص من كل عشرة ليسوا من ضمنها.
وبالفعل؛ تعرضت هذه الطبقة لضغوطات كبيرة خلال السنوات الماضية كان على رأسها تراجع القيمة الشرائية للدينار بسبب تضخم الأسعار وإزالة الدعم عن كثير من السلع والخدمات وفرض ضرائب لا حصر لها دون ان يقابل ذلك زيادة مناسبة على
الدخول.
وبطبيعة الحال؛ كانت الحكومات الأردنية تلجأ لإزالة الدعم وفرض الضرائب لتعزيز الإيرادات حتى تنجو من كارثة تنامي العجز والدين العام؛ لكن هذه السياسة كانت السبب المباشر في تآكل الطبقة الوسطى وفي المقابل لم ينخفض الدين ولا العجز؛ بحسب ما يراه خبراء.
وللمفارقة؛ كان الدين العام في العام 2011 يبلغ 14.48 مليار دينار، وقفز إلى 25.5 مليار دينار في العام 2016 بزيادة نسبتها 76 %، والهدف من ذلك كان تغطية العجز الذي استمر في الزيادة رغم كل الإجراءات السابقة في فرض الضرائب ورفع الدعم التي مست الطبقة الوسطى بشكل مباشر، وأدى ذلك بشكل رئيسي إلى تراجع نسبتها في المجتمع من 41 % في العام 2008 إلى ما نسبته 29 % في العام 2010.
منذ 2010 وحتى اليوم لم تعلن الحكومة أرقاما حديثة حول نسب وعدد الفقراء في المملكة، وبالتالي بقيت نسب الطبقة الوسطى للمجتمع غير معروفة خلال السنوات الست الأخيرة، وسط توقعات بانكماش أكبر لهذه الطبقة تزامنا مع ما تم تسريبه مؤخرا حول معدلات الفقر التي لم تعلن رسميا والتي أشارت الى أنّ نسب الفقر تجاوزت الـ20 % للعام 2012.
ويحذر خبراء من انكماش هذه الشريحة لأنها تمثل الفئة الأكثر إنتاجا واستهلاكا في آن واحد ما يعني أن تآكلها سيؤدي بشكل أو بآخر لتراجع الأداء الاقتصادي الذي يعاني كثيرا من عوامل أخرى.
وكذلك يحمل نقباء وعاملون في قطاعات اقتصادية مختلفة مسؤولية مباشرة للسياسات الحكومية الخاطئة، والظروف الإقليمية التي أدت إلى تراجع القطاعات المشغلة للطبقة الوسطى على رأسها الخدمات المالية والصناعة والتجارة بنوعيها؛ التجزئة والجملة؛ إضافة إلى قطاعات النقل والاتصالات وقطاع الإسكان والصحة.
ولا يمكن الفصل، بحسب الخبراء، بين ارتفاع كلف خدمتين رئيسيتين، هما الصحة والتعليم؛ وبين اضمحلال الطبقة الوسطى التي باتت تنفق كثيرا من دخلها على هاتين الخدمتين.
تقارير البنك الدولي من جهتها تشير إلى أنّ ثلث سكان المملكة عاش دون خط الفقر، أقّله خلال ربع واحد من أرباع السنة.
بمعنى آخر؛ 18.6 % من مجموع السكان الذين لا يُصنّفون كفقراء بحسب تقديرات الفقر السنوية لكنّهم اختبروا الفقر خلال فترات معيّنة وهذا ما يسمى بـ"الفقر العابر"، حيث أن هؤلاء هم أصلا منتمون الى الطبقة الوسطى لكنهم ينزلقون إلى الفقيرة خلال فترات من السنة.
ويرى وزير تطوير القطاع العام سابقا د.ماهر المدادحة أنّ الطبقة الوسطى في المملكة باتت تتآكل لثلاثة أسباب رئيسية؛ الاولى تراجع النمو الاقتصادي بشكل عام، والثاني تآكل الدخول الناجم عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وثالثا بسبب سوء الخدمات المقدمة للطبقة الوسطى وخصوصا التعليم والصحة.
ويشرح المدادحة "التراجع الاقتصادي بكل مؤشراته انعكس على الطبقة الوسطى، فيما أنّ ارتفاع الأسعار الذي أدى إلى تآكل الدخول ساهم في انزلاق الكثير وتحديدا الطبقة الوسطى الدنيا إلى الفقيرة".
وأشار إلى أن نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى هم من "الطبقة الوسطى الدنيا" التي تعتبر دخولها أعلى بقليل من خط الفقر ما يعني سهولة انزلاقهم إلى الطبقة الفقيرة.
ويزيد المدادحة "سوء الخدمات الحكومية ومنها التعليم جعل معظم أسر الطبقة الوسطى يبحثون عن بدائل أفضل لأبنائهم ثمّ الصحة وغيرها كانت من أهم أسباب تآكل دخول هذه الطبقة وانكماشها".
ويؤكد المدادحة خطورة تآكل هذه الطبقة، إذ يرى أنها عماد أي اقتصاد فهي التي تحمل الاقتصاد وتكون سببا في نموه وتنميته.
على أنّ الاقتصادي د.محمد البشير الذي اتفق مع المدادحة أكد أن تراجع الاقتصاد أثر على هذه الطبقة، ويرى أنّ السياسات الضريبية والرسوم أثرت بشكل مباشر على هذه الطبقة.
ويشرح البشير "عنوان نجاح أي حكومة يكمن في فرض سياسات ضريبية تقلص الفجوة ما بين دخول المواطنين، وتحديدا الطبقة الوسطى التي تشكل الطبقة الأوسع في المجتمع". مشيرا إلى أن الطبقتين الغنية والفقيرة لا تتأثران في الغالب بهذه السياسات كما هو الحال بالنسبة للوسطى.
ويؤكد البشير أنّ جزءا كبيرا من الطبقة الوسطى لم يعد قادرا على تحمل تكاليف الحياة، وهذا يعني نزول هذه الفئة إلى الطبقة الأفقر.
ويرى البشير ضرورة دعم هذه الطبقة بأنها هي من يحمي الاقتصاد ويدفعه للأمام.
وكان الأردن قد طبق تحرير أسعار المحروقات في 2012 مع قدوم حكومة عبدالله النسور السابقة، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات، فيما بدأت المملكة قبل أسابيع تطبيق برنامج "الائتمان الممدد 2016 / 2019 والذي تقترض الحكومة بموجبه 730 مليون دولار على 3 سنوات، والذي يترتب عليه استحقاقات تتلخص في تخفيف الدعم عن عدد من السلع والخدمات الى جانب تبني استراتيجيات شركة الكهرباء الوطنية نبكو والتي سيتم بموجبها زيادة أسعار التعرفة الكهربائية عند بلوغ سعر برميل النفط 55 دولارا، والمرجح أن تبدأ تلك الخطوات بداية العام الجديد، وغيرها من الإجراءات التي من المفترض أن تؤثر على الطبقة الوسطى.
ويجمع نقباء وممثلون لقطاعات اقتصادية مختلفة على أنّ "الأوضاع الاقليمية الأخيرة" كانت سببا في تراجع القطاعات المختلفة، وبالتالي تراجع النمو، كما يجمعون على أنّ هناك "ضعفا في السياسات الحكومية وتخبطا في القرارات على صعيد الاقتصاد الكلي والجزئي".
وتقدر الإحصائيات الرسمية معدلات النمو بحوالي 2.3 % خلال الربع الأول من العام 2016 مقارنة بالربع الأول من العام 2015، وقد كانت هذه النسبة قد قدرت العام الماضي بنحو 2.4 %، مقابل 3.1 % خلال 2014 ما يعتبره اقتصاديون ومراقبون منخفضا.
