التأجير التمويلي ليس إيجارًا .. والبنوك لا تستطيع حبس المدين!
صنارة نيوز - 13/07/2025 - 11:52 am
المحامي زيدون النجداوي
بعد تعديل قانون التنفيذ الأردني، أصبحت مسألة حبس المدين محصورة في حالات استثنائية، أبرزها: الديون الناشئة عن عقد الإيجار وبدل الإيجار المستحق. إلا أن هذه الصياغة العامة أثارت تساؤلات عدة حول مدى انطباق الاستثناء على بعض العقود المعقّدة مثل عقود التأجير التمويلي، خاصة تلك التي تُبرمها البنوك الإسلامية وتُسمى بعقود "إيجار".
في هذا المقال، نسلّط الضوء على هذه الإشكالية، ونوضح الموقف القانوني الصحيح في ضوء التشريعات الأردنية والممارسات القضائية.
مما هو عقد التأجير التمويلي؟
هو عقد ذو طبيعة خاصة، يُبرم بين جهة تمويل (غالبًا بنك أو شركة مالية) وطرف آخر يُسمى المستأجر، ويقوم على تمكين هذا الأخير من الانتفاع بعقار أو منقول لمدة معينة، مقابل دفعات مالية، على أن يُنقل إليه الحق في التملك لاحقًا (إما وعدًا أو التزامًا تعاقديًا).
هذا العقد يختلف عن عقد الإيجار المدني التقليدي، إذ إن الغاية منه تمويلية أكثر من كونها انتفاعية، وقد نظّمه المشرّع الأردني بموجب قانون خاص مستقل هو:
قانون التأجير التمويلي رقم 45 لسنة 2008.
هل يخضع لقانون المالكين والمستأجرين؟
الإجابة القاطعة: لا.
فعقود التأجير التمويلي لا تخضع لأحكام قانون المالكين والمستأجرين، ولا تُعتبر من قبيل الإيجارات المنصوص عليها فيه.
بل إن القانون الخاص بالتأجير التمويلي هو الذي يُنظم العلاقة بين الطرفين، مما يؤكد الطبيعة الخاصة لهذه العقود، ويُخرجها من نطاق الإيجار بالمعنى الضيق الذي قصده قانون التنفيذ في استثناء الحبس.
هل يجوز الحبس في حالة عدم دفع الأقساط؟
رغم أن بعض البنوك تُطلق على عقودها اسم "عقد إيجار"، وتُجددها سنويًا، إلا أن العبرة ليست في التسمية، بل في الجوهر.
وبالتالي، فإن التكييف القانوني الصحيح لهذه العقود هو أنها عقود تمويلية منتهية بالتملك، لا يُطبق عليها استثناء الحبس المنصوص عليه في قانون التنفيذ.
وقد اتجهت دوائر التنفيذ في المحاكم الأردنية إلى تفسير استثناء الحبس تفسيرًا ضيقًا، يقتصر على عقود الإيجار المدنية المعهودة، وليس على عقود التأجير التمويلي.
وحتى من الناحية العملية، فإن البنوك لا تلجأ إلى الحبس التنفيذي في هذه العقود، لأنها تحتفظ بحق الملكية طوال مدة العقد، وتمتلك الخيار القانوني لاسترداد الأصل أو بيعه إذا أخلّ المستأجر بالتزاماته.، وبالتالي، فإن الحبس لا يُمثل وسيلة فعالة أو ضرورية في مثل هذه الحالات، وهو ما ينسجم مع فلسفة المشرع في قصر الحبس على حالات ضيقة، لا تشمل العقود التمويلية ذات الضمانات العينية.
وعليه فان عقود التأجير التمويلي – حتى وإن سُمّيت عقود إيجار – لا تُجيز الحبس التنفيذي للمدين في حال التخلف عن السداد، لأنها:
- لا تخضع لقانون المالكين والمستأجرين
- ولها قانون خاص مستقل ينظمها
- وغايتها تمويلية لا انتفاعية،
- والبنك يحتفظ فيها بحق الملكية ويملك وسائل أخرى للتحصيل دون الحاجة للحبس.
إن فهم هذه التفرقة الدقيقة يُجنب الأطراف الكثير من التبعات القانونية، ويُعيد توجيه الجهد القانوني نحو الوسائل الناجعة والمشروعة للتحصيل وحماية الحقوق.