المقاومة في الوجدان العربي

صنارة نيوز - 31/10/2024 - 11:55 am  /  الكاتب - نادية سعدالدين


تتجذر فكرة المقاومة في أذهان ووجدان الشعوب العربية والإسلامية. فالمزاج الشعبي العربي العام لا ينفصل فيه الإسلام عن العروبة عن الموقف القومي، فهو مزاج رافض للاحتلال الأجنبي لأي بلد عربي، ومُنتصر للمقاومة المعبرة عن هوية الشعوب العربية وكرامتها في النضال ضد الاحتلال. 

تنتصر شعوب الأمة لعدالة حقوق الشعب الفلسطيني في التحرر وتقرير المصير، وتتضامن مع حركة «حماس»، والمقاومة، التي أضحت تحظى بتأييد شعبي إسلامي وعربي وعالمي كبير بعد 7 أكتوبر، بوصفها حركة تحرر وطني ضد العدو الصهيوني.


وينسحب ذلك أيضاً على المقاومة اللبنانية التي نجحت في دحر العدو من لبنان عام 2000 وإحباط عدوانه عام 2006، ومواجهته اليوم نظير إسنادها لغزة ضد حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال شنها على القطاع.  


ساهمت المقاومة في ترويج سمة الإعجاب بها والتفاعل معها شعبياً، بسبب استراتيجيتها النضالية المثابرة. ولا شك أن عملية «طوفان الأقصى» عززت دور المقاومة الفلسطينية كحركة تحرير وطني ضد جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، مما سيقوي استمرار الالتفاف الشعبي حولها.


من هنا، فإن الحديث عن ثقافة المقاومة يعني موقفا سياسيا يرفض التعامل مع الاحتلال ويؤمن بضرورة التصدي لعدوانه والتحرك لدحره. 


ولا تشكل العقيدة الدينية بالنسبة للمقاومة مفارقة أو صدفة، بل تأصيل شرعي يلازمها في النضال ولا تحيد عنه، سواء في معاني الجهاد والاستشهاد في سبيل الدفاع عن الشعب والوطن، أم بإضفاء القدسية على المكان والوجوب الشرعي للدفاع عنه. 


«فحماس» حركة تحرر وطنية تصب أولويتها على إنهاء الاحتلال وتقرير المصير من دون أي تناقض بين هويتها الدينية ومهمتها السياسية. 


إن مساندة الإنسان القومي أو الوطني العربي، متديناً كان أم علمانياً، للمقاومة ودعمه لها ينبع من مشاركته للمقاومة «الموقف» وإعجابه بثقافتها، بدون أن يشاركها، بالضرورة، نفس منظورها الفكري، أو ينضم إليها لأنها مؤدلجة بثقافة سياسية وتصورات لكيفية تنظيم المجتمع في الدولة العربية قد لا يوافق عليها، وهي بالمقابل لن تدفع وحدتها الأيديولوجية وانسجامها الفكري القائم، والذي يشكل إحدى مصادر قوتها، ثمناً لانضمام الآخرين إليها. 


ولكن المقاومة مطالبة لاحقاً بتقديم برامج استراتيجية لجهة تصليب الدعم الشعبي وإرسائه على قاعدة النجاح في مهمة التحرير، لأن تحوله إلى دعم سياسي فاعل أمر تحتاجه في مشروعها المقاوم ضد الكيان الصهيوني.


فالعدو ليس كياناً مُحتلاً فقط، أو «دولة» استعمارية بالمعنى التقليدي فحسب، بل هو احتلال استعماري استيطاني إحلالي، يرتكز مشروعه على اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتهجيره وإنكار حقوقه في العودة والتحرير وتقرير المصير، والاستيطان مكانه، بدعم أميركي غربي مفتوح.


ولأن الصراع معه صراع صور ذهنية وقيمية وحضارية أيضاً، فقد رسم الكيان المُحتل لنفسه صورة القوة التي لا تقهر والسلاح الأعتى عتاداً وعديداً، وصاحب التكنولوجيا المتقدمة وواحة الديمقراطية الزائفة.


إلا أن تلك الصورة قد تبددت قوتها وبهتت معالمها بعد 7 أكتوبر أمام صمود الشعب الفلسطيني الأعزل وصلابة المقاومة، مثلما أميط اللثام للعالم كله عن الوجه القبيح للاحتلال الصهيوني.