ويعتبر قطاع المالية والتأمين وخدمات الأعمال أكبر القطاعات المساهمة في نمو اقتصاد المملكة، حيث بلغت نسبته 21.8 %، يليه الصناعات التحويلية بنسبة 15.7 % وقطاعات النقل والتخزين والاتصالات بنسبة 15.1 %، وصافي الضرائب على المنتجات 13.4 %، من ثم تجارة الجملة والتجزئة والفنادق بنسبة 10.5 % ومنتجو الخدمات الحكومية بنسبة 11.6 %.
وتشير الدراسات الرسمية وتحديدا دراسة الطبقة الوسطى الأخيرة والمعدة من قبل دائرة الإحصاءات العامة أنّ النسبة الأكبر من الطبقة الوسطى تتركز في قطاعي التجارة والإدارة العامة وقطاع النقل والاتصالات؛ حيث تستحوذ هذه القطاعات الثلاثة على نحو 52 % من عدد المنتمين إلى هذه الطبقة، وهي الأدنى من ناحية توفير الفرصة للانضمام إلى الطبقة الوسطى مقارنة بالقطاعات الصاعدة التي تتيح الفرصة للانضمام لهذه الطبقة.
ووفق الدراسة؛ فإنّ القطاعات التي تولد فرص العمل هي قطاع "الخدمات المالية" و"التعليم" و"الصحة".
وتتركز الطبقة الوسطى قطاعيا في مجال "تجارة الجملة والتجزئة"، إذ يشكل العاملون في هذا القطاع نحو 21.2 % من إجمالي الطبقة الوسطى، يتبعها قطاع "الإدارة العامة والدفاع" بنسبة 20 %، ثم القطاع الصناعي بنسبة 12 %. ويبرز أيضا قطاع "النقل" و"الاتصالات" كأحد القطاعات المهمة بنسبة 10.1 %، من الطبقة الوسطى فيما تتدنى نسبة القطاع الزراعي وقطاع التعدين والمقالع بنسبة لا تزيد على 3 و2 % على التوالي.
وتوصف هذه القطاعات بـ"المولدة للطبقة الوسطى"، فيما تعتبر قطاعات التمويل والعقارات والاتصالات من بين القطاعات الأعلى أجراً في الأردن، وتشكل العمالة في هذه القطاعات نسبة صغيرة من إجمالي العمالة، لكنها أظهرت معدلات نمو مرتفعة.
وقد كانت الإحصاءات أكدت أنّ "السياسات التي تمكن هذه القطاعات من النمو ستلعب دورا في إيجاد المزيد من الوظائف للطبقات الوسطى والمساهمة في نمو هذه الطبقة".
قطاع التجارة
رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي يرى أنّ القطاع التجاري بات لديه الكثير من المشاكل حاليا التي تؤدي إلى تراجعه وتحديدا المشاريع المايكروية والصغيرة والمتوسطة.
ويوضح الكباريتي أن أسباب هذا التراجع هو الانكماش الاقتصادي بكل عام، ووجود اللاجئين السوريين الذين أخذوا من الأردنيين العديد من المهن في ظل عدم وجود قوانين وأنظمة تنظم عملهم في السوق، مشيرا إلى أنّ التنافس المفتوح وغير المراقب وإعطاء حق للاجئ بالتنافس في العمل وحتى في أن يكون صاحب عمل وتحديدا في هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة وليست الاستثمارات الكبيرة أثر على التجار الأردنيين.
ويضيف "الأسباب السابقة لانكماش السوق بشكل عام، وارتفاع تكاليف الحياة من كهرباء وإيجارات وحتى أسعار السلع والخدمات أثرت على فئة التجار من الطبقة الوسطى".
ويطالب الكباريتي بضرورة وضع القوانين وأنظمة تنظم دخول السوريين إلى السوق، وتحديدا في المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لا تستطيع أن تنافسهم لأسباب عدة (قدرة السوري الإنتاجية أعلى وقدراته على التسويق أفضل)، فيما أكد على ضرورة أن يكون تطبيق هذه القوانين صارما.
