دلت إحصائية عمرها سنتان، وكشف النقاب عنها مؤخراً ، أن 230 ألف أسرة أردنية تشكل 16% من مجموع الأسر الأردنية لا يزيد دخلها الشهري عن 350 ديناراً.
جاء نشر هذه الإحصائية هبة من السماء لبعض المعلقين الذين عبـّروا عن مفاجأتهم بهذه الحقيقة المرة ، والظهور بمظهر المدافعين عن الفقراء.
الواقع أن هذه الأرقام أفضل مما كان سائداً في الماضي القريب ، وأفضل مما كان متوقعاً ، وأعلى من خط الفقر كما يحدده البنك الدولي ، وهو 5ر1 دولار في اليوم للفرد.
يجب أن لا ننسى أن الإحصائية لا تتحدث عن الأسرة الأردنية المتوسطة. فحالها أفضل من ذلك بكثير ، ولكنها تتحدث عن أفقر 16% من السكان ، الذين كنا نفترض أنهم يعيشون تحت خط الفقر.
يدل الحساب على أن متوسط الدخل اليومي لهذه الفئة الدنيا في سلم الدخل ، يبلغ بموجب الإحصائية 7ر11 دينار ، وبذلك تكون حصة الفرد في عائلة مكونة من خمسة أفراد 33ر2 دينار ، أو ما يعادل 30ر3 دولار يومياً للفرد ، أو ضعف الحد الذي يستعمله البنك الدولي لتحديد خط الفقر.
إذا صح ذلك فإن الإحصائية تصبح مفاجأة فعلاً ، لأنها تدل على أن أفقر فئة من السكان تحصل على دخل يزيد كثيراً عن خط الفقر بالمقاييس الدولية.
أتمنى لو أن الإحصائية صحيحة ، لأن الدخل الذي تقترحه لأفقر 16% من الأسر يزيد عن ضعف الحد الأدنى للأجور ، وبالتالي فهو مرتفع لدرجة لا تصدق.
الانطباع الخاطئ الذي خلقته هذه الإحصائية جرى استعماله للضغط ضد الضرائب بحجة أن المواطن الأردني لا يتحمل المزيد ، والواقع أن هذه الفئة لا تكاد تدفع ضرائب. وحتى ضريبة المبيعات التي يفترض أنها تصيب الجميع على قدم المساواة لا تنطبق على الطبقة الفقيرة من حيث أن مشترياتها تتركز على الضروريات وهي الغذاء والدواء وهي معفاة من الضريبة ، أما الملابس فتدفع ضريبة مخفضة إلى النصف.
بحجة الفقراء الذين لا تكاد تلحقهم الضرائب ، يراد تخفيض الضرائب على الجميع ليستفيد الأغنياء. ظاهر التعليقات مصلحة الفقراء ، وباطنها خدمة الأغنياء.
يبقى أن الدخل الحقيقي للأسرة الأردنية ذات الدخل المتدني لا يقف عند المبلغ النقدي الوارد في الإحصائية. فهناك الخدمات المجانية في مجالات التعليم والصحة؟.