مؤتمر الحوار الوطني السوري – خطوة نحو مستقبل مشترك

صنارة نيوز - 23/02/2025 - 10:34 pm

إعداد: محمود أبوزيد

تاريخ : 23 شباط 2025

مقدمة

في ظل التحديات المستمرة التي تعيشها سوريا منذ اندلاع الصراع في عام 2011، يظهر “مؤتمر الحوار الوطني السوري” كفرصة حقيقية لفتح آفاق جديدة من التفاهم والتعاون بين جميع الأطراف السورية.
يعتبر هذا المؤتمر خطوة مهمة نحو تعزيز المصالحة الوطنية وبناء أسس استقرار دائم، حيث يهدف إلى جمع ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني وكافة أطياف الشعب السوري في نقاش مفتوح وبناء حول القضايا الأساسية التي تواجه البلاد.

سوريا، التي عانت من ويلات الحرب والدمار، بحاجة ماسة إلى صيغة وطنية جديدة تسمح بإعادة بناء الثقة بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية.
على طاولة المؤتمرين، قضايا حساسة تمس كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد، مثل العدالة الانتقالية، البنية الدستورية، إصلاح المؤسسات، والحريات العامة.

يأتي المؤتمر بعد سلسلة من اللقاءات التحضيرية والمشاورات الميدانية التي تم تنظيمها في مختلف المحافظات السورية، والتي شهدت مشاركة واسعة من فئات متعددة من المجتمع السوري.

يُعتبر المؤتمر خطوة نحو بناء هوية وطنية جامعة، بعيداً عن الانقسامات الطائفية والإيديولوجية التي تشهدها سوريا، وذلك عبر ترسيخ ثقافة الحوار الوطني كوسيلة رئيسية لحل الأزمات المستمرة وإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية على أسس العدالة والمساواة.

ورغم أن هذه المبادرة تمثل بداية جديدة في جهود التسوية السياسية، فإن نجاحها يعتمد على مدى جدية الأطراف المعنية في التعامل مع مخرجات المؤتمر وتحويلها إلى خطوات ملموسة وواقعية.

لذا، يعد المؤتمر بمثابة خطوة أولى نحو استعادة الاستقرار والازدهار، ولكنه أيضاً يشكل تحدياً في كيفية ترجمة الطموحات إلى واقع عملي، بما يحقق تطلعات الشعب السوري نحو السلام الدائم والعدالة المستدامة.

محمود أبوزيد

محمود أبوزيد

برنامج المؤتمر

اليوم الأول: 24 شباط 2025
• 17:00: ترحيب وتسجيل الحضور.
• 20:00: عشاء تعارف للحضور المسجلين.

اليوم الثاني: 25 شباط 2025
• 09:00: استقبال المشاركين.
• 09:30: كلمة الافتتاح.
• 10:00: استراحة.
• 10:30: ورش العمل (تقسيم المشاركين إلى مجموعات):
• المجموعة الأولى: العدالة الانتقالية.
• المجموعة الثانية: البناء الدستوري.
• المجموعة الثالثة: إصلاح وبناء المؤسسات.
• المجموعة الرابعة: قضايا الحريات الشخصية والحياة الإنسانية.
• المجموعة الخامسة: دور منظمات المجتمع المدني.
• المجموعة السادسة: المبادئ الاقتصادية.
• 14:00: استراحة غداء.
• 15:00: استئناف ورش العمل وإنهاؤها.
• 17:00: الجلسة الختامية:
• الاجتماع العام والمناقشة.
• قراءة البيان الختامي والكلمة الختامية.

أهداف المؤتمر

أكدت اللجنة التحضيرية أن المؤتمر ليس مجرد فعالية آنية، بل خطوة أولى نحو مسار طويل يهدف إلى بناء هوية وطنية جامعة تقوم على الحوار والتفاهم. ومن أبرز الأهداف التي يسعى المؤتمر لتحقيقها:
1. تعزيز ثقافة الحوار الوطني المستدام كوسيلة لحل القضايا العالقة.
2. صياغة مخرجات عملية قابلة للتطبيق عبر إشراك الخبراء والمتخصصين.
3. وضع أسس لدستور مؤقت يضمن انتقالاً سياسياً سلساً.
4. إعادة هيكلة القطاعات الحكومية بما يتناسب مع التحديات الراهنة.
5. تعزيز الأمن والاستقرار لتسهيل إعادة بناء المؤسسات السورية.
6. تمكين المجتمع المدني ليكون شريكاً فاعلاً في عملية الإصلاح.

