فقاعة الخوف في أسواق البورصات العالمية: المسرحية الكبرى التي تُدار قبل موسم الأرباح
صنارة نيوز - 17/10/2025 - 5:41 pm
الصناره نيوز - خاص
تشهد الأسواق العالمية اليوم حالة غير مسبوقة من الذعر، لكنّها ليست فقاعة أسعار أو فقاعة ذكاء اصطناعي كما يروّج له الإعلام والمحللون، بل هي فقاعة خوف حقيقية تتغذّى على الهلع الجماعي والمضاربات النفسية أكثر من أي مؤشرات اقتصادية واقعية.
فمن يطالع وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات المالية يلحظ سيلًا من السرديات الكارثية: انهيار النظام المالي العالمي، سقوط الدولار، اندلاع حرب عالمية ثالثة، وانفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي. غير أن هذه ليست تحذيرات مبنية على معطيات اقتصادية، بل هستيريا إعلامية منظمة تقف خلفها مصالح ضخمة تعمل على توجيه المزاج العام.
ويؤكد هذا الاتجاه مؤشر “الخوف والطمع” الصادر عن شبكة “سي إن إن”، الذي هبط مؤخرًا إلى منطقة “الخوف المفرط” — مستوى لا يدخله عادة إلا في حالات الانهيار الفعلي أو الأحداث الجيوسياسية الكبرى. المفارقة أن الظروف الراهنة لا تستدعي هذا التراجع، فالحروب في طريقها للانحسار، والمفاوضات بين روسيا والناتو تمضي نحو التفاهم، والتوتر بين إسرائيل وإيران تراجع، والاتفاقات التجارية الأميركية قائمة باستثناء الملف الصيني الجاري التباحث بشأنه. ورغم ذلك، يواصل الرعب الانتشار وكأن العالم يقف على حافة الهاوية.
إن الانفصال بين الواقع والأرقام هو جوهر الفقاعة الحالية. فالمؤسسات المالية الكبرى، على الرغم من الأداء القوي للأسواق، ما زالت أسيرة الخوف، تترقب الدخول حين تتوافر لها المعلومات المؤكدة التي تضمن أرباحًا مضمونة. وهكذا تحولت إلى متداولين انتهازيين يضخّون الخوف عمدًا ليهبطوا بالأسعار، فيشترون عند القاع قبل صدور النتائج الربعية.
ويبدو أن هذه المسرحية تتكرر كل موسم أرباح. فالتصريحات السلبية تتكثف، ومؤشر الخوف “الفيكس” يُرفع عمدًا، ووسائل الإعلام تمطر المتابعين بعناوين قاتمة، بالتزامن مع اقتراب إعلانات الأرباح. حتى بعض التصريحات المصرفية بدت مبالغًا فيها، مثل ما قاله رئيس “جي بي مورغان” بأن “القطاع البنكي مليء بالصراصير المخفية”، في تصريح هدفه إثارة الذعر أكثر مما هو توصيف واقعي.
ومع بدء موسم النتائج الأسبوع القادم — نتفلكس، كوكاكولا، جينرال إلكتريك، تيسلا، آي بي إم، وهانيويل — يتوقع أن تتكشف الصورة الحقيقية. فالأرقام المرجحة ستكون قوية وتاريخية، وهو ما قد يفجّر موجة صعود كبيرة بعد انكشاف زيف هذه “الفقاعة النفسية”.
الأسواق لا تعيش فقاعة أسعار، بل فقاعة خوف صنعتها العقول قبل الشاشات. وعندما ينهار مؤشر الخوف، سينفجر معه الارتفاع الكبير المنتظر، لتبدأ مرحلة جديدة من الصعود قد تفاجئ الجميع، حتى أولئك الذين صنعوا هذه المسرحية.