بعد غزة ليس كما قبلها
صنارة نيوز - 20/01/2025 - 8:28 pm / الكاتب - نضال منصورمع بدء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة علينا أن لا ننسى أن حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي كانت أبشع ما حدث في التاريخ الحديث، وما يجب أن نظل نلاحقه دون ملل، أو كلل هو جلب قادة الاحتلال للعدالة، ومنع إفلاتهم من العقاب.
بعد وقف إطلاق النار ستكون هناك مراجعات كثيرة، بعضها قد يعجبنا، وبعضها الآخر قد يثير غضبنا، والحقيقة التي لن يختلف عليها أن الأفكار لا تموت، والشعوب لا تُهزم مهما كانت بشاعة الحرب، ولذلك فإن صمود أهل غزة، ورفضهم ترك أرضهم رغم جسامة التضحيات نصر مبين.
لم يُحقق رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي، نتنياهو، كل أهدافه من العدوان على غزة، فهو لم يُحرر أسراه بالقوة، ولم ينهِ “حركة حماس”، أو “الجهاد الإسلامي” بشكل نهائي، وإن ألحق بها خسائر كبيرة، وقتل عددا كبيرا جدا من قياداتها، وكوادرها، وفشل أيضا في تهجير أصحاب الأرض من بلادهم، ولن يستطيع إبقاء قواته العسكرية مسيطرة على الأرض في غزة وفق اتفاق الهدنة.
ماذا بعد؛ هل يُكمل نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار في مراحله اللاحقة، هل ستصمد حكومته في ظل الاحتجاجات المتزايدة من اليمين الصهيوني على اتفاق وقف إطلاق النار، وفي المقابل من سيحكم غزة، هل ستعود السلطة الفلسطينية لإدارتها، وما هو مصير حكومة حماس؟
بالتأكيد لا توجد إجابات حاسمة وقاطعة، ولكن كل الرهانات تؤشر إلى صمود نتنياهو في مواجهة ابتزاز بعض وزرائه، فاستطلاعات الرأي تُشير أنه بات أكثر قوة، بعد أن وجه ضربات موجعة لإيران، وحزب الله كان أبرزها اغتيال حسن نصر الله.
والواقع يقول إن السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس، محمود عباس، هي الخاسر الأكبر منذ العدوان على غزة شعبيا، وحتى إقليميا ودوليا؛ وهي باعتقادي لم تعد تحظى بثقل، والنقاش في الغرف المغلقة حول شرعيتها، وضرورة البحث في بديل لها مطروح.
حماس بعد الحرب على غزة لن تتمسك بالسلطة، وربما تعرف المخاطر الوجودية إن تمسكت بتصدر المشهد في الظرف الراهن، وهي لا تُمانع في إدارة يتوافق عليها حتى لو كان عنوانها السلطة الفلسطينية.
بعد غزة ليس كما قبلها، فقد تدحرجت أحجار الدومينو، ويُعاد تشكيل المنطقة من جديد، فسورية اليوم دون حكم عائلة الأسد، وفي السلطة قوة جديدة تحج إليها الوفود، لكنهم ما زالوا متوجسين منها، ولو فرحوا لسقوط حكم الأسد، وفي لبنان يُنتخب رئيس للجمهورية بعد أكثر من عامين على الفراغ الدستوري، ويختار رئيس للوزراء خارج الوجوه التي تتعاقب على حكم لبنان منذ أعوام عديدة، والأسئلة معلقة برسم الإجابة؛ ماذا سيحدث في العراق، وإيران، واليمن في إطار سياسة تقليم الأظافر؟، وهل نحن على أعتاب استكمال الخيار العسكري لتأديب المنطقة، وإحكام السيطرة عليها، ليقرر سيد البيت الأبيض الجديد، الرئيس ترامب، الأولويات، والاتجاهات الجديدة؟
الرئيس ترامب يأتي بجموح ليحقق أجندته التي عجز عن تحقيقها في ولايته الأولى، وفي ذهنه أن عملية “تنظيف” قامت بها إدارة بايدن، ونفذها نتنياهو سهلت عليه المهمة، وأنه سيحكم العالم بالعصا، وستكون الدول العربية خاصة عجينة طيعة على التشكيل وفق مصالحه، ومنطق الصفقات السريعة.
الأشهر القادمة مخاض صعب، وبعد هذا الدم الذي أريق في غزة، لم يعد يُعرف إلى أين نسير، وما هي خريطة الطريق التي تُرسم لمستقبل هذه المنطقة؟