ويشدد على ضرورة دعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والعمل على تنميتها وتضخيمها، حيث لا بدّ من إيجاد حلول تمويلية لهذه المشاريع، كما لا بدّ من مساعدتها في تسويق منتجاتها وغيره من التنظيم.
وألمح الكباريتي إلى ضرورة فتح "الجنسيات المقيدة" الذي أثر على السياحة العلاجية كما أثر على كثير من القطاعات التجارية؛ حيث أنّ هذه الجنسيات كانت تحرك السوق من خلال زياد الطلب.
قطاع الصناعة
عضو غرفة صناعة عمان؛ رئيس لجنة حملة "صنع في الأردن"؛ المهندس موسى الساكت يرى أنّ غياب الاستراتيجية والرؤية للتعامل مع القطاع الخاص بشقيه الصناعي والتجاري يسبب تخبطا بالتشريعات والقرارات التي تأتي محبطة وغير محفزة، إضافة إلى أنها تَصدر بشكل مفاجئ دون مقدمات.
ويشير الساكت إلى أنّ هناك مشكلة في هذا القطاع تتمثل في صعوبة دخول المنتجات الأردنية إلى الأسواق التجارية المحلية تحديداً "المولات"، وشح العمالة المدربة وصعوبة استقدام البديل من جهة أخرى.
ويرى أنّ هناك مشكلة في وجود الاتفاقيات الثنائية غير المدروسة والتي تؤثر اليوم على تنافسية الصناعة الوطنية، خصوصاً أن بعض هذه الصناعات المستوردة تَلقى دعماً مباشراً من بلدها الأصلي.
ويذكر الساكت؛ من المشاكل ارتفاع اسعار الطاقة والبديل بما يتعلق بالطاقة المتجددة مايزال صعبا؛ حيث ان هناك صعوبة امام المصانع باستخدام هذا الخيار خصوصا ان الشبكة والطاقة الاستيعابية لها محدودة.
ويضيف أنّ إغلاق الاسواق المجاورة خصوصا العراق أدى الى تراجع كبير في الصادرات، وبالتالي انخفاض الناتج المحلي الإجمالي مما انعكس سلبا على معدل دخل الفرد،
واقترح الساكت من الحلول ضرورة التعامل مع جسم صناعي وتجاري واحد والتباحث معه أثناء صياغة القوانين، وتشكيل مجلس شراكة حقيقي يناقش ويضع حلولا اقتصادية خلاقة ويتابع تنفيذها.
وأشار إلى أنّ الحكومات تفتقد للرؤية ناهيك عن عدم وجود فريق اقتصادي كفؤ خلال السنوات الماضية وبالتالي لا يوجد خطة واضحة المعالم للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه، والذي ينعكس سلبا علينا جميعا، والدليل اختفاء الطبقة الوسطى تدريجياً.
النقل
رئيس نقابة العاملين بالنقل البري محمد المعايطة أشار إلى أنّ حجم قطاع النقل البري في الأردن يقدر بحوالي 50 ألف واسطة نقل بمختلف تصنيفاتها سواء حافلات كبيرة ومتوسطة وسيارات تاكسي وسرفيس ونقل دولي وسفريات خارجية ومركبات الشحن الداخلي والخارجي؛ يعمل عليها ما يزيد على 70 ألف سائق، حيث يعمل على عدد من وسائط النقل اكثر من سائق خلال اليوم.
ويرى المعايطة أنّ عاملي قطاع النقل يعانون من تراجع القوة الشرائية في ظل تآكل الدخل جراء ارتفاع الاسعار وعدم تحسين الاجور الشهرية لهذه الفئة، مشيرا الى أنّ أكثر ما أثر على هذا القطاع كان الأحداث السياسية والأمنية في الدول المجاورة ما أدى إلى إغلاق عدد من الاسواق المهمة والتي كانت تشكل مصدر دخل كبيرا للعاملين في قطاع الشحن البري والمبرد والنقل السياحي.
