ماذا بعد تعليق ووقف المساعدات الأميركية للأردن؟
صنارة نيوز - 17/03/2025 - 11:05 am / الكاتب - نضال منصور
نضال منصور
أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتعليق المساعدات الأميركية الى حين مراجعتها جدلا واسعا داخل أميركا وخارجها، فتداعيات هذا القرار تلقي بظلالها على كثير من دول العالم التي تتلقى مساعدات ومن بينها الأردن.
لم يستثن قرار الرئيس الأميركي الأردن رغم أن واشنطن وعمان وقعتا اتفاقية لمدة 7 سنوات تنتهي عام 2029 تدفع بموجبها أميركا مليارا و645 مليون دولار سنويا إلى الأردن.
بعد زيارة الملك الى واشنطن ولقائه مع الرئيس الأميركي، وقدرته على احتواء مفاجآت ترامب، وما تبعها من فيديو إشادة بحكمة الملك من ترامب نفسه، قيل إن الأردن تلقى تطمينات أن بعض المساعدات ستستمر، وفي مقدمتها استمرار الدراسات الفنية المتعلقة بالمياه، ورغم الكلام عن وعد باستمرار دعم الموازنة، لكنه لم يتأكد رسميا، وهناك حديث أيضا عن استمرار دعم بعض المشاريع والبرامج الحيوية، والمطلوب من الحكومة تقديم إفصاح للرأي العام عن التبعات الاقتصادية للعلاقة مع واشنطن في ظل الإدارة الأميركية الجديدة.
ماذا لو توقفت كافة المساعدات، ما هو حجم الضرر الاقتصادي والاجتماعي داخل البلاد، وكيف ستعوض الحكومة نقص الموارد، وكم ستتزايد المديونية، وهل سترتفع الاسعار، وتفرض ضرائب جديدة على المواطنين، أسئلة كلها برسم الاجابة؟
عام 1990 بعد احتلال الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين للكويت تعرض الاردن لحصار اقتصادي غير مسبوق، ومقاطعة خليجية، وأميركية، وأوروبية، ومحاولات لعزل عمان، ورغم ذلك صمد الاردن، وخرج بعد سنوات قليلة من الازمة، ونجح في ترميم علاقاته، وأزال سوء الفهم لموقفه.
ورغم صعوبة الظروف هذه الأيام، فإنني متفائل ان تكون درسا لتتعلم الحكومات المتعاقبة كيف تسارع بشكل جدي، للاعتماد على الذات، بالممارسة، والافعال، وليس بالكلام، وتعظيم مواردنا، والاستثمار في الانسان أغلى ما يملك الاردن؟
في اجتماع الرياض الشهر الماضي الذي ضم دول مجلس التعاون الخليجي مع الاردن ومصر تسربت معلومات ان وقف المساعدات الأميركية طرح للنقاش، وكانت هناك تعهدات خليجية بتوفير مساعدات مالية طارئة لتخفيف الضغط الأميركي، وتدعيم مواقف عمان والقاهرة، وهذا يعيد إلى الأذهان كيف وقفت دول الخليج مع الاردن قبل سنوات وقدمت حزمة مساعدات مالية، ومشاريع لمدة 5 سنوات، كان لها اثر في انعاش الوضع الاقتصادي الذي كان يمر بصعوبات، وتحديات.
الضرر الذي وقع من تعليق بعض المساعدات، ووقف اخرى لا يمكن تلافيه كليا، فمثلا الغاء وكالة التنمية الأميركية USAID يشكل ضربة موجعة، فهناك قطاعات في مؤسسات الدولة تعتمد بشكل كبير في برامجها ومشاريعها على الوكالة الأميركية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، وزارة التربية، والصحة، والمياه، والبلديات، والعديد من الهيئات المستقلة كالانتخابات، والنزاهة ومكافحة الفساد، هذا عدا عن مؤسسات المجتمع المدني التي لحقها ايضا ضرر فادح.
الامر يتعدى الاردن، فوقف الوكالة الأميركية للتنمية تسبب في ضرر كبير للعديد من الشركات الأميركية التي تفوز بالعطاءات لتنفيذ المشاريع بمئات الملايين، وبعضها كان يعتمد بشكل كلي على وكالة التنمية، والنتيجة لذلك إغلاقها، وبعض المؤسسات الأميركية الدولية المعروفة أغلقت مكاتبها فورا في عمان، ولم تصدر حتى الآن إحصاءات، أو معلومات موثقة عن تأثير وقف USAID في الأردن، والتقديرات الأولية لا يقل عن 20 ألف عائلة تأثرت بشكل سلبي.
هناك من يراهن على أن الدول الأوروبية قد تغطي بشكل محدود نقص الدعم والتمويل للبرامج والمشاريع الحكومية، ولمؤسسات المجتمع المدني، لكن ضغط إدارة الرئيس ترامب على أوروبا لزيادة الدعم الدفاعي للناتو سيرهق موازناتهم، ولن يكون بإمكانهم توسيع مظلة الدعم الإنمائي.
لا أعلم ما هي خطوات الحكومة لفتح أبواب جديدة للمساعدات؟ هل ستتوقف عن التشدد في قبول تمويل برامج ومشاريع مؤسسات المجتمع المدني؟ وهل سيتحرك رئيس الحكومة (اليقظ، والفطين) بشكل عاجل لدعوة قادة المجتمع المدني لاجتماع لدراسة الوضع، والاتفاق على خطة عمل مشتركة، فهو يدرك أن ضعف المجتمع المدني خسارة للمجتمع، والدولة؟
فتح الباب للصناديق العربية خطوة ملحة، وحشد الدعم للمؤسسات العامة والمدنية للتواصل معها بتصورات خلاقة لاستقطابها ضرورة، فكلما ساءت الأوضاع الاقتصادية في الدولة بمؤسساتها الرسمية، والمدنية زادت معدلات البطالة، والفقر، ودقت أجراس الإنذار في البلاد.