وقف التمويل الأمريكي: تداعيات كبيرة على الاقتصاد الأردني ومؤسسات المجتمع المدني والفنادق والقطاع الخاص

صنارة نيوز - 08/03/2025 - 10:43 pm

وقف التمويل الأمريكي: تداعيات كبيرة على الاقتصاد الأردني ومؤسسات المجتمع المدني والفنادق والقطاع الخاص

عمّان - خاص

يواجه الاردن تحديات اقتصادية عميقة مع وقف التمويل الأمريكي للعديد من المشاريع التنموية، التي كانت تعدّ ركيزة أساسية لدعم الموازنة الحكومية وتمويل القطاع الخاص. مع أن تأثيرات هذا القرار طالت بشكل رئيسي المؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أن العديد من القطاعات الأخرى بما فيها الفنادق، والقطاع السياحي، والمتقاعدين، بدأت تظهر بشكل جلي.

كان للقطاع السياحي في الأردن نصيب كبير من تداعيات وقف التمويل الأمريكي، خاصةً في مجالي السياحة والضيافة. وفقًا لتقارير جمعية الفنادق الأردنية، فقد شهدت الفنادق الأردنية انخفاضًا بنسبة تتراوح بين 20% و30% في معدلات إشغال الغرف الفندقية، خاصة في مدن مثل عمّان، البحر الميت، وعقبة، التي كانت تعتمد على السياح الأمريكيين وبعضهم كان يأتي بدعم من المنظمات الدولية التي كانت تتلقى تمويلًا أمريكيًا.

وقف التمويل لم يقتصر فقط على دعم السياحة الأمريكية، بل شمل أيضًا الدعم للبرامج السياحية التي تديرها المنظمات غير الحكومية، التي كانت تسعى إلى جذب السياح عبر تسويق المواقع السياحية في الأردن، مما ساهم في نقص النشاطات والبرامج السياحية التي تجذب الزوار.
على سبيل المثال، حسب وزارة السياحة والآثار الأردنية، تراجع عدد الزوار الأجانب بنسبة 18% في العام الذي تلى القرار الأمريكي، ما ألحق أضرارًا كبيرة بفنادق الخمس نجوم والمنتجعات السياحية في البحر الأحمر والبحر الميت

من جهة أخرى، يظهر تأثير وقف التمويل الأمريكي بشكل جلي على شريحة المتقاعدين في الأردن، خصوصًا أولئك الذين كانوا يعتمدون على البرامج المدعومة من المنظمات الدولية. العديد من المتقاعدين في الأردن استفادوا من الدعم المقدم من المنظمات الممولة أمريكيًا في مجالات الرعاية الصحية، والمعاشات التكميلية، والمساعدات الاجتماعية. مع توقف هذه الأموال، أصبح المتقاعدون يواجهون صعوبة في تغطية احتياجاتهم الأساسية.

وتقدر دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن هناك حوالي 200,000 متقاعد في الأردن، حيث يعتمد العديد منهم على دعم مؤسسات المجتمع المدني أو المنظمات الدولية في توفير خدمات صحية أو مساعدات مالية. ومع توقف هذه البرامج، يُتوقع أن يزداد العبء على الحكومة الأردنية في توفير الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، خاصة في ظل ضغوط الموازنة المتزايدة.

كما أن جزءًا من المساعدات الأمريكية كان موجهًا إلى برامج التعليم والتدريب للمجتمع المحلي، بما في ذلك برامج تدريبية للمتقاعدين لتحسين مهاراتهم الاقتصادية بعد التقاعد. مع وقف هذه البرامج، يواجه المتقاعدون تحديات إضافية في تحسين فرصهم الوظيفية أو زيادة دخلهم بعد التقاعد.

لم تقتصر التأثيرات السلبية على الفنادق والمتقاعدين فقط، بل امتدّت إلى مؤسسات المجتمع المدني التي كانت تعتمد بشكل كبير على التمويل الأمريكي. على سبيل المثال، يقدر المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن أن أكثر من 50% من مشاريع المجتمع المدني في البلاد كانت تعتمد على التمويل الأمريكي، بما في ذلك برامج تقديم الرعاية الاجتماعية، والتعليم، والمساعدات الطبية.

وبحسب الاتحاد العام للجمعيات الخيرية، فإن عدد الجمعيات التي توقفت عن تقديم خدماتها بسبب نقص التمويل قد وصل إلى حوالي 30%، مما أثر بشكل مباشر على العديد من الفئات الاجتماعية الضعيفة في المجتمع الأردني، مثل اللاجئين والفقراء.

إضافة إلى ذلك، توقفت العديد من المشاريع التي كانت تستهدف دعم تمكين المرأة والشباب، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في فرص العمل وتنمية المهارات لدى هؤلاء الفئات، وفقًا لتصريحات مؤسسة نهر الأردن، التي أشارت إلى فقدان أكثر من 10,000 فرصة عمل كانت مرتبطة بمشاريع ممولة من المنح الأمريكية.

في ضوء هذه التحديات، أصبح من الضروري أن تتخذ الحكومة الأردنية إجراءات عاجلة لمواجهة هذه الأزمات. ففي القطاع السياحي والفندقي، يجب تعزيز جهود التسويق السياحي الداخلي وجذب المزيد من السياح العرب والأجانب. كما أن القطاع الخاص يجب أن يشارك بشكل أكبر في تقديم الخدمات الاجتماعية والتعليمية التي كانت تعتمد سابقًا على التمويل الأجنبي.

أما بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني، فإن البديل هو البحث عن تمويلات جديدة من مصادر محلية ودولية أخرى، وتوسيع الشراكات مع الدول العربية والمنظمات الإقليمية. كما ينبغي أيضًا أن تركز الحكومة على تعزيز برامج الدعم المالي والاجتماعي للمتقاعدين، وتقديم استراتيجيات جديدة لمساعدتهم على التأقلم مع التغيرات الاقتصادية الحاصلة.

إجمالاً، سيكون لوقف التمويل الأمريكي تبعات طويلة الأمد على مختلف القطاعات في الأردن، ولكن من خلال التعاون المحلي والدولي، يمكن للمملكة تجاوز هذه الصعوبات.