دعوة للحكومة لمراجعة ملف الإعلام في الأردن
صنارة نيوز - 06/01/2025 - 11:31 am / الكاتب - نضال منصور
بقلم/ نضال منصور
بعيدا عن الهمس عن تعديل وزاري مرتقب على حكومة الدكتور جعفر حسان، فإن المتابع لحركة وايقاع الحكومة يشعر بالارتياح، والتفاؤل لأن أجندة الحكومة الميدانية تخلق حراكا، وتحاول ان تصحح مسارات تكلست، وتراجع بروح ايجابية قرارات اتخذت، وتتم مراجعتها، وتعديلها لأنها ليست كتابا مقدسا، وخير مثال على ذلك قرار رفع الضريبة على سيارات الكهرباء بشكل مفاجئ في آخر ايام الحكومة السابقة.
اطلعت امس على قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بإعادة هيكلة مؤسسات ودوائر حكومية انطلاقا من خريطة تحديث القطاع العام، ومنها دمج كل من هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية، ووحدة جودة التعليم والمساءلة في وزارة التربية والتعليم مع هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، ضمن هيئة واحدة تسمى هيئة اعتماد وضمان الجودة، وكل ذلك تمهيدا لإنشاء وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية.
الاستمرار بتحديث القطاع العام لا يقل اهمية عن التحديث السياسي، والاقتصادي، بل يمكن القول بكل اطمئنان ان فشل الكثير من مشاريع التحديث على مر العقود الماضية ارتبط بشكل او بآخر بترهل القطاع العام، وعدم مساندته للتغيير.
ومن قرارات مجلس الوزراء اللافتة هو التعديل الذي نص على ان رئاسة مجلس ادارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ووكالة الانباء الاردنية "بترا" ليست حصرا على وزير الاتصال الحكومي، والصيغة الجديدة نصت على أن يتولى هذين الموقعين وزير الاتصال الحكومي، او من يسميه رئيس الوزراء، ولو كنت ناصحا للحكومة لأبعدت وزير الاتصال الحكومي عن رئاسة اي من هاتين المؤسستين.
قرار مجلس الوزراء اعاد هذا التوجه الى انه ينسجم مع مسارات التحديث السياسي، ومراعاة للتطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع الاعلام، وتعزيزا لاستقلالية المؤسسات الاعلامية.
والحقيقة ان التوجه بأن يكون الوزير رئيسا لمجلس ادارة التلفزيون والاذاعة، ووكالة الانباء بترا لم يكن موفقا، او صحيحا، ولم يحقق اي تطور في وظيفة، ودور المؤسستين، والمشكلة ليست في الوزير، وربما يكون بعضهم لديه رؤية تطويرية، ولكن بحد ذاته ربطها بالحكومة قضية إشكالية تنفي عنها صفة الاستقلالية، وتحد من قدرتها على إيصال رسالتها الاعلامية.
ربما هذا القرار مناسبة مهمة لتذكير الحكومة بملف الاعلام في الاردن، فصناعة الاعلام تحتضر، والامن الوظيفي للصحفيين في تراجع، والصحفيون يشعرون بعدم الامان، والخطر.
صحافتنا لم تعد في المقدمة عربيًا، ورغم تباهينا ان شبابنا هم من صنعوا اهم المنصات الاعلامية في الاقليم، وهذا ليس مرتبط فقط بتوفير المخصصات المالية- رغم اهميتها- ولكن هناك عوامل اخرى من بينها استقلالية الاعلام، ووجود ارادة سياسية ناجزة بأهمية الصحافة في التغيير، والثقة ان نشر الحقيقة مهما كان قاسيا يسهم في الاصلاح، والتنمية، ومحاربة الفساد، والرقابة، والمساءلة.
وبما ان الحكومة اتخذت قرارا بمشروع نظام تقييم الاثر للتشريعات والسياسات لسنة 2025، فإننا ندعو دولة رئيس الوزراء الى دراسة الاثر التشريعي لقانون الجرائم الالكترونية، مع التذكير بأن جلالة الملك طلب هذا التقييم خلال اجتماعه مع المركز الوطني لحقوق الانسان منذ اشهر، وما نزال ننتظر؟
ولتذكير رئيس الوزراء ايضا فإن هناك لجنة وزارية شكلت قبل سنوات لمواءمة مواد التشريعات الاردنية مع نصوص المعاهدات والاتفاقيات الحقوقية التي صادق عليها الاردن، وقيل انها لم تجتمع سوى مرة واحدة، ولم تفعل شيئا.
الإعلام ليس ملفا هامشيا، والاحداث العاصفة التي مرت بها المنطقة بدءا من حرب الابادة على غزة التي شنها الاحتلال الاسرائيلي، مرورا بالعدوان على لبنان، وليس انتهاء بسقوط نظام الاسد في سورية، كشف ويكشف اهمية الاعلام، والدليل تصدر محطات فضائية المشهد، وربما اصبحت اكثر اهمية وتأثيرا من دول، وهذا يدفعنا للمطالبة بإعادة النظر بقصة الانفاق المالي، فالصرف على وسائل الاعلام ان كان صحيحا، وموجها بعناية، ويحفظ الاستقلالية، فهو لا يقل اهمية عن امتلاك طائرات ودبابات متطورة.
هذا الكلام دعوة مبكرة لرئيس الوزراء، ولوزير الاتصال الحكومي الخبير بهذا المجال لبناء تصور استراتيجي في التعامل مع الاعلام، بدل سياسة الاسترضاء، والترقيع التي لا تصلح لهذا الزمن، فبناء منصة رقمية ناجحة تصل الجمهور في كل مكان قد يخدم التنمية المستدامة اكثر بكثير من مشاريع فاشلة حملت خزينة الدولة ديونا بالملايين.