الأردن يربط بين الجنسية والاستثمار المنتج دون تحويلها إلى سلعة
صنارة نيوز - 05/07/2025 - 9:16 am
الصناره نيوز - خاص
أقرّ مجلس الوزراء الأردني في جلسته الأخيرة أسسًا جديدة لمنح الجنسية الأردنية والإقامة للمستثمرين، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز بيئة الأعمال، واستقطاب رؤوس الأموال الجادة، وتحفيز النشاط الاقتصادي في القطاعات الإنتاجية، دون التفريط بالمعايير السيادية أو تحويل الجنسية إلى سلعة قابلة للتداول.
الأسس التي أُعلنت اليوم تمثل مقاربة متوازنة بين تشجيع الاستثمار من جهة، وصيانة القيم الوطنية من جهة أخرى، إذ اشترطت التعديلات الجديدة أن يكون منح الجنسية مرتبطًا باستثمار فعلي داخل المملكة، إما عبر تأسيس مشاريع إنتاجية، أو شراء أسهم جديدة في شركات أردنية، أو توسيع شراكات قائمة، بما لا يقل عن مبالغ محددة تبدأ من 500 ألف دينار وتصل إلى أكثر من مليون دينار في بعض الحالات، مع إلزام المستثمر بخلق فرص عمل حقيقية للأردنيين، والاحتفاظ بالاستثمار لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
وبينما لجأت العديد من الدول إلى منح الإقامة أو الجنسية مقابل تملّك عقار أو وديعة مالية فقط، فإن الأردن اختار نهجًا أكثر صرامة يقوم على توجيه الاستثمار نحو دعم الاقتصاد المحلي ورفع معدلات التشغيل، ما يجعل الجنسية الأردنية مكافأة مُستحقة على مساهمة اقتصادية واضحة، لا مجرد امتياز يُشترى.
القرار يفتح أبوابًا متعددة أمام المستثمرين، ويشمل قطاعات متنوعة مثل الصناعات الطبية والخدمات اللوجستية والتخزين، إضافة إلى منح التسهيلات للعاملين على تشغيل 150 أردنيًا داخل العاصمة، أو 100 عامل في المحافظات، شريطة أن يكونوا مسجلين لدى الضمان الاجتماعي لمدة لا تقل عن سنة. كما تمتد الحوافز لتشمل منح الجنسية لزوجة المستثمر وأولاده وبناته العازبات، ووالديه إذا كانا في كفالته، وفقًا لمعايير محددة.
وتسري هذه الأسس على 500 مستثمر سنويًا كحد أعلى، بعد إجراء التدقيق الأمني والتحقق من الملاءة المالية، ما يضفي على البرنامج صفة الحوكمة المحكمة، ويمنع تحوّله إلى مسار تجاري لا يخدم المصلحة الوطنية. وفي حال الإخلال بأي شرط من الشروط، نص القرار بوضوح على جواز سحب الجنسية أو إلغاء الإقامة.
في السياق الإقليمي، يقدّم القرار الأردني صيغة وسطية جديدة للموازنة بين متطلبات التنمية الاقتصادية وحفظ السيادة القانونية، إذ لا يضعف من قيمة الجنسية الأردنية ولا يساوم عليها، بل يجعلها ثمرة لمسار استثماري ملتزم وناجح. ورغم أن بعض الدول المنافسة تقدم تسهيلات أكبر من حيث القيمة المالية أو سرعة الإنجاز، إلا أن الأردن يُعوّل على استقراره السياسي، وبيئته الآمنة، وموارد بشرية مؤهلة، وبنية تحتية جيدة، إلى جانب التزامه بتعزيز الحوكمة والنزاهة في بيئة الأعمال.
النجاح الفعلي لهذه الأسس سيعتمد على مدى سلاسة تطبيقها عبر النافذة الاستثمارية، وسرعة الإجراءات، وشفافية التقييم، وقدرة الجهات المعنية على التسويق الفعّال لهذا البرنامج لدى المستثمرين المؤهلين، لا سيما في الأسواق المستهدفة إقليميًا ودوليًا.
إن ربط الجنسية الأردنية بالاستثمار المنتج والفرص الحقيقية، دون أن تتحوّل إلى سلعة أو أداة تسويقية، هو خيار يعكس توازنًا مدروسًا بين الحاجة الاقتصادية والاعتبار السيادي، ويضع الأردن على خارطة المنافسة الذكية في سوق الاستثمارات العالمية.