تحول الطاقة من الخشب الى النفط
صنارة نيوز - 10/03/2025 - 10:47 am / الكاتب - عمر سعد سليمان
تحول الطاقة من الخشب الى النفط
عمر سعد سلمان
مع بداية القرن الماضي ازاح النفط الفحم عن عرشه، وأصبح مصدر الطاقة الأحفوري الرئيسي في الولايات المتحدة وبقية الدول الصناعية، فاقتطعت المركبات ذات المحرك الانفجاري حصة الأسد في استهلاك النفط بحدود ثلث الاستهلاك السنوي.
ومع مطلع القرن الحادي والعشرين وصل عدد السيارات حول العالم 520 مليون سيارة يوجد ربع هذا العدد في الولايات المتحدة الامريكية التي كانت آنذاك فيها 1.9 مليون شاحنة و11 ألف طائرة ضخمة للنقل و28 ألف سفينة نقل و1.2 مليون مركب صيد تعمل جميعها بالنفط، وبدون النفط تزول الحضارة الصناعية التي بدأت أواخر القرن التاسع عشر، والذي يدخل في الصناعة بنسبة 23% من النفط المستخرج تحت بند (مواد كيميائية أولية).
يذكر ان مشتقات النفط تدخل فعلياً في تركيب الآلاف المنتجات سواء بالمستلزمات الطبية الى أجزاء من الأجهزة الكهربائية المنزلية. وتشكل تدفئة المساكن 6% من النفط المستهلك وإنتاج الكهرباء في المفاعلات تستهلك 4% من النفط العالمي.
وخلال التاريخ الاجتماعي للطاقة شكل التحول الى الوقود الاحفوري انقلاباً بسرعة غير مسبوقة. فمنذ 140 عاماً كان الخشب يشكل 75% من الطاقة المستخدمة في الولايات المتحدة والذي تم استخدامه في التدفئة ووقود للمراكب البخارية والقاطرات. في تلك الحقبة كان الكثير من الصناعات لا يزال يعتمد على طواحين الماء او الهواء.
ومع مطلع القرن العشرين كان النفط يستخدم في الإضاءة فقط ويمثل 4% من استهلاك الطاقة في العالم ولكن بعد 70 سنة ارتفع الاستهلاك 200 مرة ووصل الوقود الاحفوري الى 85% من اجمالي الطاقة المستخدمة في العالم منها 40% لصالح النفط و23% لصالح الغاز الطبيعي. اما الطاقة الذرية والكهرومائية فهي لا تغطي سوى 7% من هذه الحاجات بينما لا تغطي الطاقة الشمسية الا 1% فقط.
كان الخشب مصدر الطاقة الرئيسي في أوروبا القرن الوسطى حيث ان الغابات الكثيفة التي كانت تغطي الأقاليم الشرقية والغربية للقارة الأوروبية شكلت مصدراً للوقود غير القابل للنضوب ظاهرياً ولكن في القرن الرابع عشر أصبح الخشب نادراً اكثر فأكثر، مع التقدم الزراعي وظهور عربة الحرث ودخول الزراعات المتعددة الفصول التي سمحت بزيادة المساحة المزروعة وبالتالي زيادة انتاج الغذاء بشكل مدهش الذي أدى الى زيادة السكان مما دفع الفلاحين الى اقتلاع الأشجار من اجل زيادة المساحات المزروعة.
ان نضوب احتياطي الخشب شكل بالنسبة لمجتمعات القرون الوسطى مشكلة مشابهة لخطورة نضوب احتياطات النفط اليوم. اذا على غرار النفط كان الخشب مورداً في الطاقة متعددة الوجوه يستعمل في الف طريقة وطريقة. فكان الخشب يدخل في صناعة أدوات البنائيين والمنشار والعربة والحمامات العامة والدلو والمكنسة وفي صناعة احذية الفقراء وحتى السفن كانت مبنية من الخشب.
وفي عام 1630 أصبح سعر الخشب مرتين ونصف عن سعره قبل 40 سنة. لكن الفحم ازاح الخشب مع مطلع القرن السادس عشر وأصبح مصدر الطاقة الرئيسي في إنكلترا رغم ان الفحم لم يكن استخراجه هيناً الا ان اختراع المضخة البخارية التي تسحب الماء الى السطح جعل استخراجه سهلاً.
وعلى الرغم من ان الفحم كان أثقل من الخشب وصعوبة وجود الخيول التي تجر عربات النقل آنذاك لأنها كان رمز الترف آنذاك الا ان عملية نقل الفحم تم معالجتها بواسطة آلة بخارية تسير على طرق فولاذية وأصبح هذا الجهاز رمزاً لحقبة جديدة.
ان الانتقال من مصدر طاقة الى آخر نتيجة الحاجة للخروج من اليأس رغم انه مكلف كثيراً وغير مناسب، لان الانسان يتطلع دوماً الى مصادر الطاقة المتاحة بالشكل الاسهل لاستغلالها.