ما الذي يعنيه توسيع ممر بنما المائي للتجارة العالمية؟

صنارة نيوز - 2016-06-19 07:20:29


ويأمل أحدهم بنبرة يملؤها التفاؤل أن تولد الحكومة الوطنية المزيد من المال لدفع تكاليف تكييف الهواء في أماكن عملهم.
وآخر يمرر أصبعه أمام رقبته موضحاً أن الناس "لن يحصلوا على أي شيء".
ويدعو ثالث الأمر بـ"الفرصة الأكبر" في بنما.
ويعلق الأخير على قول نظيره مبيناً أن الفرصة ستغدو واقعاً إذا ما أتخذت الحكومة مجموعة جيدة من التدابير حيالها.
ومن المتوقع، في هذا الصدد، أن يتضاعف ما تجنيه سلطة قناة بنما عبر توسيع القناة إلى ما يقارب 2 مليار دولار في العام 2021، لاسيما أن الدولة تشتهر بأنها تُدرك جيداً كيف تستفيد من موقعها الجغرافي.
وسوف تتمكن سلطة القناة من فرض المزيد من الرسوم على مرور السفن الأكبر الآن بعد إنشاء نقطتين عملاقتين في نهايتي القناة الواقعتين على المحيطين الهادئ والأطلسي، الأمر الذي ستساهم فيه عمليات التعميق والتوسيع للممرات هناك أيضاً.
وسوف يُفتتح المشروع، الذي بلغت تكلفته 5 مليارات دولار، في الـ26 من حزيران (يونيو) مع إبحار أول سفينة رسمياً عبر القناة. وكان المشروع قيد المناقشة لأول مرة قبل الحرب العالمية الثانية، لكنه بات أكثر إلحاحا لعدم استطاعة السفن الضخمة استخدام القناة لأغراض الشحن.
وعبرت أكثر من 960 مليون متر مكعب من البضائع القناة في العالم 2015، الرقم القياسي الجديد الذي قال فيه "ميغيس فرانسيسكو" من سلطة قناة بنما أنه "الحد الأقصى الذي يمكن أن نبلغه في قدرة القناة الحالية" آنذاك.
وزادت عمليات التوسيع قدرة القناة إلى استيعاب 1.7 مليار متر مكعب من البضائع حالياً.
وكانت أكبر سفن الحاويات، التي استخدمت القناة القديمة والتي عُرفت باسم "باناماكسيس"، تستطيع نقل ما يقارب 5,000 حاوية معيارية (الوحدة التي تعادل 20 قدماً، أو حاوية شحن قياسية). 
أما الآن، أصبح بإمكان سفن الـ"نيو-باناماكسيس" -التي تتمتع بميزة ضغط البضائع- نقل ما يقارب 13,000 حاوية معيارية.
ولم يعد أمر مرور سفن العالم الأكبر التي تستوعب 20 ألف حاوية تقريباً لكل منها، مشكلة الآن، لاسيما أن القناة أصبحت تتمتع بقابلية لاستيعاب معظم الأسطول العالمي في الوقت الراهن.
ولن يملأ التوسيع الجديد خزائن سلطة قناة بنما البحرية وحكومة البلاد بأرصدة جديدة وحسب، بل سيعمل أيضاً على تغيير آلية نقل الشُحنات في العالم أجمع.
ويمكن أن ينقل المشروع الجديد حركة مرور البضائع من قناة السويس إليه هو نفسه وسوف تتمتع السفن الأكبر حجماً، التي تسلك حالياً الممر الواقع بين الساحل الشرقي لأميركا وآسيا، بخيار ارتياد قناة بنما الآن إن أرادت.
ويفترض أيضاً بموانئ ساحل أميركا الشرقي أن تحصل حركة وعمليات أكبر. ففي الماضي، كانت سفن الحاويات المتجهة من آسيا إلى الساحل الشرقي ترسو في موانئ الساحل الغربي، مثل ميناء لوس أنجليس ولونغ بيتش، ومن ثم تنقل بضائعها مجدداً إما براً أو عبر السكك الحديدية. 
