لم يأخذ تصريح الشيخ محمد بن راشد رئيس وزراء الامارات - شيخ دبي - بأن بلاده ستبيع آخر برميل نفط في هذه الفترة.. لم يأخذ حجمه الحقيقي في الاعلام العربي، وقد اشار الشيخ محمد الى موافقة الشيخ محمد بن زايد ولي العهد والرجل القوي في ابو ظبي على هذا القرار الخطير، ولا يبقى الا استشارات وبروتوكولات تتعلق بتعقيدات انتاج وتسويق ونقل النفط الخام.
وكلام الشيخ محمد ليس دون اساس، فالنفط لا يشكل اكثر من 30% من دخل الدولة، ثم ان خطط حكومة الامارات تتجه الى مصادر اخرى، غير النفط، للطاقة، فقد تعاقدت فعلاً على مفاعلات نووية، وتنفذ مجموعة مشروعات عملاقة لاستغلال طاقة الشمس والرياح. فالامارات - ودول النفط الاخرى - لها استهلاكات كبرى للطاقة، واهمها مياه الشرب والزراعة، وتكييف المنازل والمكاتب والمتاجر وكل شيء في المدن الجديدة الفارهة.
من الصعب تصوّر ساحل الخليج العربي والجزيرة دون نفط، واقتصاده دون ريع الذهب الأسود.
ولكن السياسة التي اعلنها رئيس وزراء الامارات لم تكن غير استبدال النفط الخام بالعقل، وبين مشهد عنطزة رئيس جمهورية ايران بأن بلاده «أنجزت» رفع العقوبات، وفتح الباب امام تصدير نصف مليون برميل ان شاء الله لانهاء افلاسها الاقتصادي، وبين تصريح الرئيس محمد بن راشد لوقف تصدير النفط، نلاحظ الفرق الهائل بين الثورة التي تبيع النفط لتأخذ خبزاً، وتطعم حزب الله والحوثيين وعصائب الحق وفيلق القدس صواريخ وقذائف ومدافع لقتل المسلمين باسم الاسلام، وتشريدهم باسم حماية المستضعفين.
ان استثمار الاردنيين بما يقارب المليار دولار في دبي، هو دليل على ثقة الاردنيين بمستقبل هذا البلد.. حتى دون نفط، ودليل على فائض في رأس المال الوطني.. تماماً مثلما يستثمر ابناء الامارات والسعودية والكويت في الاردن، وعلى الذين يهددون عرب الخليج ان يفهموا ان هؤلاء العرب قادرون على حماية مدنهم الثمينة على الخليج، وقادرون على حماية معتقدهم القومي، وآمالهم الوحدوية وحريتهم، واذا استطاع الغرب المتوحش تدمير حاضرة الرشيد وعراق العزة والمنعة، وتخريب سوريا وغيرها، فان ورثة الهجمة الغربية لم يحققوا بذاتهم اي شيء سوى التحريض الطائفي.. وتسليح العرب لقتل العرب وتشريدهم من اوطانهم.
نتمنى ان نضع اصابعنا اكثر على خطوة الامارات المثيرة، في ابقاء نفط العرب تحت ارض العرب، فهذا كلام جديد لصاحب الهمة محمد بن راشد.