كما يعاني السائقون من عدم توفر مظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي خاصة للعاملين لدى افراد وبشكل خاص على سيارات التاكسي والسرفيس وأصحاب الشاحنات الفردية.
ومن المشكلات الاخرى التي تؤثر في العاملين بهذا القطاع صفة عدم الاستقرار والثبات في مكان العمل تبعا لبيئة وظروف العمل حيث يجرى البحث عن فرصة عمل افضل لتحصيل مكتسبات اضافية لدى صاحب العمل الجديد.
قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
الخبير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبدالمجيد شملاوي أشار الى انّ قطاع الاتصالات قطاع كبير يطغى على المشهد لكبر الشركات فيه.
ويميز شملاوي بين قطاع الاتصالات وقطاع تكنولوجيا المعلومات؛ حيث يرى أن هناك تراجعا في التوظيف في قطاع الاتصالات، فيما أن هناك استقرارا أو نموا بطيئا في قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وشرح شملاوي أنّ أسباب تراجع التوظيف في الاتصالات تعود إلى أن هذا القطاع عالميا بات في تغير مستمر، حيث لم يعد يعتمد على المكالمات ويتحوّل أكثر الى البيانات وهذا غيّر من طبيعة القطاع.
وأضاف أنّ هناك تراجعا عالميا في دخل قطاع الاتصالات بعد تغيّر منظومة هذا القطاع، فانخفاض المكالمات يعني انخفاض الدخل لهذه الشركات.
أما قطاع تكنولوجيا المعلومات والذي يرى شملاوي أنه ينمو ببطء؛ فإنّ استقراره يعود بسبب موقع الأردن ومركزه بين دول المنطقة، حيث يعتبر الأردن مركزا للبرمجيات والخدمات.
ورغم ذلك فإنّ القطاع بات يواجه تحديا في الأسواق المحيطة التي أغلقت بسبب الظروف الأمنية لديها وتحديدا سورية والعراق على أنّ هناك أسواقا بقيت مفتوحة أمام القطاع.
وألمح شملاوي إلى أنّ مبادرة "ريتش" تعمل حاليا على وضع خطة من شأنها أن تساعد على نمو القطاع، وهي خطة ركزت بشكل أساسي على "عدم التعامل مع القطاعات الاقتصادية بشكل منفصل" حيث أن العالم حاليا تغيّر وأصبحت القطاعات المختلفة مترابطة ومتداخلة حيث تحول العالم إلى "استخدام التطبيقات في تفعيل الاقتصاد" و"تطوير القطاعات باستخدام تكنولوجيا المعلومات".
وأشار إلى أن العالم حاليا يسير نحو ما يسمى بـ"اقتصاد الانترنت" واستخدامه بكفاءة وفاعلية.
قطاع الإسكان
رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان م.زهير العمري أشار الى أنّ القطاع هو قائد القطاعات في الاقتصاد الأردني فهو يشمل القطاع الهندسي والمقاولات والصناعات والتجارة المرتبطة بالإنشاءات، اضافة الى قطاعات خدمية.
وأشار العمري الى انّ هذا القطاع يعاني من تراجع منذ الازمة المالية العام 2008.
وقال "هذا القطاع يلعب دورا مهما في الاقتصاد سواء في التشغيل ومحاربة البطالة والفقر، أو في رفد الخزينة بالأموال" مشيرا إلى أنّ كل مليون دينار استثمار في هذا القطاع يرفد الخزينة بحوالي 30 % من هذا الاستثمار.
وأشار العمري إلى أنّ هذا القطاع ومنذ 2009 يعاني من تراجع، واصفا ذلك بـ"الحالة المرضية".
وأضاف "الوصفات التي وضعت لمعالجة القطاع لم تكن جيدة بما يكفي كي تشفي القطاع من مشاكله "فما تزال الوصفات التي توصف لهذا القطاع ضعيفة".
