الطفولة تحت الحصار في ظل الاستيطان والتهجير.

صنارة نيوز - 07/08/2025 - 3:30 pm

الطفولة تحت الحصار في ظل الاستيطان والتهجير.
منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة
٧ آب 2025

قالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة، وفق توثيقاتها اليومية، بأن مئات العائلات الفلسطينية، وتحديدًا في مناطق تجمعات البدو مثل عرب المليحات ومحيط رأس العوجا، تعيش في مواجهة مباشرة مع سياسات استيطانية ممنهجة، تشمل مصادرة الأراضي، قطع مصادر المياه، الاعتداءات اليومية من قبل المستوطنين، والضغوط المتواصلة للرحيل. وتؤكد المنظمة ان الأطفال يتحملون العبء الأكبر في خضم هذه الأزمة، إذ تُسرق طفولتهم في صمت، وتتشكل هوياتهم في بيئة من الخوف والحرمان والترحيل القسري.

ووفق تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، فإن العامين الأخيرين شهدا تصاعدًا غير مسبوق في استهداف التجمعات البدوية في الأغوار:
    •    تم تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات ومناطق مجاورة بعد إقامة بؤر استيطانية رعوية جديدة مثل “نفي أريئيل”.
    •    أكثر من 60 طفلًا من تجمع عرب المليحات واجهوا فقدان مساكنهم، مدارسهم المتنقلة، ومراعي عائلاتهم.
    •    وثّق باحثو منظمة بتسيلم عمليات تسميم مواشي، تدمير خزانات مياه، ومنع الوصول إلى آبار الرعي التقليدية، ما أدى إلى تدهور الظروف الصحية والمعيشية للأطفال.

وأكد الأستاذ حسن مليحات - المشرف العام للمنظمة أن الأطفال يعيشون صدمة نفسية وبنية مدمّرة ناجمة عن التهجير المتكرر وفقدان الاستقرار، حيث أكد - بناء على زياراته الدورية للتجمعات المستهدفة - بأن الأطفال في هذه التجمعات عاشوا مرات عديدة تهجير جزئي أو كلي خلال العامين الماضيين، بعضهم اضطر للنوم في العراء، وآخرون فقدوا ممتلكاتهم البسيطة في لحظات، مشيرا إلى أن هذه التجارب تُعمّق مشاعر الخوف وعدم الشعور بالأمان.

غياب التعليم والخدمات الأساسية
    •    المدارس المتنقلة أو الصفوف المؤقتة التي أنشأتها منظمات إغاثة، تم تفكيكها أو منع وصول المعلمين إليها بسبب المستوطنين أو الحواجز العسكرية.
    •    الأطفال يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى تعليم بديل، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرب المدرسي.
    •    الرعاية الصحية النفسية والجسدية غائبة تمامًا، ويعتمد السكان على فرق طبية تطوعية لا تصل بانتظام.

العنف المباشر من قبل المستوطنين
    •    سجّلت المنظمات الحقوقية شهادات لأطفال تعرضوا للركل أو الدفع، أو التهديد بالسلاح أثناء مرافقتهم لذويهم في المراعي.
    •    في إحدى الحوادث في منطقة مرج سيع، هاجم مستوطنون مجموعة من الرعاة، بينهم ثلاثة أطفال، وطعنوا حمارًا أمامهم، ما ترك أثرًا نفسيًا بالغًا.

القانون الدولي: حماية غائبة
ويرى د. راسم بشارات - مفوض العلاقات الخارجية للمنظمة أنه ووفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، يُحظر ترحيل المدنيين تحت الاحتلال، كما تُلزم الدول بحماية الأطفال من العنف، والتشريد، ومنع التعليم. رغم ذلك، يُترك أطفال عرب المليحات وبقية بدو الأغوار عرضة لجرائم ممنهجة دون أي حماية قانونية أو سياسية فاعلة.

وتوثق الصحفية أسيل مليحات - مسؤولة الإعلام في المنظمة نموذجا لاستهداف الأطفال الفلسطينيين الذي تمثل باقتحام مدرسة في مجتمع بدو العوجا، حيث اوردت تقريرا نشرته وكالة أنباء وفا في 17 سبتمبر 2024، حول قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بمرافقة مستوطنين باجتياح مدرسة البدو في منطقة عرب المليحات الواقعة شمال غرب أريحا، وسط الضفة الغربية، أثناء ساعات الدوام المدرسي، وفتّشت المعلمين واحتجزتهم، مما تسبب في حالة هلع جماعي بين الطلاب والمعلمين   .
وقالت بأن المستوطنين قاموا باستفزازات داخل المدرسة، منهم من اعتدى جسديًا على بعض المعلمين والطلاب، كما احتجزت القوات إسرائيلية مدير المدرسة والمعلمة لفترة، وتم الاستيلاء على كاميرات المراقبة لحذف التسجيلات، وهو ما يزيد من عمق الأثر النفسي لتلك اللحظة   .

التأثير النفسي والتربوي على طلاب المدرسة من الاطفال:
    •    الأطفال الذين شهدوا الاقتحام مباشرة عانوا من نوبات هلع وصعوبات في النوم والتركيز. بعض الأطفال عانوا من تبول لا إرادي، ورفض العديد منهم العودة إلى المدرسة بعد الحادثة، حسب شهادات الأهالي والباحثين الميدانيين.
    •    أولياء الأمور أبلغوا بأن الأطفال لم يعودوا يشعرون بالأمان داخل الصفوف، وأن الحادثة عكست صورة دولة تُقدِّم رعاية للمدرسين، بينما هم أنفسهم يفتقرون إلى الحماية من الاعتداءات في محيط المدرسة

توصي منظمة البيدر من أجل حماية الأطفال:
إرسال بعثات حماية دولية دائمة إلى تجمعات بدو الأغوار، وخاصة عرب المليحات، لرصد الانتهاكات وتوفير بيئة آمنة للأطفال.

تمويل عاجل لإعادة إنشاء الصفوف التعليمية والخدمات النفسية المتنقلة في المناطق المستهدفة.

فتح ملفات قانونية أمام المؤسسات الدولية بشأن الانتهاكات بحق أطفال الأغوار، واعتبارها جرائم حرب.

الضغط على الحكومات الداعمة لإسرائيل لوقف تزويدها بمعدات تُستخدم في تنفيذ أو حماية عمليات التهجير.

وفي الختام، تؤكد المنظمة بأن أطفال عرب المليحات وسائر بدو الأغوار والقرى المستهدفة ليسوا مجرد ضحايا جانبيين للصراع، بل هم الهدف المباشر لسياسة التطهير الصامت التي تسعى إسرائيل من خلالها إلى افراغ الأرض من أهلها. هؤلاء الأطفال، الذين يُفترض أن يعيشوا طفولتهم بأمان ويرتادوا مدارسهم بحرية ودون خوف، يُجبرون اليوم على مواجهة عنف لا يشبه طفولتهم. إن إنقاذ مستقبلهم يبدأ بحمايتهم الآن، وقبل فوات الأوان.