والآن، أصبح بإمكان السفن الضخمة الإبحار مباشرةً إلى موانئ خليج المكسيك أو الساحل الشرقي، رغم أن الطريق أصبحت تستغرق مزيداً من الوقت حالياً. 
وسوف تتمكن السفن التي تحمل الغاز الطبيعي المسال، المكرر من نفط الصخر الزيتي الأميركي، أيضاً من المرور عبر قناة بنما المائية للمرة الأولى، متجهة إلى آسيا. ومن المتوقع أن تستأثر بنسبة 20 % من البضائع -من حيث الحجم- بحلول العام 2020.
ومن جهة أخرى، تُعد موانئ الساحل الشرقي نفسها لجني الأرباح غير المتوقعة، وفقاً لميكا فيهفيلينين من شركة "كارجوتيك"، الشركة المختصة بصناعة أدوات نقل وتحريك البضائع.
 وها هي المواني في بالتيمور وتشارلستون وميامي ونيويورك وسافانا تعمل الآن على تحديث مرافقها لإيواء سفن "النيو-باناماكسيس".
وتخطط سلطة ميناء نيويورك وميناء نيوجيرسي إلى إنفاق مبلغ 2.7 مليار دولار على توسيع محطاتها وممراتها الملاحية، إلى جانب إنفاق 1.3 مليار دولار أخرى على إنشاء جسر يصل ارتفاعه إلى 20 متر فوق البحر.
وسوف تنخفض تكاليف خطوط الشحن أيضاً، ما سيتضح في الاقتصادات الكبرى من جهة، بينما سيصبح واقعاً أيضاً بسبب أتمتة الموانئ مرافقها في الوقت نفسه الذي تستعد فيه لاستقبال سفن "النيو- باناماكسيس"، وفقاً لكيم فيجفر، رئيسة محطات "إيه بي أم"، شعبة الموانئ في مجموعة "ميرسك" الدنماركية، أكبر شركة شحن في العالم.
وتعتنق موانئ خليج المكسيك فعلياً هذه التكنولوجيات الجديدة في الوقت الراهن.
وعلى الرغم من أن العملاء ربما لن يستفيدوا بالقدر نفسه، إلا أن تخفيض تكاليف الشحن لا شك سيصب في مصلحتهم، فقد انخفضت المعدلات فعلاً على مدى العامين الماضيين -بنسبة تصل إلى 40 % للحاويات في بعض الممرات، وبشكل أقل من ذلك نوعاً ما بالنسبة للسلع السائبة مثل الفحم.
وفي سياق آخر، دمجت الصين خطوط النقل البحري الأكبر لديها هذا العام لتشكيل رابع أكبر مشغل في العالم.
وتنشئ الشركات، من جهتها، تحالفات إدارة القدرات هي أيضاً.
ففي كانون الثاني (يناير) من العام الماضي، أطلقت شركتا "ماريكس" و"إم إس سي"، شركتا الشحن الأكبر في العالم، تحالف "2 إم" لتقاسم المساحة على سفنهما.
وفي شهر أيار (مايو) من العام الجاري؛ أطلقت ستة خطوط شحن أخرى؛ تستحوذ معاً على 18% من السوق العالمية- ما سمي بالـ"تحالف" بينها.
وهناك إشاعات تقول إن هناك تحالفا ضخما بين العديد من الشركات متوسطة الحجم أيضاً.
وفي نهاية المطاف، ربما لا يأتي توسيع قناة بنما المائية الصيادين بالهواء البارد الذي يخفف عنهم أعباء الحر. لكنها ينبغي أن تعطي دفعة لأجزاء مهمة من صناعة النقل البحري. وإذا ما كانت فوائد خفض تكاليف الشحن سوف تصل إلى المستهلكين أم لا أمرا سيتوقف على مكائد صناعة النقل البحري الداخلية على أية حال.