أفعى فلسطين والترياق الغائب عن مستشفيات الصحة الأردنية
صنارة نيوز - 12/05/2025 - 8:45 pm
أفعى فلسطين والترياق الغائب عن مستشفيات الصحة الأردنية
الصناره نيوز - خاص
في المناطق الريفية الممتدة من الأغوار إلى الجنوب الأردني، لا تعني كلمة "لدغة" مجرد حادث عرضي، بل قد تكون صافرة بدء لسباقٍ مرعب مع الزمن.
العدو: "أفعى فلسطين"، الأفعى الأخطر في بلاد الشام.
أما المفقود: فترياق مضاد للسمّ… لا وجود له في مستشفيات الدولة.
هنا تبدأ المفارقة المذهلة: في بلدٍ يُشاد به إقليميًا لكفاءة قطاعه الصحي، لا يتوفر علاج حاسم لأخطر أنواع الأفاعي المنتشرة في أراضيه.
الأمر لا يتعلق بندرة أو تكلفة، بل بغياب رسمي يُثير الاستغراب… ويفتح الباب واسعًا أمام سؤال محرج: كيف يعجز نظام صحي متكامل عن تأمين ترياق معروف وسهل التصنيع؟
الترياق المعروف باسم "الرياض" لا يُصنّع في الأردن، ولا هو مسجّل لدى المؤسسة العامة للغذاء والدواء، مما يمنع تداوله ضمن النظام الصحي الرسمي.
وفي المقابل، يُنتج هذا الترياق بجهود شخصية في فلسطين، ويوزع من خلال صائدي الأفاعي، مثل الخبير جمال العمواسي، الذي تحوّل إلى مصدر أمل شعبي حين تتأخر المستشفيات.
في الأردن، يقف ياسين الصقور، أحد أشهر خبراء الأفاعي، في وجه هذا الخلل، موثقًا هذا الصيف 44 حالة لدغ، غالبيتها من أفاعٍ قاتلة كالحراشف المنشارية، والجعفجي الفلسطيني، والأفعى السوداء.
أما الدكتور بشير جرار، أستاذ البيولوجيا في جامعة جرش، فيحذر من أن "أفعى فلسطين" وحدها مسؤولة عن نحو 60 إصابة سنويًا، تُفضي إلى ما لا يقل عن 5 وفيات، فيما تبقى الإحصاءات الفعلية أعلى من المعلن.
ففي آخر شهر فقط، تم تسجيل 54 إصابة بلدغات سامة، بينها حالة وفاة لطفل في الكرك، بينما تستخدم بعض المراكز الطبية مصلًا هنديًا عامًا غير فعال ضد هذا النوع من السموم.
وزارة الصحة لم تنكر الواقع، بل أقرّ الدكتور عاكف العبادي، رئيس قسم الأمصال والمطاعيم، بأن المصل المتوفر حاليًا غير كافٍ، وأن الوزارة "تعمل على تأمين بديل متخصص"… لكن لا موعد واضح لذلك.
وفي ظل هذا الغياب، يتحول فيسبوك إلى غرفة طوارئ، وتُصبح الرسائل الصوتية والمكالمات مع صائدي الأفاعي وسيلة وحيدة للحصول على علاج، بدلًا من إسعاف مجهّز أو مستشفى مؤهّل.
إنه خلل لا يليق بسمعة القطاع الصحي الأردني، ولا ينسجم مع ما بُني من ثقة على مدى عقود.
فهل ننتظر حالة الوفاة القادمة، أم نواجه هذه الثغرة الصادمة بسياسات واقعية تُعيد الترياق إلى مكانه الطبيعي: في خزائن الطوارئ… لا في جيوب الهواة؟