التحضيرات والتمثيل المجتمعي

في إطار التحضيرات للمؤتمر، نظمت اللجنة أكثر من 30 لقاء تحضيري في مختلف المحافظات السورية، شهدت مشاركة فعالة من أكثر من 4000 شخص، وتم استلام أكثر من 700 مداخلة شفهية وكتابية. ساعدت هذه اللقاءات في تحديد القضايا ذات الأولوية التي ستتم مناقشتها في المؤتمر، وشملت مواضيع مثل:
• العدالة الانتقالية والبناء الدستوري.
• الإصلاح المؤسسي والاقتصادي.
• قضايا الحريات العامة والشخصية والسياسية.
• وحدة الأراضي السورية ودور المجتمع المدني في تعزيز الحوار وبناء الأسس المستقبلية.

الإيجابيات والسلبيات

الإيجابيات

شمولية اللقاءات التحضيرية:

اللقاءات التحضيرية التي سبقت المؤتمر ساعدت في إشراك فئات متنوعة من المجتمع السوري، مما يعكس حرصاً على تمثيل مختلف أطياف الشعب في الحوار الوطني.

تنوع القضايا المطروحة:

تناولت ورش العمل قضايا جوهرية مثل الإصلاح الدستوري، العدالة الانتقالية، وإعادة بناء المؤسسات، مما يعكس حرص المؤتمر على تناول الملفات الرئيسية التي تؤثر على مستقبل سوريا.

مشاركة واسعة من المجتمع المدني:

وجود عدد كبير من الخبراء وممثلي منظمات المجتمع المدني يعزز فرص تبني توصيات المؤتمر وتحويلها إلى إجراءات عملية قابلة للتنفيذ.

نهج عملي في النقاشات:

الورش العملية بدلاً من الجلسات الخطابية قدّمت فرصة أكبر للوصول إلى حلول قابلة للتطبيق.

السلبيات

ضيق الوقت بين إرسال الدعوات وعقد المؤتمر:
تم إرسال الدعوات للمشاركين في وقت قريب من موعد انعقاد المؤتمر، مما خلق تحديات لعدد كبير من المدعوين، خصوصاً أولئك المقيمين في الخارج، حيث صعب عليهم التحضير أو تنظيم السفر، مما أثر على تمثيل بعض الأطراف الأساسية في المؤتمر.

إقصاء بعض الشخصيات المحسوبة على الثورة: 
غياب بعض الشخصيات المعروفة بتوجهها المعارض للنظام السوري أثار تساؤلات حول مدى شمولية المؤتمر، وهل يعكس فعلاً تمثيل جميع الأطراف السورية، بما في ذلك المعارضة.

غياب تمثيل بعض المناطق:
لم يتم تمثيل بعض المناطق السورية الهامة مثل دير الزور، الحسكة، الرقة، والقامشلي في الاجتماع، مما يثير القلق بشأن تمثيل جميع الفئات الجغرافية في البلاد، وهو ما قد يؤثر على شمولية الحوار.

الافتقار إلى خطة تنفيذ ملموسة:
رغم أهمية النقاشات والورشة المتخصصة، إلا أن المؤتمر لم يقدم تفاصيل واضحة حول كيفية تنفيذ التوصيات أو آليات متابعة لتحقيق أهدافه، ما قد يقلل من فاعلية النتائج إذا لم يتم تحديد خطة عمل واضحة.

الخاتمة

يُعد مؤتمر الحوار الوطني السوري خطوة طموحة نحو بناء تفاهم وطني شامل، ورغم العقبات والتحديات التي تواجهه، فإن إشراك مختلف الفئات المجتمعية يعكس توجهاً إيجابياً نحو مستقبل أكثر استقراراً.
نجاح هذا المسار يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف المعنية على تحويل مخرجات المؤتمر إلى سياسات حقيقية قابلة للتنفيذ، بما يضمن تحقيق تطلعات السوريين نحو السلام والعدالة.