وقال "2015 و2016 كانت من أكثر السنوات سوءا على هذا القطاع، وذلك لأسباب خارجية تتعلق بالأحداث في الدول المحيطة والمستقبل الغامض للمنطقة، والأزمة المالية العالمية، وأسباب محلية تتعلق بعدة مشاكل".
ومن الأسباب الداخلية؛ شرح العمري أنّ هناك مشكلة أساسية في هذا القطاع تتمثل في القدرة الشرائية للمواطن مقابل ارتفاع أسعار العقار.
وبين أنّ هذا سببه ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، وتشدد البنوك في منح القروض، إضافة إلى أنّ شروط ومتطلبات أمانة عمّان (فيما يخص العقار في العاصمة)، اضافة الى عدم تناسب القوانين والأنظمة مع التطورات التي طرأت خلال العشر سنوات الأخيرة.
وألمح إلى أنّ أسعار الأراضي ارتفعت 5 أضعاف عما كانت عليه في 2005، كما ارتفعت أسعار الشقق 3 أضعاف عما كانت عليه العام 2005 ؛ ووصف العمري الأسعار بـ"الخيالية"
وطرح العمري قضية ساهمت -وفق رأيه- بهذا الجنون في الأسعار؛ إذ أنّ ارتفاع أسعار الأراضي وانخفاض نسبة البناء المستفاد منها ساهم في هذا الارتفاع، مشيرا الى أنّ هذا مطبق منذ 2005 قبل كل هذه التغيرات التي حدثت في الاقتصاد.
وطالب العمري بضرورة أن يتم ضم أراض إلى مناطق "التنظيم" ومد البنى التحتية لها إذ سيساهم ذلك في تخفيض أسعار الأراضي، مشيرا الى أنّ "أكثر من 60 % من سعر الشقة في المملكة هو سعر الأرض".
كما شدد على ضرورة أن يتدخل البنك المركزي في تخفيض أسعار الفائدة على العقار وتقليل شروط الاقتراض على المواطن، كما أكد على ضرورة تدخل الأمانة في تشجيع المساكن الصغيرة التي تتناسب وقدرات المواطنين.
ولفت إلى أنّ هناك ضرورة لمعالجة مشكلة الاحتكارات في قطاع الإسمنت الذي كان سببا آخر مهم في ارتفاع أسعار البناء، مشيرا إلى أنّ سعر الاسمنت في الأردن أضعاف الأسعار في الدول المحيطة.
وأكد العمري ضرورة تخفيض رسوم نقل الملكية والعودة الى نظام الاعفاءات الذي كان معمولا به في السابق.
وطالب بضرورة أن يكون هناك خطة متكاملة لتحفيز القطاع تشكل كل هذه الحلول.
الوساطة المالية
نقيب أصحاب شركات الوساطة المالية محمد البلبيسي أشار إلى أنّ عدد شركات الوساطة المالية كان يقدر في 2008 بحوالي 92 شركة، وصل اليوم 56 شركة أي أن هناك حوالي 30 شركة أغلقت خلال الثمانية أعوام الأخيرة.
وأضاف أنّ كل شركة من هذه الشركات "التي أغلقت" كان لديها ما بين 25 إلى 30 موظفا فقدوا أعمالهم، فيما أنّ الشركات القائمة حاليا والتي تقدر بـ56 أغلبها استغنى عن خدمات نصف موظفيه.
وأشار إلى أنّ 14 إلى 15 شركة فقط من هذه الشركات تحقق أرباحا سنوية، فيما أنّ 5 الى 10 شركات فقط لا تحقق أرباحا لكنها لا تخسر، وباقي الشركات تخسر ومن المحتمل خروجها من السوق.
وأشار الى أنّ سبب هذا الوضع السيئ للقطاع هو "ضعف التداول" بشكل عام، مشيرا إلى أنّ المؤشرات الإجمالية السنوية لا تعكس الوضع الصحيح لهذه الشركات.
