الشعبوية وغياب المركزية.. هل يؤثران على قرارات الإخوان؟
صنارة نيوز - 21/10/2024 - 10:59 am
الصنارة نيوز–
أكد محللون سياسيون، أنه يتوجب على جماعة الإخوان المسلمين إدراك بأن ما فعلته وصرحت به قبل أيام، حول عملية جنوب البحر الميت منذ أيام، خسرها الشارع الذي كان جزءا منه داعما لها، وأسهم بإيصالها إلى مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة.
وشددوا في تصريحاتهم صحفي ، أنه في الآونة الاخيرة، عاشت جماعة الإخوان حالة إرباك، إلى جانب ظهور خلافات بين قادة التيار الإسلامي، تجلى في بيانين لها متناقضين، بشأن العملية.
المحلل السياسي د. عامر السبايلة، قال إن تضارب بياني الجماعة، ناتج عن عدم وضوح رؤية الأطراف فيها، فالبيان الأول، غالبا يكون الأصدق والمعبّر الرئيس عن فكر مصدريه وتوجههم، لافتا إلى أن ما جرى في هذا النطاق دليل على غياب العمل المركزي والممنهج للجماعة، في ظل الحديث عن تيارات بداخلها، وحالة لا يمكن التعامل معها على أنها سياسية.
وأضاف السبايلة، أنه لا يجوز أن تكون هناك جهة لديها نواب في البرلمان ومكتب سياسي وعقل مركزي، وتنشر بيانات وتقوم بتغييرها كل ساعة، موضحا أن ثمة خللا في هذا الأمر، مشيرا إلى "أن هناك من يعتقد بأن تجييش الشارع وإبقائه في حالة غليان، هو بالنسبة للجماعة، عامل قوة يساعد على تحقيق مكتسبات لهم".
وأشار السبايلة إلى أنه بعد أول بيان، قيل إنه لن يجري السكوت على الأمر، فدخلت الجهة المصدرة له في حالة إرباك، مبينا أن هذا محاولتهم الخروج منها، تشير إلى أن هناك مشكلة أعمق في التعامل معهم.
وزاد "إن كل المؤشرات تشير إلى أن فكرة الصدام مع الإخوان أمر حتمي. فهذه العقلية لا تدعو للعقلانية، ولا تغلب المصلحة العامة على الخاصة"، مؤكدا أن من أصدر البيان، كان يسعى لتحقيق مكتسبات وتحويل الشارع إلى ذراع ضغط، مع محاولة التلويح دائما بتفجيره، مقابل تحقيق مكتسبات.
ولقت إلى أنه بات واضحا، أن هناك محاولات لوضع وصي على الأردنيين من وجهة نظر الجماعة والتحكم بمشاعرهم وتخوينهم، وعمل محاكم تفتيش للناس.
نقيب المحامين السابق مازن رشيدات، قال إن صدور بيانين من الجماعة، أحدهم بتعلق بتبني عملية جنوب البحر الميت والآخر ينفي ذلك، ويقول إن المشاركين في العملية مواطنان شعرا بالذل والعار نتيجة الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، يدل على أن هناك خلافا بين قيادات الجماعة، وثمة من يريد أن يكون من الصقور، وآخر يريد أن يكون من الحمائم.
وأضاف رشيدات، إن هؤلاء اعتقدوا بأنه يمكن الاستفادة من قضية الشهيد ماهر الجازي، بما حصلوا عليه نتيجة ذلك في الانتخابات النيابية الأخيرة، مضيفا "يظهر أن الصورة عكسية، فالدولة لن تسمح بأن يكون هناك تبنٍ لأي جهة قامت بعملية عبر الحدود الأردنية إلى فلسطين".
وأشار إلى أن الجماعة حاولت اكتساب الشعبية مرة أخرى بعد عملية الجازي، لكن ذلك انعكس عليهم سلبا، ما أدى إلى أنه أصبح هناك خلاف داخلهم، وأعتقد بان هذا الخلاف سيظهر للسطح قريبا، مؤكدا بأن هناك قيادات في الإخوان، يؤيدون البيان الأول ويرفضون الثاني، وأنه بات واضحا بأنهم خسروا ويمكن أن ينعكس ذلك على أدائهم في مجلس النواب وبعلاقتهم مع الحكومة والدولة.
