سامح المحاريق يكتب: لماذا الأردن وليس أي دولة أخرى؟
صنارة نيوز - 26/01/2025 - 1:38 pmسامح المحاريق/
يتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الملك عبد الله الثاني لمناقشة ترحيل نسبة من أهالي قطاع غزة إلى الأردن، ويقول بأنه سيتحدث لاحقًا اليوم، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الشأن نفسه.
الترتيب يبدو مغلوطًا إلى حد ما، فالقطاع ومنذ الخمسينيات كان ملفًا مصريًا، واتصاله الجغرافي قائم مع مصر، وفي جميع المحطات السابقة، كانت مصر تتدخل أولًا على أرضية هاتين الحقيقتين البسيطتين، بل، وكان التسخين في القطاع سنة 2020 المدخل الذي تمكن من خلاله المصريون من استعادة التواصل مع الأمريكيين بعد أن بدأ جو بايدن ولايته بموقف سلبي تجاه القاهرة على خلفية ملفات حقوق الإنسان.
كما أن ملف تهجير الغزيين بقي موضوعًا متداولًا في الإعلام المصري، وبالمناسبة، فإن الإعلام المصري المركزي في إدارته سيصبح هدفًا للمتابعة والتحليل في اليومين المقبلين تحديدًا.
بقيت مخاوف الأردن القائمة والمبررة مرتبطة بهجرة ناعمة أو قسرية من الضفة الغربية، خاصة أن الملف على المستوى الأردني – الفلسطيني وصل إلى نهايته سنة 1988، وكان تأسيس السلطة الوطنية بعد اتفاق أوسلو 1993 يحدث واقعًا جديدًا يفكك نهائيًا العلاقة بين الأردن والضفة الغربية، فما الذي يدفع الأردن لأن يكون محطة محتملة للتهجير من قطاع غزة؟ وما الذي يريده الأمريكيون.
تعرف واشنطن أن الأردن تثقله المشكلات الاقتصادية، والهيكل السكاني للبلاد مرهق مع وجود بطالة قياسية في فئة الشباب، وخاصة خريجي الجامعات والكليات، وعلاوة على ذلك، فالموارد محدودة، بحيث لا تشكل الزيادة السكانية أي ميزة اقتصادية، فلماذا الأردن، وليست كندا أو استراليا أو بعض الدول الأوروبية التي تحتاج إلى المهاجرين؟ ولديها الموارد الكافية لاستيعاب المهجرين الفلسطينيين؟
ما صنعته اسرائيل خلال الثلاثين عامًا الأخيرة، هو تعميق حالة العداء مع الفلسطينيين، بالتوازي مع تشويه الفلسطينيين على المستوى العالمي، بما يجعل التراجع عن هذه الحالة غير ممكن، والفلسطينيون الموزعون في العالم الذين يمكن أن يصلوا إلى تشكيل لوبيات مؤثرة لا يجب أن يظهروا وفقًا لوجهة النظر الإسرائيلية، ولكن الاستثمار في فلسطيني المخيم، ومع ذلك، إن كان الحال هو فلسطيني المخيم الغارق في مشكلاته والمحاصر إنسانيًا ووجوديًا، فلماذا يكون في الأردن؟
لأن ذلك، وطالما أن العداء هو المحصلة الفعلية لممارسات عقود من الزمن، سيكون وجود الفلسطينيين قريبين من بلدهم، ذريعة اسرائيلية مستمرة للتحرش بأماكن وجودهم الجديدة، بمعنى الإبقاء على مفهوم الخطر الوجودي على إسرائيل، ومن ثم التحرش تجاه تفجير الوضع، وبذلك يمكن الحديث عن التوسع الفعلي على حساب الأردن ومصر، فالمطلوب، هو الاستمرار في إزاحة الفلسطينيين بعيدًا عن أراضيهم للوصول إلى وجودهم بين كتلة تستطيع أن تستوعبهم بحيث لا يشكلون أكثر من 5 -10% من الكتلة السكانية، أي ربما مصر والعراق، وبذلك تصبح الأردن وسيناء مناطق يريدها الإسرائيليون لنفوذهم تحت مسمى الأمن.
توجد العديد من المؤشرات التي تثير القلق، والتي تتطلب مواجهتها من خلال التشاور الوطني، فهل من الطبيعي أن تنفجر الضفة بمجرد الوصول إلى تهدئة في غزة، وهل من الطبيعي أن يتحدث ترامب في مرحلة مبكرة من رئاسته عن موضوع مثل تهجير الفلسطينيين؟