وأضاف أنّ آخر 4 سنوات كان هناك عمليات تحويل ملكيات لمبالغ كبيرة تنفذ من خلال شركة أو شركتين، أي أنّ تحويل هذه الملكيات الكبيرة كانت من خلال شركات وساطة معينة استفادت منها، وهذا "يعطي أحجام تداول كبيرة لكنها تنفذ من شركة أو شركتين فقط ما يعني عدم استفادة معظم شركات القطاع".
وقال البلبيسي "استمرار ضعف التداول بات يؤثر على ربحية شركات الوساطة" مشيرا الى أنّ معدلات التداول اليومية بين 4 إلى 6 ملايين دينار، وهذا يعني أنّ هناك شركات لا تغطي مصاريفها.
ويرى البلبيسي أنّ المشكلة الأساسية تكمن في "البيئة الاستثمارية غير المشجعة وغير الجاذبة لتنشيط التداول في البورصة" موضحا أنّ نتائج الشركات بشكل عام (باستثناء الشركات التابعة للقطاع المصرفي ولشركات الكبيرة) متواضعة جدا ما يعني أنها غير جاذبة لدخول مستثمرينجدد.
وفي الحلول يرى البلبيسي أنّ "الحل صعب" في المدى القصير، حيث أنه يرتبط بالاقتصاد الكلي وتنشيطه.
القطاع الصحي
نقيب الأطباء الدكتور علي العبوس أشار إلى أنّ جزءا واسعا من الطبقة الوسطى هم من الأطباء، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وأشار إلى ان كلا القطاعين يتعرض حاليا الى ضغوطات؛ فطبيب القطاع العام موارده محدودة باستثناء اطباء الخدمات الطبية والجامعات، وهؤلاء تتعرض دخولهم الى تآكل في ظل ارتفاع تكاليف الحياة ومن أهمها التعليم والإجارات.
وأكد العبوس أنّ الطبيب في القطاع العام بات لا يعد من الطبقة الوسطى بل أقرب إلى الفقيرة، مشيرا الى رواتب أطباء القطاع العام قليلة جدا، مقارنة بغيرهم في القطاع الخاص.
أما أطباء القطاع الخاص فيرى العبوس أنّ عددا من أطباء هذا القطاع قفزوا قفزات كبيرة ماليا، على أن هناك العديد من أطباء القطاع الخاص يعانون من ضغوطات وأعباء تعيق تطورهم وزيادة دخولهم، حيث أنّ أي طبيب عليه ان يدفع مبالغ مالية كبيرة في حال أن فكّر في فتح عيادة خاصة، أو أن يعمل مشروعا خاصا مشيرا بذلك الى الإجارات والرسوم التي تطلب على مثل هذا النوع من المشاريع.
وأشار العبوس الى أنّ موردا رئيسيا لأطباء القطاع الخاص حاليا توقف وهو السياحة العلاجية، وذلك لأسباب اقليمية وأمنية في الدول المحيطة، فيما هناك تنافس مع دول الإقليم وتحديدا تركيا التي باتت تستقطب السياح الذين كانوا يقصدون الأردن.
ويرى العبوس أنّ أحد اسباب هروب السياحة العلاجية ضعف الدعاية والإعلان محليا ودوليا.
وكان عاملون في القطاع قد أشاروا في عدّة مرات إلى أنّ "الجنسيات المقيدة المشروط دخولها البلاد بموجب تأشيرة" أثرت على السياحة العلاجية وتحديدا الجنسيات الليبية واليمنية والعراقية والسودانية والسورية.
وتبلغ نسبة العاملين بأجر من هذه الفئة 70.6 %، في حين تبلغ نسبة أرباب العمل 12 % والعاملون لحسابهم 16 %.
ويشكل المهنيون والفنيون الذين يعملون بأجر 27 % من حجم الطبقة الوسطى.