محافظ البنك المركزي : تجاوزنا الصدة الاصعب

صنارة نيوز - 2016-04-13 09:53:23

الصنارة نيوز-

قال محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز إن الاقتصاد الوطني تجاوز تداعيات الصدمات الخارجية الأصعب في هذه المرحلة، "وأن بمقدوره العودة إلى مسيرة التعافي في معدلات النمو التي حققها في سنوات ما بعد الازمة المالية العالمية وخاصة على المدى المتوسط".
وأضاف في اللقاء السنوي للأسرة المصرفية، الذي نظمته جمعية البنوك في الأردن، مساء امس، أن هذه النظرة الإيجابية للاقتصاد الوطني "تشاركنا بها تماما مؤسسات دولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين، مشيرا إلى أن الصندوق أنهى زيارة للمملكة لمناقشة البرنامج الوطني الجديد للإصلاح، حيث قدر النمو الاقتصادي خلال عام 2016 حول 3 بالمئة، مستندا في ذلك إلى توقع تباطؤ زخم التراجع الذي شهدته بعض مؤشرات القطاع الخارجي وتحسن بعضها.
وأكد المحافظ ان الأردن يواجه الصدمة الجديدة، المتمثلة بتدهور الوضع الأمني في سوريا والعراق وتداعياته الاقتصادية على المملكة، بموقف أفضل بكثير من موقف الاقتصاد خلال الصدمة السابقة، مشيرا إلى أن مستوى عجز الموازنة وعجز الحساب الجاري وخسائر قطاع الطاقة حاليا أقل بشكل كبير من السابق.
وبين أن احتياطيات البنك المركزي بلغت مستويات مريحة جدا، وهو ما انعكس على مؤشرات سوقية مهمة، حيث بلغ معدل الدولرة (تحويل العملة الوطنية إلى الدولار) اليوم 17 بالمئة مقارنة مع 8ر24 بالمئة في عام 2012، ويبلغ سعر فائدة السندات الحكومية لخمس سنوات 123ر4 بالمئة مقارنة مع 750ر7 بالمئة في نهاية عام 2012، كما يبلغ العائد على سندات الحكومة الدولارية التي أصدرت العام الماضي 3ر5 بالمئة مقارنة مع 3ر6 بالمئة عند إصدارها.
وقال الدكتور فريز في تشخيصه لواقع وتحديات الجهاز المصرفي، إن انخفاض أسعار النفط وأسعار الفائدة بشكل عام سيساهم في تعزيز الطلب المحلي وتعويض جزء من انخفاض الطلب الخارجي، وانخفاض كلفة خدمة الدين بشكل ملموس.
وأضاف أن هناك إدراكا متزايدا على المستوى العالمي لدور الأردن المحوري في المنطقة، ومن المتوقع أن يترجم في تعزيز الدعم الذي يتلقاه الأردن، "ولعل مؤتمر المانحين في لندن الذي عد أخيرا شاهدا على ذلك ومخرجاته تتجاوز المساعدات المالية لإمكانية فتح أسواق الاتحاد الاوروبي".
وقال المحافظ أن مشاورات الأردن مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى مراحل متقدمة للدخول في برنامج جديد يركز على الإصلاحات الهيكلية المحفزة للنمو وتخفيض مستوى المديونية، الأمر الذي من شأنه المساعدة في تجاوز تبعات هذه الصدمات الخارجية الجديدة .
واضاف ان المنطقة ما زالت تعيش منذ بضع سنوات حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وشهدت بعض الدول المجاورة صراعات عسكرية امتدت تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلى العديد من الدول داخل وخارج المنطقة، ومن بينها الأردن، وهو ما أثر سلبا على كلفة مستوردات الطاقة منذ بداية الربيع العربي وعلى السياحة والاستثمار الأجنبي والصادرات. وزاد أن هذه التحديات ادت إلى واقع اقتصادي صعب من حيث عجز الموازنة وخسائر شركة الكهرباء وارتفاع كلفة خدمة المديونية وانخفاض احتياطيات المملكة والسيولة في الجهاز المصرفي، ورافق ذلك ارتفاع الديون غير العاملة في الجهاز المصرفي، وهو ما واجهه الأردن بكفاءة واقتدار ضمن البرنامج الوطني للإصلاح 2012-2015.
وقال إن نتائج البرنامج أثمرت عن بدء الاقتصاد الأردني بالتعافي من الضغوطات الحادة التي تعرض لها منذ عام 2010 ووصلت ذروتها في عام 2012 في أعقاب الازمة المالية العالمية وارتفاع أسعار النفط والانقطاعات المتكررة للغاز المصري، والذي تزامن مع تداعيات الربيع العربي وبدء تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، وسجلت معظم المؤشرات الاقتصادية تحسنا في أدائها، حيث انخفض عجز الموازنة الى 3ر2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2014، وتم معالجة خسائر شركة الكهرباء بشكل ملموس، كما تراجعت معدلات التضخم، وعجز الحساب الجاري ليصل الى 3ر7 بالمئة من الناتج.
وأضاف أنه كان للجهاز المصرفي دور كبير في تجاوز تلك المرحلة بحصافة إدارته وتعاونه لتجاوز تلك التحديّات، وكان أداء المملكة محط تقدير المؤسسات الدولية الاقتصادية والمجتمع الدولي، "حيث أنه ليس من السهل إجراء إصلاحات كبيرة في ظل البيئة التي عاشها الأردن خلال تلك الفترة".
وأكد الدكتور فريز أنه منذ 2015 بدأ الاقتصاد الأردني يواجه موجة جديدة من الصدمات الخارجية، حيث شهدت المنطقة وبعض دول الجوار، وخصوصا العراق وسوريا، مزيداً من التدهور والانفلات في أوضاعها الأمنية أدى إلى إغلاق شبه كامل لطرق تجارة المملكة المنتهية في هاتين الدولتين أو المارة عبرهما إلى دول أخرى مثل تركيا ولبنان ودول الاتحاد الاوروبي. وكشف أن التوقعات كانت تشير منذ البداية إلى أن عام 2015 سيكون عاما صعبا على الاقتصاد الوطني "وبالفعل تراجع النمو الاقتصادي إلى 4ر2 بالمئة" انعكاسا للتراجع في الصادرات الوطنية ومقبوضات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر بنسب متفاوتة.
وقال إن الأردن تأثر بشكل ملموس بتبعيات تراجع أسعار النفط العالمية والدول المنتجة وهو ما أثر على صادراتنا وحوالات العاملين والدخل السياحي، وانعكست هذه التطورات على تراجع الصادرات بنسبة 1ر7 بالمئة، وتباطؤ نمو حوالات العاملين الى 5ر1 بالمئة وعدم تحقيق المستوى المنشود من عجز الموازنة لعام 2015، منوها إلى ان التراجع في الصادرات وحوالات العاملين استمر في أول شهرين من العام الحالي.
وأضاف أن الناحية الإيجابية التي تمخضت عن انخفاض اسعار النفط وإنجاز ميناء الغاز ومشاريع الطاقة المتجددة هي خفض فاتورة الطاقة بشكل ملموس لتبلغ حوالي 9ر9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 4ر21 بالمئة في 2012.
وحول أولويات الإصلاح في السنوات الثلاث المقبلة، أكد الدكتور فريز أن الأولوية تركز على التصدي لمشكلة المديونية وأعباء خدمة الدين وإجراء إصلاحات هيكلية تحفز النمو وتساعد على تجاوز مشكلتي الفقر والبطالة. وقال إنه ورغم اجراءات الضبط المالي والإصلاحات في مجال الطاقة التي تم إنجازها، نحتاج إلى التأكيد على استدامة واستمرارية الدين العام، ومواجهة الاحتياجات التمويلية، من خلال استكمال منظومة الاصلاحات المالية، وقطاع الطاقة، ومواصلة اتخاذ مزيد من الإجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي، وخصوصا في مجال تحسين مناخ الاستثمار، وعدم الإفراط بالتوسع في الانفاق عبر المزيد من الاقتراض. وأشار إلى أن الحكومة ماضية في تنفيذ المزيد من السياسات والإصلاحات الهيكليّة الهادفة إلى المحافظة على ما تحقق، وتصحيح الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، لتعزيز فرص العمل وبيئة الاستثمار وتشجيع الصادرات ورفع معدل المشاركة الاقتصادية، وخصوصا للمرأة، وتحقيق المزيد من المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل وتعزيز بيئة الأعمال، ضمن إطار برنامج إصلاح وطني جديد، من المتوقع أن يتم دعمه من قبل المؤسسات الدولية والمانحين وخاصة صندوق النقد الدولي أواسط هذا العام.
وأعرب عن أمله بأن يسهم البرنامج في إعطاء زخم إضافي للنشاط الاقتصادي بعد نجاح البرنامج الماضي الذي انتهى في شهر آب 2015، في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وإنجاز إصلاحات مهمة في قطاع الطاقة ومالية الحكومة.