الدولة اليهودية.. مخطط الاحتلال القادم

صنارة نيوز - 31/12/2024 - 12:27 pm  /  الكاتب - نادية سعدالدين

 

بقلم/ نادية سعدالدين
في ظن الكيان الصهيوني أن الظروف الإقليمية والدولية الراهنة سانحة لتجديد مطلب الاعتراف به «كدولة يهودية» تجبُ معها مدينة القدس بعد تهويدها والمسجد الأقصى المبارك إبان تقسيمه وتغيير وضعه القانوني والتاريخي القائم، وأراضي الضفة الغربية عقب ضمها وتهجير سكانها، سبيلاً لإضفاء مشروعية تاريخية ودينية مزعومة تُكلل مساره الدموي العنصري على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

  وإذا غاب الرد العربي والإسلامي واستمر الصمت الدولي؛ فإن رهان الاحتلال على عودة «ترامب» للسلطة من أجل تمرير مخططه، أسوة بتبني سلفيه «جورج بوش» الابن عام 2003 و»باراك أوباما» منذ عام 2009 للمطلب الذي حضر معهما أممياً وعبر المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية، سيجلب المزيد من الويلات المُحدقة بالقضية الفلسطينية والمنطقة معاً.


لم يعد الكيان المُحتل يكتفي بالاعتراف به «كدولة» ذات سيادة وكأمر واقع، وإنما «كدولة يهودية» أيضاً، فتم قوننة التعريف قانونياً عام 1992، حينما ورد المصطلح المزدوج الزائف «دولة يهودية وديمقراطية» كتعريف «لدولة إسرائيل» في القوانين الأساسية دستورية الطابع، وكشرط لسن أي قانون في «الكنيست»، بما يحمل تناقضاً كبيراً إزاء وجود زهاء مليون و750 ألف فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، وذلك بهدف تأكيد «يهودية الدولة» و «شرعنة» طابعها اليهودي وأغلبيتها اليهودية بالقانون.

ونشط حراك ما يسمى زوراً «الدبلوماسية» الصهيونية «لتدويل» التعريف؛ عبر المطالبة باعتراف الفلسطينيين والعرب ودول العالم «بيهودية الدولة»، وإكساب العبارة شرعية دولية بالاتفاقيات والأعراف الدولية السائدة، وبالتالي في القانون الدولي، وهذا أخطر ما يكون.


ورغم معارضة الساسة الصهاينة لأي دور سياسي للدين، ولكنهم يجدون فيه إحدى مقومات «القومية اليهودية»، فقاموا بتوظيف قيمه ورموزه لتوحيد التجمعات اليهودية المتفرقة عبر أصقاع العالم، وصناعة قيم ومعتقدات مشتركة، لإثبات التجذر التاريخي للكيان المُصطنع في فلسطين المحتلة، فباتت عملية فصل الدين عن «الدولة» أمراً صعباً ما دامت اليهودية تعني رموز الدولة ومصدرها التاريخي التراثي وصنوان «الهوية» ومُقرر «المواطنة» لأتباعها، وأساس الحجة الدينية التاريخية لتبرير الاستلاب والقتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني بادعاء الحق التاريخي التوراتي على الأرض.


 إن «يهودية الدولة» هي أداة الكيان الصهيوني لسن قوانين مصادرة الأراضي الفلسطينية العربية بزعم أن الاستيطان والاستلاب واستيعاب الهجرة قيم أساسية، ومهمات تعبر عنها. كما تشكل أساساً للتشريعات العنصرية، ومنها قانون منع لم شمل العائلات الصادر عام 2002، بخاصة إذا كان أحد الزوجين فلسطينياً أو فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يعتبر مرفوضاً إذا كان أحدهما من اللاجئين بالشتات، وذلك بهدف الحفاظ على الأغلبية اليهودية، رغم أن مسوغات القانون التي طرحت أمنية.


وتقف «يهودية الدولة» وراء مخطط الاحتلال لتهويد القدس بزعم أنها «العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل»، من خلال الاستيطان والطرد وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، بهدف تخفيض عدد الفلسطينيين العرب إلى 12 % فقط، مقارنة بعددهم اليوم في شطرها الشرقي البالغ حوالي 350 ألف مقدسي، مقابل توطين زهاء مليون مستعمر في المدينة، بجانبيها الشرقي والغربي. 


إن مطالبة الكيان الصهيوني الاعتراف به «كدولة يهودية» تعكس مخطط «الضم» و»التهويد» و»التهجير»، فهي تتناقض كلياً مع مبدأ حق العودة، وتعني إسقاطاً له ونسفاً لأي مطالبة فلسطينية عربية به، كما تؤدي لحرمان فلسطينيي 1948 من حق الإقامة في وطنهم توطئة لتهجيرهم، وهي معركة أخرى طويلة تستوجب استنفاراً فلسطينياً عربياً مُغايراً للسابق ولكنه مفقود اليوم.