وأوضح أن ما جرى، قد يشكّل ردة فعل وإعادة تحجيم لهم مرة أخرى، بعد أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وقد استغلوه على نحو واضح، بخاصة وأن حماس أصلا جزء من الإخوان المسلمين، وقد جرى استغلال الحالة الشعبية عند الأردنيين بمكوناتهم وخلافاتهم السياسية ممن أيدوا عملية طوفان الأقصى.
وأشار رشيدات، إلى أن الإخوان استغلوا هذه الشعبية، لكن يبدو أن الكرة ارتدت إلى مرماهم، كما أن خلافاتهم ستظهر إلى السطح، وتبيّن مدى عمق خلافاتهم، ومحاولتهم استغلال الشعبوية.
فيما أكد المحلل السياسي والإستراتيجي د. منذر الحوارات، أن الشارع وإن كان يصرح شعبويا، لكن عندما يتعلق الأمر بالأردن، يكون متحفظا جدا بعدم ارتكاب أي فعل قد يجر البلاد لمواجهة تؤدي إلى عدم الاستقرار.
وأضاف الحوارات، أنه في الأيام الأخيرة، جعل البيان الأول، الجميع في مأزق، ووضع الدولة في مواجهة تنظيم رسمي، يصرح بأنه يتبنّى هذه العملية، لافتا إلى أن هذا قد يشكل مأزقا خارجيا للأردن في مواجهة الحلفاء والأصدقاء، وتحديدا دول المنطقة العربية، وبالتالي كان يمكن أن يرتب ذلك تداعيات خطرة على المملكة.
وأشار إلى أن البيان شكّل مأزقا للإخوان، لأنه عند تبنيهم مثل هذه العملية، فإنهم سيواجهون تبعات قانونية لمثل هذا التصريح، مؤكدا أن الشارع يتحفظ بما يمس الأمن والاستقرار الأردني، مبينا أن هنالك فئة تتقبل ذلك، وتعتبر بأن ممارسته تشكل عملا بطوليا، لكن بالمجمل، فإن الشارع عقلاني يحبّ الأفعال المتزنة، وإن كان يتحدث بأقوال تكون شعبوية أحيانا.
وقال إن الأردنيين عند "الجد، يفضلون تطبيق الكلمات على الأرض"، موضحا بأن البيان الأول أثار موجة غاضبة جدا ضد التيار الإسلامي، وأن هذه الموجة عبّرت عن نفسها في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كان الكثير من المغردين غاضبين، ويعتبرون بأنه تجاوز الحدود التي يمكن السكوت عنها، بل وذهب الكثيرون للدعوة إلى معاقبته، وآخرون ذهبوا أبعد من ذلك، بأن الجماعة تشكل خطرا على الأردن، ويجب اتخاذ إجراء قانوني بحقها.
وبالنسبة لتعدد البيانات، اعتبر الحوارات بأن ذلك يمثل ارتباكا حول كيفية استثمار الموقف في البداية، ومن ثم الإدراك بأن البيان الأول كان بمنزلة خطأ كبير ارتكبته الجماعة ثم تراجعت عنه، لافتا إلى أن تعدد البيانات يعبر عن الارتباك وغياب هيكل موحّد، وقد يشير لوجود رؤى متعددة فير التيار، وهو ما يمكن تسميتهما تيار الصقور وتيار الحمائم.
وقال الحوارات، "يبدو أن هذه الأجنحة كانت متناقضة في تعبيرها عن الموقف، لذلك وجدنا هذا التباين في بيانيها حول عملية البحر الميت، ولكن في النهاية تغلبت الروح التي تريد إبقاء الجماعة في مسار الدولة وليس خارجها".
وأضاف "وجدناهم يعودون عن البيان الأول، وهو الأخطر، ويبدو أنه جاء بعد دراسة سريعة، بأن الأمر قد يذهب باتجاه تداعيات خطرة على الجماعة، وبالتالي حدث تراجع وما يشبه تصحيح الموقف وإعادة التوازن لموقف الحركة بين المصلحة الوطنية العليا والممارسة الشعبوية".
"الغد"