اقتصاد المعرفة
صنارة نيوز - 2016-08-03 06:38:24
يرى أبو غزالة أن الأردن يتوجب عليه التركيز على اقتصاد المعرفة، وذلك ما يراه الملك أيضاً، وكنت شاهداً بصورة شخصية على اهتمام الملك بتقديم الأردن كمحطة مهمة للإقتصاد المعرفي، فاهتم شخصياً بمساعدة أحد الشباب الحاضرين ممن يعملون في مجال تطوير التطبيقات والتعرف على التحديات التي تواجهه والإيعاز لموظفي الديوان بالمتابعة مع الشاب، علماً بأن الاجتماع كان يدور حول المشاركة السياسية وآلياتها.
ما يقوله أبو غزالة صحيح، والنموذج الفنلندي يغري بالانتهاج والتطبيق، ولكن، ويجب ألا نتناسى ذلك، أن فنلندا تمتلك نظاماً تعليمياً قوياً حتى بالمقارنة مع الدول الأوروبية العريقة والكبرى، وكذلك سنغافورة، كما أنها تمتلك بيئة سياسية يمكن أن تحدث عملية من التبني لتحولات اجتماعية مهمة، ويمكن أن نعزو النهضة التي حققتها دبي، وبحيث أصبحت أحدى المحطات الرئيسية للتجارة العالمية بأن الرؤى التي كان يطرحها الشيخ محمد بن راشد لم تواجه بقوى شد عكسي سياسياً، وكانت عبارة عن تكليفات مباشرة، والقصة في دبي لا تتعلق بالنفط بصورة جوهرية، ولكن بالانفتاح على الأفكارالجديدة دون وجود القوى الاحتكاكية التقليدية، وبالمناسبة فإن كلاً من عدن وصلالة يحتلان موقعاً أكثر استراتيجية وأهمية بالنسبة للتجارة العالمية، ولكن دون أي قدرة تذكر على المنافسة.
بالتوازي مع تصريحات أبو غزالة والتي اشتملت رؤية متفائلة حول الأوضاع في الأردن والمديونية التي رأى أنها ليست المشكلة الرئيسية، كانت قصة نجاح الفتاة الأردنية آيات عمر ابنة المدارس الحكومية تبعث على التفاؤل والغبطة، وفي الوقت نفسه تثير تساؤلات كثيرة تستدعي القلق والضيق، فالفتاة الموهوبة اضطرت أن تجمع المال لسنتين من أجل تنفيذ مشروعها، وعندما حصلت على فرصة الالتحاق ببرنامج في وكالة ناسا وقفت أمامها عثرة التمويل، وكان ذلك إلى أن قبلت ناسا أن تغطي التكاليف المتعلقة بسفرها، وذلك يطرح سؤالاً بسيطاً حول المؤسسات المتغيبة عن أداء أدوار خارج الصندوق في القطاعين العام والخاص.
اقتصاد المعرفة يتطلب نظاماً تعليمياً مختلفاً، رؤية مغايرة تقوم على احتضان الموهوبين ومنحهم فرصاً للتفرغ لمشاريعهم داخل الأردن وخارجه، والمشكلة أن هذه الأمور ما زالت تشوبها بعض الشكوك حول ممارسات تفضيلية تمنح على أساسات الصلات الاجتماعية وتضرب عرض الحائط بالشفافية وبمبادئ الجدارة والاستحقاق.
الأردنيون يقدمون الكثير من العقول المتميزة في التكنولوجيا، ولكن يجري استغلالهم في شركات محدودة الأفق والطموح حتى ينتهي عمرهم الإبداعي دون تقديم شيء يذكر،أو يسافرون للإنخراط في اقتصاد المعرفة في دول أخرى، وفي الحالتين فإن الخسارة تحيق بالأردن ككل، على افتراض وجود طبقة سياسية تؤمن بأن الإنسان هو الثروة التي يجب أن يستند عليها الأردن ككل في ظل تغيب الموارد الطبيعية.