مع ترامب.. القادم أصعب
صنارة نيوز - 16/12/2024 - 4:48 pm / الكاتب - نادية سعدالدين
نادية سعدالدين
يأتي الرئيس الأميركي المُنتخب “دونالد ترامب” للسلطة مجدداً بأجندات تخص منطقة الشرق الأوسط يريد تنفيذها، لن تختلف كثيراً عن جوهر سياسة ولايته الرئاسية الأولى، بل ستكون أسوأ، مما يجعل القادم أصعب بالنسبة للقضية الفلسطينية، وللمنطقة عموماً.
نفذ “ترامب”، في وقت لم يتمتع فيه بنفس قوته اليوم، برنامجاً مُخالفاً للإستراتيجية الأميركية حيال الصراع العربي – الصهيوني، عبر نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة ووقف تمويل “الأونروا” وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، عدا الاعتراف بسيادة الاحتلال على هضبة الجولان السورية المُحتلة والدفع باتفاقيات التطبيع، وهي مواقف لم يراجعها الرئيس “جو بايدن”، بل واصل الطريق بأشد منها، عبر دعمه المطلق لجرائم الاحتلال الوحشية في قطاع غزة، وعدوانه الهمجي على لبنان وسورية.
وفي ظل تعيين “ترامب” شخصيات مؤيدة بشكل مطلق للكيان الصهيوني ضمن إدارته، فمن المتوقع أن ينفذ أجنداته بدرجة أكبر من السابق، عند تسلم مهامه رسمياً في 20 يناير المقبل، إزاء توافقه مع الأغلبية الجمهورية في الكونجرس بفرعيه، خلال السنوات الأربع القادمة.
وهنا؛ لا أستبعد إحياء “صفقة القرن”، وربما إعادة صياغتها بما يناسب التغييرات الحالية بالمنطقة، ويحقق مصالح الكيان الصهيوني. وإذا أقدم الأخير على خطوة “ضم” الضفة الغربية
بالكامل، فقد يعترف بها “ترامب”، فالعقلية الكامنة في الصفقة ليست عقليته وحده، بل تتبناها جميع الأذرع بإدارته أيضاً.
وقد يتماهى “ترامب” مع سياسة الاحتلال للقضاء على المقاومة الفلسطينية، حتى من بعد انتهاء حرب الإبادة في غزة. وعند وقفها بدون بدء إعادة إعمار شاملة، فإن خطر تهجير سكان القطاع سيبقى ماثلاً كمخطط صهيوني توطئة لتكراره لاحقاً في الضفة الغربية، فالتهجير عماد المشروع الصهيوني وركيزته الأساسية للبقاء.
وإذا طبق “ترامب” تصوراته بشأن الضفة وغزة، وفق “صفقته” الحديثة، وبنى في سياسته المؤيدة للاحتلال على ما قدمه في فترته الأولى، وطبقاً لتفكيره بأن الكيان الصهيوني صغير ويحتاج لمزيد من الأراضي، فإن الخطر الشديد سيحدق بالقضية الفلسطينية، والمنطقة عامة، لا سيما الأردن ومصر، إزاء تداعياته القاتمة على الأمن والاستقرار، ونظير مساعي الاحتلال المتواترة لتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم المُحتلة.
ويبقى السؤال: هل الإدارة الأميركية الجديدة ستكون راغبة أو قادرة على ضغط الاحتلال لأجل تطبيق “حل الدولتين”؟. في الظاهر العام؛ قد يكون احتمالاً ممكناً في ضوء رغبة “ترامب” بالسلام، ولأنه في الولاية الثانية ليس محتاجاً للدعم الصهيوني مستقبلاً أو مجاملة أي قوة داخلية، حيث لا تنتظره انتخابات أخرى.
ولكن “ترامب” لا يرى ضرورة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفق ما يتسرب منه وعن دائرته المحيطة، فيما يعد إقناع “نتنياهو” بقبول فكرة “حل الدولتين” أمراً معقداً للغاية، إزاء رفض غالبية الأطراف الصهيونية الانسحاب من حدود الرابع من يونيو 1967، مما يجعل تحقيق هذا الهدف صعباً، إن لم يكن مستحيلاً في الأفق القريب، على الأقل.
لن يسهم ذلك كله في خلق أي مسار حقيقي نحو “حل الدولتين”، أما الحقوق الوطنية الفلسطينية في التحرير وتقرير المصير وحق العودة، فتحقيقها متروك لصمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة.